أولى

كلمة السيد نصرالله مدوّنة سلوك

بالرغم من دخول الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في كلمته على بعض قضايا السجال، فإن كلمته التقييمية للانتخابات، والاستقرائية لما بعدها، بما في ذلك ما يوضع في خانة قضايا السجال هي أقرب لمدونة سلوك سياسية وشعبية ونيابية.

لا للكذب ولا للافتراء عنوان أول بدا في الظاهر سجالياً، لكنه جزء من مدونة السلوك، ويكفي الأمثلة التي أوردها لإثبات مكانة وصحة الدعوة، من التهمة الباطلة بتأجيل الانتخابات، والتهمة الملفقة بالتسبب بالانهيار، الى نظرية لا انتخابات منصفة في ظل سلاح المقاومة، وصولا لنظرية الاحتلال الإيراني السخيفة والمضحكة، هي رسائل لينتبه اللبنانيون ويحاكموا ما يقال لهم بعين المراجعة، فيتخذوا جانب الحذر تجاه ما يسمعونه في حملات الاشتباك السياسي من أطراف، يثبت اليوم أن حملاتها كانت مجموعة أكاذيب.

حجم التمثيل الشعبي والإرادة الشعبية شيء والحجم النيابي شيء آخر، وهو معيار يقوم على ارتضاء المعادلة النيابية والتعامل معها بالأحجام التي أفرزتها، لكن تنبيه من خطورة تحويلها أساساً معاكساً للقواعد العلمية في التعرف على الأحجام الشعبية للأحزاب والكتل وما تطرحه من شعارات. فحجم التصويت الذي جاء بثمانية نواب في دائرة بيروت الأولى يعادل أقل من حاصل نائبين في دائرة البقاع الثالثة، بمن فيهم النائبان المسيحيان. وبهذا المعيار يجب أن يعترف الجميع بأن أكبر تمثيل شعبي بحجم الأصوات يملكه نواب ثنائي حزب الله وحركة أمل،، وهو وحده من دون الحلفاء، يزيد عن حجم التمثيل الشعبي لكل الخصوم مجتمعين، بمئة ألف صوت على الأقل.

قدر اللبنانيين هو الشراكة والتعاون، والتحدّي هو في قدرة النواب والكتل النيابية، طالما ان عقدة نيل الأغلبية قد أزيحت من الطريق، فلا الساعي إليها نالها ليضع البلد أمام خطر المواجهة، ولا من كانت معه أعاد تجديدها ليقال له احكم وحدك، وصار طريق إقلاع المؤسسات وقف على توافق وتراضي الأطراف على وضع قضايا الخلاف المستعصية جانباً، لصالح أولوية مواجهة تحديات داهمة تهدد حياة الناس وتحتاج تعاون الجميع.

في مخاطبة الناس وتقدير الوفاء، وفي الحديث عن الحلفاء الذين لم يفوزوا، كمية أخلاق وقيم، لكن يبقى الأهم التوقف أمام ظواهر شاذة، والدعوة لوقفها، من إزعاج الناس بمسيرات الدراجات في ساعات متأخرة، وقد انتهت فترات الحاجة للتعبئة، الى توجّه التظاهرات نحو أحياء تتسبب باستفزازات، الى الهتاف الذي لم يعد مقبولاً لفجاجته الطائفية “شيعة شيعة”، وهو يضعف مكانة الهوية والانتماء ويسيء اليهما كما يستفز الآخرين، وانتهاء بإطلاق الرصاص او الصمت عن إطلاقه بذريعة الاحتفال بنصر او فوز.

مرة أخرى يتقدم السيد نصرالله كقائد مسؤول، ومرجع حكيم، ومصدر تأثير أخلاقي على السياسة والناس، وهو ينتج مدوّنة سلوك لمرحلة ما بعد الانتخابات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى