أخيرة

قانا حكاية الدم المنسكب

} عبير حمدان

وجه قانا لم يتبدّل لم يزل يروي حكاية الدم المنسكب بين مفاصل الريح، قد بلغ النزف عامه السادس والعشرين والبعض يستمرّ بمنطق «الحياد» ويبحث عن جدوى قرارات أممية فارغة قوامها الاستنكار والقلق.

هناك في قانا كان الغيم يشتعل والأشجار تصارع موتاً لم يختره الأطفال وهم يتعلقون بأثواب أمهاتهم لحظة العروج إلى سماء لا يلوثها حقد المحتل. هناك ضحكات صداها يسكن العشب المحترق على مشارف القلوب التي لم تعِ قراءة مشهد حفر في ذاكرة الوطن مفهوم الصمود وقدسيّة المقاومة.

هناك في قانا نبض تظلل بخيمة زرقاء فبات سيلاً قانياً تغلل في الأرض التي لا تُستردّ إلا بالقوة، سيلاً من نور ونار، وبيارق عزّ أشرقت ثأراً لنيسان في آيار.

قانا، وكيف ننسى ثقل الغياب وسواد الرايات والضريح الذي خاطب زائريه بألف جرح بأن من كانوا يبحثون عن ملجأ قد عانقوا الأنبياء والرسل ومضوا نحو السماء يحملون في عروقهم وجع السنين المقبلةة وضجيج القرى وأهازيج أفراحهم وألوان أحلامهم ورائحة التبغ والزيتون وعبق زهر الليمون إلى المدى الذي يليق بصلاتهم وترتيلهم.

قانا، الزمن المكسور المضرّج بالرحيل كيف نكتب عنه وماذا نقول لمن ارتقوا عن ملاحم آنيّة تحتم علينا التمسك بالمقاومة بمختلف أشكالها والمتجرّدة من كل الحسابات الفئوية. فالموت لم يعُد مرتبطاً بأزيز الطائرات الحربية والصواريخ الذكية بل أصبح طقساً معنوياً يسكن بين تفاصيل هذا الزمن والبكاء بات افتراضياً كما الاستنكارات والاحتفالات..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى