مانشيت

نصرالله للتهدئة والتعاون مسؤوليّة… ونحو قانون انتخاب لا طائفيّ ونسبيّ ولبنان دائرة واحدة / الثنائيّ للتشاور بين الكتل نحو سلّة مجلسيّة تمثل الجميع تضمّ الرئيس ونائبه ورؤساء اللجان / بوصعب حاصباني وخلف في سباق نائب الرئيس… ونواب التغيير يتشاورون لتشكيل كتلة /

كتب المحرّر السياسيّ

حطت المعارك الانتخابية رحالها، وأنهى كل طرف معركته الإعلامية لتوظيف نتائج الانتخابات في قراءة يوجّهها نحو الداخل والخارج تؤكد مقارباته، إن لم تستطع تأكيد انتصاره، بعدما صار محسوماً أمر فشل محاولة نيل الأغلبية اللازمة لتشكيل حكومة مواجهة مع المقاومة، كما صار محسوماً تعادل القوى في الساحة المسيحية بين القطبين الكبيرين، التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، وانتهت الرهانات على محاولات شطب التيار الوطني الحر أو إضعافه الى حد التهميش، بعدما تمّ تحويله الى هدف حر للرماية خلال سنتين ونصف منذ 17 تشرين الأول، واعتباره الخاصرة الرخوة التي يمكن لزعزعة مكانتها المسيحية توجيه اصابة بالغة للمقاومة، وصارت حدود الاستثمار الممكن في نتائج الانتخابات وتوظيفها، محصورة بالتباهي بفوز هناك أو تسجيل نقطة على الخصم بخسارة هناك، فتباهى التيار بنتائج عكار، ومثله فعلت القوات اللبنانية بفوز بعلبك، وسجل التيار على القوات خسارتها لمقعد في بشري، وسجل عليها خسارتها في جزين، وتباهت قوى التغيير والمجتمع المدني بفوزها، في بيروت والجبل والجنوب والبقاع، وبالمقابل صارت قوى التغيير موضع تندّر بتركيبة لوائحها التي حملت مفاجأة فوز النائب فراس سلوم عن المقعد العلوي في الشمال وظهوره مدافعاً عن المقاومة وسورية، لكن بالنسبة للجميع يفترض أن تكون قد انتهت السكرة وجاءت الفكرة، وباتت على الجميع الإجابة عن سؤال حول خريطة الطريق للمرحلة المقبلة، فلا استحقاق انتخابيّاً قريباً يسمح لأحد بالقول نحتكم غداً للانتخابات والانتخابات انتهت بالأمس، فما هي خطة العمل، غير القدرة على الاستمرار بالمناكفات والسجالات، وتثبيت العجز والفشل، فلا أكثرية نيابية قائمة عفوياً لصالح حلفاء المقاومة، كما كان الحال قبل الانتخابات، يمكن أن تتجه نحوها الأنظار لمطالبتها بتشكيل حكومة وتحمل مسؤولية الحكم، ومَن كان يرغب بنيل الأغلبية لفتح باب المواجهة مع المقاومة فشل في مسعاه، ولا إمكانية لولادة حكومة الا اذا حدث توافق ينتج أغلبية، ولا يكفي لإنتاج هذه الأغلبية أن تلتقي القوات اللبنانية والكتائب ومسيحيي قوى 14 آذار مع مَن يؤيد طروحاتهم لمواجهة المقاومة من قوى التغيير، فمجموع هؤلاء أقل من ثلث مجلس النواب، وليسوا فقط أقل من نصفه المطلوب لنيل الأغلبية، وقوى المقاومة لن تسعى لتشكيل أغلبية بالتعاون مع شخصيات وسطية وبعض نواب التغيير، تحت عنوان مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية وتتحمل المسؤولية، فيما يقوم خصومها بالتفرّج والتهرب من المسؤولية، وتسجيل النقاط.

هذه العناوين كانت محور رئيسي في كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، التي خصصها لتقييم نتائج الانتخابات ورسم آفاق ما بعدها، حيث دعا السيد نصرالله إلى اولوية التهدئة، والانتقال الى البحث في كيفية تحمّل المسؤولية، شارحاً حجم التحديات التي تفرضها أولويات الناس، في الكهرباء والمحروقات والخبز وسعر الصرف ومصير الودائع، ودعا نصرالله للتمييز بين الأحجام النيابية والأحجام الشعبية للقوى السياسية، في ظل قانون انتخابات قائم على عدم اعتماد معايير موحّدة في توزيع الدوائر بقياس عدد ناخبيها وعدد نوابها وبالتالي عدد الأصوات اللازم لنيل مقعد نيابي فيها، ليقول إن المعادلة الديمقراطية اللبنانية لن تستقيم حتى يعتمد قانون انتخاب خارج القيد الطائفيّ على أساس التمثيل النسبيّ في لبنان دائرة واحدة.

الاستحقاق الأول الذي أوحى كلام السيد نصرالله بأنه يحتاج إلى تدوير الزوايا والتفاهمات والنقاشات الهادئة، هو انتخاب رئيس ونائب رئيس لمجلس النواب، وانتخاب هيئة مكتب المجلس ورؤساء اللجان النيابية، فيما قالت مصادر نيابية إن ثنائي حركة أمل وحزب الله يتجه لبدء تشاور مع الكتل النيابية بلا استثناء للتداول في فرص التوافق على سلة متكاملة تضمن توزيعاً عادلاً يتمّ الإجماع عليه يراعي التوازنات الطائفية وأحجام الكتل النيابية، بينما بدأت الكتل تتسابق على الترشيحات، خصوصاً لمنصب نائب الرئيس الذي أعلن التيار الوطني الحر ترشيح النائب الياس بوصعب لنيله، ومثله فعلت القوات اللبنانية بتسمية النائب غسان حاصباني مرشحاً، بينما تحدثت الكتل التغييرية عن التداول بترشيح النائب ملحم خلف لمنصب نائب رئيس المجلس، خلال اجتماع ضم أعضاء جميع الكتل الجديدة، تحت عنوان البحث في الانضمام لكتلة واحدة، وبقيت العقدة التي ستتحكم بترجيح كفة المرشح الأبرز لمنصب نائب رئيس المجلس تتمثل بمعرفة مَن يسبق الآخر للتفاهم مع الثنائي على السلة المجلسيّة بين المتنافسين، فيسير بتسمية الرئيس نبيه بري كرئيس للمجلس الجديد مقابل نيل دعم الثنائي لدعم ترشيح من اختاره لمنصب نائب الرئيس، ليتقاسم الآخرون مناصب رئاسة اللجان المهمة، خصوصاً لجنة المال والموازنة ولجنة الإدارة والعدل.

وأكد السيد نصرالله أن جمهور المقاومة الوفيّ أمّن شبكة الأمان السياسية والشعبية للمقاومة وسلاحها في الانتخابات النيابيّة، رغم كل التهويل والتهديد لإخافة الناس.

وفي كلمة تناول فيها آخر المستجدّات بعد صدور نتائج الانتخابات النيابيّة توجّه نصرالله لجمهوره بالقول: “لقد أمنتم شبكة الأمان السياسية والشعبية المطلوبة للمقاومة وسلاحها مقابل الاستهداف المعلن والواضح”، معتبرًا أن “رغم كل التهديد والتهويل لتخاف الناس وتتراجع لم يؤدِ الى نتيجة، والحضور الكبير في المهرجانات الثلاثة كان جوابًا، والحضور الكبير يوم الاقتراع كان جوابًا.. والنتائج التي صدرت كانت جوابًا أيضًا”.

واعتبر نصرالله أن هذا الإنجاز يأتي بعد هجمة إعلامية ونفسية كبيرة علينا وعلى حلفاء المقاومة والضغوط الاقتصادية وافتعال الأزمات، لافتًا إلى أن “النتائج الكبيرة تعطي رسائل قوية حول التمسك بالمقاومة والمعادلة الذهبية والدولة العادلة والقادرة والإصلاحات والسلم الأهلي والعيش الواحد وأولوية معالجة الأزمات الحياتية والاقتصادية”.

ورأى أن “حجم الأزمات الموجودة بالبلد المالية والنقدية والاقتصادية والحياتية لا يستطيع فريق وحده علاجها حتى لو حصل على الأكثرية، واليوم نحن أمام مجموعة كتل نيابية وقوى سياسية ونواب جدد ونواب مستقلين. قد تكون مصلحة لبنان والشعب اللبناني في ما حصل. أن لا يحصل هذا الفريق على أكثرية ولا ذاك، إذ لا يوجد فريق سياسي اليوم بالبلد يستطيع الادعاء أن الأغلبية النيابية معه”.

وأشار الى أن “ما حصل في ما يتعلق بموضوع المقاومة هو انتصار كبير نفتخر ونعتزّ به خصوصًا عندما نرى ظروف المعـركة وما استُخدم وما أنفق فيها”.

واعتبر أن “حجم الأزمات الموجودة بالبلد المالية والنقدية والاقتصادية والحياتية لا يستطيع فريق وحده علاجها حتى لو حصل على الأكثرية، وأنه عندما لا تكون الأكثرية عند أحد يعني الكل مسؤول ولا يجوز لأحد التخلي عن المسؤولية.. أهون شيء المعارضة والتنظير ولا كلفة لها”، داعيًا إلى تهدئة السجالات السياسية، انتهت الانتخابات وكل ما يجب أن يُقال بعد الانتخابات قيل أيضًا”.

وحول أزمة الوقود والغذاء في البلد، اعتبر نصر الله أن “العالم كله ذاهب الى أزمة الوقود الذي ارتفع سعره، والقمح ارتفع سعره وهناك أمور قد تنقطع من الأسواق، نستطيع أن نساجل لسنوات وإذا تعتقدون أننا بدفاعنا عن المقاومة وسلاحها سنكلّ أو نملّ ونستسلم فهذه خيالات لكن السجالات لا توصل الى مكان”.

ولفت نصرالله إلى أن “الأكاذيب انكشفت من قبل الانتخابات، إذ كانت التهمة لكل فريقنا السياسي وبنسبة أعلى للتيار الوطني الحر وبنسبة أقل لحزب الله وحركة أمل بأن فريقنا لا يريد إجراء الانتخابات، والكذبة الثانية هي إجراء الانتخابات في ظل السـلاح.. عام 2005 وعام 2009 أجريت انتخابات وأخذتم الانتخابات في ظل السـلاح واليوم عام 2022 أنتم تحتفلون بنتائج انتخابات في ظل السلاح.. أما آن لهذه الكذبة وهذا الكذاب أن يخجل؟”.

وفي ما خصّ كذبة الاحتلال الإيراني قال: “رأينا السفيرة الأميركية تجول على مراكز الاقتراع وتشكل لوائح والسفير السعودي كان أنشط ماكينة انتخابية في لبنان”، معتبرًا أن الازمات لا تعالج إلا من خلال الشراكة والتعاون بمعزل من الخصومات، فلنذهب الى نقاط الاتفاق والتعاون”.

وتابع نصرالله: “أصوات لائحة الأمل والوفاء في بعلبك الهرمل والجنوب الثالثة وفي الزهراني صيدا وصور ومرشح الثنائي في زحلة طلعوا أكثر من نص مليون صوت”، متسائلاً: “هل أنت الذي ليس لديك سوى كم ألف صوت تتكلم باسم الشعب اللبناني؟”، وأضاف: “بعد الانتخابات هل من أحد يحمل أكبر نسبة بالمسؤولية عن الأزمات الحالية ويأخذ دعمًا من السفارات ويشكل لوائح ويدعمها في كل لبنان ولم يحصّل الا نائبين أو ثلاثة يخرج ليقول الشعب اللبناني لفظ المقاومة في الانتخابات.. ما هذه الوقاحة؟”.

ولفت نصرالله الى أنه “يمكن القول إن عدد النواب لأي جهة يعبر عن الخيارات الشعبية والإرادة الشعبية في حالة واحدة هي أن يكون قانون الانتخاب على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة وخارج القيد الطائفي وبتمثيل نسبي وشباب وصبايا الـ18 ينتخبون”، ورأى أن “توزيع الدوائر تمّ بهذا الشكل غير العلمي لأنها تقصّ وتلزق وفق مصالح بعض الزعماء السياسيين”، لافتًا الى أن “المغالطة هي الخلط بين الحجم الشعبي وعدد النواب. وهذا في لبنان غير صحيح لأن النظام الانتخابي والسياسي طائفي والأسوأ أن تقسيم الدوائر الانتخابية لا تقسم على معيار علمي بل لا معيار في التوزيع”.

بدورها، دعت كتلة “الوفاء للمقاومة” النيابية، في أول اجتماع لها بعد الانتخابات “كل القوى والتيارات والجهات السياسية المتنافسة، إلى وقف السجالات الانتخابية، والتوجّه فوراً نحو مباشرة الاهتمام العملي للنهوض بالوضع البائس للمواطنين وبالوضع المتردّي للدولة ولمؤسساتها التي هشّمتها الأزمة الاقتصادية لغاياتٍ ومآرب سياسيّة أرادت أن تستهدف الخيارات الوطنيّة للبنانيين ولم تتورّع عن التلاعب بسعر العملة الوطنية وبالغذاء والدواء وكلفة العيش وشلّ الإدارة من أجل الضغط لتبديل تلك الخيارات أو التخلي عنها، وتسويق خياراتٍ انهزاميّة مموّهة تتناقض مع المصالح الوطنيّة للبنان واللبنانيين عموماً”.

وجدّدت الكتلة “التزامها العمل من أجل مصلحة لبنان السيد الحر المقاوم ومن أجل صون كرامة اللبنانيين وإعادة بناء دولتهم التي تحترمهم وتقوم بواجباتها إزاءهم على صعيد توفير الأمن والغذاء والصحة والتعليم والعمل والتنمية. وتتعهّد أن تلتزم سياسة حزب الله وتوجيهات سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله في كل مواقفها وأدائها”.

بدوره، لفت رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلى “أننا كنا حاسبين 3 و”طلعلنا 2” بعد خرق من قبل قوى التغيير الذين لا نعتبرهم أخصاماً وأهلاً وسهلاً بهم وأنصحهم بأن لا يضعوا شروطاً على أنفسهم كي لا يصبحوا معزولين لأن الواقع شيء والمثاليات شيء آخر”.

وقال “زمطنا بريشنا” بعد هذه المعركة الغريبة العجيبة”، مضيفًا في مؤتمر صحافي: ارتضينا هذا القانون، لكن يجب أن يتم تغييره فهو بحاجة لـ3 أيام و30 كومبيوتر لإجراء الحسابات. وأردف “علينا أن ننظر إلى الأمام لنرى كيف يمكن إنقاذ بلدنا وإذا لم نشارك كلنا في حكومة وحدة وطنية “بكربج” البلد وعلينا أن نتحاور وأن ننفتح على بعض”.

وأكد فرنجية أن “لا علاقة لنتيجة الانتخابات بحسابات الرئاسة ومن ليس معه الأكثرية معه الثلث المعطّل ومن اليوم الأوّل تمّ طرح اسمي ولم أطرح نفسي مرشحاً للرئاسة”.

ولا يزال المشهد الداخلي تحت تأثير نتائج الانتخابات النيابية وأبعادها السياسية وطبيعة التحالفات في المجلس الجديد وأثرها على الاستحقاقات المقبلة، بدءاً برئاسة المجلس النيابي ونائب الرئيس وهيئة مكتب المجلس واللجان النيابية للانتقال بعدها الى استحقاق تكليف وتأليف حكومة جديدة.

وإن كان الاصطفاف السياسي لأغلب الكتل النيابية التي تمثل الأحزاب السياسية ظاهراً بوضوح في المجلس الجديد، فإن العيون منصبّة على النواب المحسوبين على قوى التغيير والمجتمع المدني لجهة مواقفهم واصطفافهم حيال العناوين المحلية والقضايا السياسية الكبرى والاستراتيجية والسيادية، وما إذا كانوا سينضوون ضمن تكتل نيابي واحد أم ضمن تكتلات عدة.

وأفادت وسائل إعلام أن 14 نائباً من “قوى التغيير”، عقدوا اجتماعاً أمس في أحد فنادق بيروت لتشكيل كتلة، ودراسة الخيارات المقبلة في استحقاق رئاسة المجلس واستشارات التكليف وغيرها من الملفات.

وتوقعت مصادر نيابية لـ”البناء” أن تبدأ المشاورات حول استحقاق رئاسة المجلس مطلع الأسبوع المقبل، مشيرة الى أن “الاتفاق سيشمل رئاسة مجلس النواب ونيابة الرئيس وهيئة مكتب المجلس واللجان النيابية ضمن سلة واحدة”، لافتة الى أن غياب أي مرشح شيعي منافس للرئيس بري سيفرض على كافة الكتل النيابية انتخاب بري أو تأمين النصاب لعقد الجلسة لإنجاز هذا الاستحقاق كمدخل لإنجاز بقية الاستحقاقات”، وأوضحت أن الميثاقية تفرض على الجميع الموافقة على رئاسة بري للمجلس ما دام ثنائي أمل وحزب الله متفقاً على هذا الأمر، كما احترم الثنائي الطوائف الأخرى أكان المسيحيين في رئاسة الجمهورية أو السنة في رئاسة الحكومة”. ووصفت المصادر مواقف التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية برفض انتخاب بري، في اطار رفع السقف التفاوضي لمقايضة كل واحد منهما، الثنائي بتجيير أصواته لبري مقابل الحصول على نيابة رئاسة المجلس.

وفيما رشحت “القوات” النائب غسان حاصباني لهذا المنصب، أعلن عضو “تكتل لبنان القوي”، ألان عون أن “مرشحنا الطبيعي لمنصب نائب رئيس مجلس النواب هو النائب الياس بو صعب وهناك توازنات جديدة في المجلس وسنرى موقف القوى التغييرية”.

وأعلن النائب ملحم خلف أنه لا يسعى لمنصب نيابة رئاسة المجلس، وتوقعت مصادر “البناء” أن يؤول هذا المنصب الى النائب الياس بوصعب ضمن اتفاق بين ثنائي أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر الذي قد يترك الحرية لأعضائه بهذا الاستحقاق.

وتواصلت المواقف الدولية المرحبة بإنجاز الاستحقاق الانتخابي، والداعية الى إنجاز الاستحقاقات المقبلة بسرعة.

فقد حضّت الخارجية الفرنسية في بيان “جميع المسؤولين اللبنانيين على تعيين رئيس مجلس وزراء من دون تأخير وإلى تشكيل حكومة جديدة لكي تتخذ التدابير الضرورية للنهوض بالبلاد ولكي تقدّم حلولاً يُعتدُّ بها تلبي تطلعات السكان، ولا سيّما بالاستناد إلى الاتفاق الإطار الموقّع مع صندوق النقد الدولي”.

وغرّدت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في لبنان ومنسقة الشؤون الإنسانية نجاة رشدي عبر “تويتر”: “الانتخابات النيابية هي مكسب كبير لشعب لبنان! فنتائجها ليست مكسبًا فرديًا أو مكسبًا لحزب سياسيّ ما، بل ربح حقيقي للبنان. آمل أن يؤدي ذلك إلى مكاسب إصلاحية قيّمة وإلى مستقبل أفضل لشعب، كما أتمنى أن يؤدي إلى استقطاب الأدمغة من جديد مقابل الآثار الفادحة لهجرة الأدمغة التي شهدها”.

وفور انتهاء العملية الانتخابية فوجئ اللبنانيون بتفجر مجموعة من الأزمات دفعة واحدة، فغداة ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، الى ما فوق الـ30 ألف ليرة، سجلت أسعار المحروقات ارتفاعاً جنونياً، لا سيما البنزين والمازوت، وسط إقفال المحطات أبوابها ورفع خراطيمها للحفاظ على مخزونها بانتظار صدور جدول الأسعار الجديد لتحقيق أرباح إضافية، فيما عادت أزمة الطحين والخبز الى الواجهة بقوة مع إقفال المطاحن والأفران وفقد الخبز من الأسواق طيلة يوم أمس. وتفاقمت أزمة الكهرباء الى حدود العتمة الشاملة في مختلف المناطق.

وتخوفت أوساط سياسية واقتصادية من عودة الأزمات دفعة واحدة، متهمة عبر “البناء” جهات خارجية وقوى سياسية ومالية داخلية بالعودة الى الخطة الماضية قبل مرحلة الانتخابات التي شهدت بعض الاستقرار بتوجهات خارجية ومراجعة سياسية لبنانية، أي خطة الحصار المالي والاقتصادي واستخدام سلاح الدولار والمحروقات ولقمة عيش المواطن في الضغط السياسي على قوى المقاومة وعلى الدولة اللبنانية لتطبيق الشروط الدولية لا سيما ملف ترسيم الحدود وسلاح حزب الله وتوطين اللاجئين الفلسطينيين ودمج النازحين السوريين مقابل حصول لبنان على ثلاثة مليارات دولار من صندوق النقد الدولي على 4 سنوات مع شروط مالية اقتصادية قاسية. مذكرة بقول رئيس حزب “القوات” سمير جعجع “انتخبونا بينزل الدولار”، وتساءلت: “هل جاءت نتائج الانتخابات بغير ما تشتهي واشنطن فأوعزت الى أدواتها السياسية والمالية والنقدية والمصرفية في لبنان بإعادة تحريك الدولار”.

وأعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في بيان، أن “المجلس المركزي وافق على تمديد مفاعيل التعميم الاساسي رقم 161 لغاية نهاية شهر تموز 2022 قابل للتجديد”. كما أكد أن “التعاطي بالأوراق النقدية بالدولار الأميركي مقابل الأوراق النقدية بالليرة اللبنانية مستمر مع المصارف من دون سقف محدّد على سعر منصّة Sayrafa. وفور صدور هذا التعميم انخفض سعر الصرف الى ما دون الـ 31 ألف ليرة ليقفل مساء أمس على 30500 ليرة.

وكشفت جهات نقابية أن “هناك 35 الف طن من القمح في لبنان تكفي من 3 أسابيع الى شهر، وبعد شهرين سيكون الحصول على الدعم المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي (بالنسبة لدعم القمح)، ووزارة الاقتصاد أكدت أنها ستتولى إدارة الأزمة بأقل الأضرار الممكنة، علما أننا قد نقع في بعض المطبات بالمرحلة المقبلة”.

وأكّد نقيب الأفران في جبل لبنان انطوان سيف أن “الافران لا تمتلك كمية كبيرة من الطحين وهي لا تكفي إلا أياماً عدة بحسب حجم الفرن وكمية استهلاكه”. وقال في حديث اذاعي: “وقعنا في الأزمة و6 مطاحن متوقفة عن العمل بسبب عدم دفع ثمن القمح في الإهراءات”. من جانبه، أشار رئيس تجمّع المطاحن أحمد حطيط الى “اننا عقدنا اجتماعاً مع وزير الاقتصاد لحل المشكلة وقال إنه سيطلب من مجلس الوزراء الجمعة زيادة الاعتمادات لتحويل البواخر الأخرى لكن لا نعلم إذا كان الوضع يحتمل حتى الجمعة وبعض المطاحن تسلّم الطحين وأخرى لا تسلّم المادة لذلك هناك أفران لا تملك الطحين ولا تسلّم الخبز”.

واصطفت السيارات أمس، في طوابير أمام المحطات. وأوضح عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس أن “البنزين متوافر في مستودعات الشركات وفي بواخر في البحر”. وأكد أننا “لسنا في أزمة محروقات في لبنان، لأن الموضوع متعلق ببعض التأخير بإنجاز معاملات صرف الدولار للشركات المستوردة من قبل المصارف وفقاً لمنصة صيرفة ويجب أن يحل الموضوع سريعاً”. وأضاف أن “ الشركات توزع البنزين بكميات محدودة وبعض المحطات انقطعت من المواد بسبب تأخّر تسليمها”.

وعزت مؤسسة كهرباء لبنان زيادة التقنين الكهربائي، الى استهلاك مخزونها من الفيول، بعد رفع القدرة الإنتاجيّة لتغطية فترة الانتخابات النيابية.

على صعيد آخر، أعلن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية أن الرئيس ميشال عون غادر مستشفى “وتيل ديو” صباح اليوم (أمس) وعاد إلى قصر بعبدا بعد انتهاء الفحوص الطبية والصور الشعاعيّة التي أجراها. هذا واتصل الرئيس بري بعون مطمئناً الى صحته.

ويعقد مجلس الوزراء غداً جلسة في بعبدا برئاسة عون ستكون الأخيرة قبل تحول الحكومة الى تصريف أعمال ومن المتوقع أن تقرّ مجموعة من البنود في مختلف الملفات المالية والاقتصادية والحياتية الملحة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى