أولى

لماذا يجب تصديق الرواية الروسيّة حول استخدام الكيميائيّ؟

– قد يبدو الاتهام المتبادل بين موسكو وواشنطن في نيات استخدام السلاح الكيميائيّ مجرد تتمة للحرب الإعلامية الدائرة حول المواجهة بينهما في أوكرانيا، لكن الأميركيين والروس يؤكدون أن اتهاماتهما جدية. ومن الطبيعي القول إن هذه التأكيدات باتهام الآخر لا تحسم الاتهام لأي منهما بقدر ما تؤكد نيّة أحد الطرفين بتأكيد الاتهام تأكيد نيّته بالاستخدام، فمن له مصلحة حقيقية بذلك بينهما؟

– قد تستفيد روسيا نظرياً من دب الذعر من استخدام السلاح الكيميائي في صفوف الأوكرانيين، والرهان على ذلك بضرب الحالة المعنوية للجيش الأوكراني ومناصريه، لكن تجربة الروس مع القيادة الأوكرانية تقول بأن درجة تقدير هذه القيادة للمخاطر على شعبها في اتخاذ قراراتها السياسية والتفاوضية معدومة، وأن حساباتها كلها تنطلق من تلبية الخطة الأميركية في الحرب. وفي هذه الحالة سيكون لتأثير استخدام السلاح الكيميائي منح الأميركيين منصة ما يريدون فعله من هذا الاستخدام.

– في واشنطن يسعون لتوريط موسكو بفعل ذلك، وان لم تفعل فيجب تصنيع فعل يمكن نسبته اليهم. وهذا ليس غريباً على تاريخ الأميركيين، فالحديث عن حياة المدنيين مجرد استهلاك للكلام كما يقول تاريخهم الحربي، تحت شعار الغاية تبرر الوسيلة، وهذا ما قالوه عن قنابلهم النووية على ناغازاكي وهيروشيما اليابانيتين، ولا يزالون يقولونه في تبريره، فموت الآلاف ومئات الآلاف أمر هيّن أمام تحقيق هدف.

– الهدف الأميركي واضح، وهو عدا شيطنة روسيا وإسقاطها أخلاقياً وإنسانياً، وتحريك مؤسسات حقوقيّة وقانونيّة لملاحقتها بجرائم حرب، هو هدف سياسيّ اقتصاديّ كبير بحجم السعي لربح الحرب، ولذلك يجب أخذ التحذيرات الروسية على محمل الجد، فقد بدأت تنشر مقالات وتقارير عما يجب على أميركا فعله اذا تمّ استخدام السلاح الكيميائي، والجواب يكفي للقول إنه كافٍ لتفعلها أميركا.

– يقول الأميركيون إنه اذا حصل وتم استخدام السلاح الكيميائي، فإن ذلك يجب أن يسقط آخر ذرائع ألمانيا ومن يريد مثلها مواصلة استيراد الغاز والنفط من روسيا، وأن حجم الضجة التي سيخلفها العمل سيكون كافياً لمحاصرة أي صوت أوروبي يتهرّب من القطيعة مع روسيا في مجال الطاقة، وأن هذا عند حدوثه سيدفع بسعر الروبل إلى الحضيض قبل أن تتمكّن موسكو من اتخاذ إجراءات بديلة لبيع النفط والغاز، وسيرتب تداعيات على النشاط العسكري الروسي حكماً، وعلى التوازن السياسي لنظام الحكم في موسكو، لكنه بالتوازي سيفتح أبواب أوروبا أمام إمدادات النفط والغاز من مصادر بديلة أهمها الغاز الأميركي بأسعار مضاعفة، ما يعني ضخ مئات مليارات الدولارات شهرياً في شرايين الانكماش الاقتصادي الأميركي من جهة، ويحكم القبضة الأميركية السياسية والاقتصادية على أوروبا من جهة موازية.

– التحضيرات الأميركية لضربة كيميائيّة يمكن اتهام روسيا بتنفيذها على الطاولة.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى