أولى

محور المقاومة إلى تسييل فائض القوة لحساب الشعوب

خلال أسبوع صدرت مواقف من قادة محور المقاومة بدأت تتبلور كخطة، مضمونها استثمار التحولات الجارية في المنطقة والعالم، اكتمال الاستعدادات والتحضيرات اللازمة للمنازلة الكبرى، للانتقال من مرحلة الردع الدفاعيّ، تحت سقف تفادي التدحرج نحو حرب شاملة، إلى مرحلة مضمونها سقوف جديدة ليس فيها حذر من خطر الحرب، بل جهوزية واستعداد لملاقاتها. وفي هذا السياق جاءت معادلة ولّى زمن الرد في المكان والزمان المناسبين، والانتقال الى معادلة الردّ الفوريّ والقوي على أي خطأ أو حماقة، كما قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بلسان المحور، كل المحور، ووفقاً لهذه المعادلة سوّرت القدس بمعادلة الحرب الإقليمية إذا ما تعرّضت المقدسات للخطر والانتهاك المتمادي.

لم يتوقف محور المقاومة عند هذا الحد من التحول، فقد برزت إضافة غاية في الأهمية تعبر عن إدراك عميق لمعنى الاستثمار الذي يقوم به معسكر الأعداء بقيادة واشنطن وشراكة عربية وغربية مع كيان الاحتلال، لتصوير المحور كمسؤول عن تدهور الحياة المعيشية لشعوب المنطقة، وخوض حرب إعلامية تحاول أن تربط كل تحسن محتمل في حياة الناس بالتخلص من قوى المقاومة وما تمثله من خيار، ينال التأييد الشعبي لما وفره من شعور بالكرامة، مقابل شعور بالذل جاءت به المعاناة الاقتصادية الاجتماعية، للقول إن الكرامة الوطنية لا تطعم خبزاً، والكرامة الشخصية والاجتماعية لا تقلان عن الكرامة الوطنية قيمة، وأدركت قوى المقاومة أن الاكتفاء بمساجلة هذا المنطق وكشف زيفه من خلال مقارنات تقدم نماذج التطبيع والاستسلام التي سلكتها دول كانت تقف على ضفة خيار المقاومة، فزادت جوعاً وضياعاً، كما هو حال السودان.

أدركت قوى المقاومة أن عليها تسييل فائض القوة في مواجهة المشروع الذي تقف واشنطن على رأسه، ويمثله كيان الاحتلال بكل توحّشه، في مفاصل تنعكس مباشرة بانفراجات في حياة الشعوب، فاختارت المقاومة في غزة عنوان فك الحصار بالقوة عنواناً لمعركتها المقبلة، واختارت المقاومة في لبنان عنوان ربط مستقبل ثروات الغاز والنفط البحرية بمعادلة الردع، وهكذا صار للفلسطينيين المحاصرين في غزة وللبنانيين الرازحين تحت وطأة الجوع والفقر والعوز، أمل بخلاص من بوابة فائض قوة المقاومة.

المعادلة اليوم هي أن الأميركي والإسرائيلي ومن معهما يعرضون على الفلسطينيين في غزة مقايضة الكرامة الوطنية المحققة بفرضية غير مؤكدة للكرامة الشخصية والاجتماعية، بينما تنتقل المقاومة لتكفلهما معاً، ويعرض الحلف المعادي نفسه على اللبنانيين التخلّي عن مقاومتهم التي تحميهم بوجه خطر العدوان مقابل خيار التسوّل لفتات ما قد يأتي من قروض ومساعدات، بينما تقول المقاومة النفط والغاز بمئات مليارات الدولارات سيكون خلال شهر على الطاولة نحو بدء التنقيب سواء نجح التفاوض أم فشل. والمعادلة هي أن النفط والغاز يضمنان الودائع الضائعة، بينما يضمن السلاح حق استثمار النفط والغاز.

هذا التحوّل يعني اقتراب محور المقاومة من إحداث تحوّل تاريخي في مسار المواجهة، بعدما مثلت الضغوط الاقتصادية الخرطوشة الأخيرة في الحرب التي تخوضها واشنطن لحساب كيان الاحتلال بوجه قوى المقاومة ومحورها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى