أولى

فلسطين وعبد الباري عطوان

– من زاوية الذاكرة لا يمكن الفصل بين عبد الباري وفلسطين، ليس لنسبته للجنسية الفلسطينية، بل لأنه من أكثر الشخصيات السياسية والإعلامية والثقافية على مدى نصف قرن مضى تماهياً مع هذه الهوية. وإقامة عبد الباري عطوان في بريطانيا لم تنل لحظة واحدة من هذا التماهي، بل حولت مساحاته المتعددة الحضور مساحات خاصة بفلسطين، وتمكسه برموزها، والتزامه بجعلها عنواناً دائماً لسعيه وكتاباته وإطلالاته، حتى الذوبان.

– الحملة التي تستهدف عبد الباري عطوان لا تنفصل أيضاً عن المحاولة الصهيونية الهادفة لتهميش حضور القضية الفلسطينية المتعاظم في أوساط الرأي العام العالمي والغربي خصوصاً، والبريطاني بالأخص. والتهديدات التي استهدفت عبد الباري عطوان هي في حقيقتها، تعبير عن الشعور بالعجز عن تحمل تبعات الحد الأدنى من مساحة التعبير المتاحة في الغرب، لنشر حقيقة ما يجري في فلسطين وتعريف الرأي العام الغربي على هذه الحقيقة بعيداً عن التشويه الصهيوني المدعوم بحملاته المبرمجة للتزوير من الحكومات الغربية، لكنها في الحقيقة أيضاً اعتراف بحجم نجاح عبد الباري عطوان في الاستثمار المنتج والفعال والذكي لهذه المساحة الضيقة، وجعلها كوة ضوء يطل منها شعاع نور مقدسيّ يصعب حجبه، واعتراف موازٍ بمصداقية عبد الباري عطوان وما يكتب وما يقول لدى شرائح واسعة في الرأي العام الغربي، والقدرة على التأثير في خياراته.

– التضامن مع المثقف المشتبك والشخصية الإعلامية والثقافية العربية المؤثرة عبد الباري عطوان، واجب ومسؤولية، كفرع من أصل الالتزام بفلسطين، وبدرجة اعتبار القضية الفلسطينية قضية الحق الأولى، يجب أن تحضر قضية التضامن مع عبد الباري عطوان كقضية حرية أولى، وهمّ لكل إعلاميّ ومغرد وناشط. فكلما شعر الصهاينة بأن حملاتهم ترتد عليهم بالمزيد من العزلة تراجعوا، وكلما شعر الغرب بأن الاستجابة لهذه التهديدات وتبني مضامينها فضيحة يجب تفادي الوقوع بها، أقام حساباته بدقة أكثر وتمهل وتردد، وكلما نجحنا بتوفير الحصانة لرموز لا يسهل تعويض خسارة مكانتها كما هو الحال مع عبد الباري عطوان، نكون قد أسهمنا بحماية منصات ومنابر مكرّسة لفلسطين.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى