أخيرة

جدري القردة…؟

} د. حسان الزين

لم تسترح البشرية بعد من تداعيات جائحة كورونا وتكاليفها الباهظة حيث حصد الفيروس ملايين البشر وأرهق النظام الصحي في عالم ما بعد الحروب البيولوجية وأثنائها، فلقد أطلق على عالمنا عالم ما بعد كورونا والذي يمكن ان نسمّيه عالم ما بعد الحروب الفيروسية أو مصطلح ترويض البشرية وتأطير الدول والمجتمع الإنساني بأدوات أكثر دهاءً كالأسلحة البيولوجية والحروب فيروسية والبكترية.

لم ينته الجدل من أين أتى وما هو مصدر كورونا حتى بدأت تفشيات لفيروسات أخرى وأمراض مختلفة تظهر في أماكن متفرّقة من الكرة الأرضية، هذا الجدل الذي صحب الحرب الروسية الأميركية على الأراضي الاوكرانية وما تقدّمت به روسيا في مجلس الأمن حول مصانع الأبحاث ومعامل إنتاج الفيروسات أزوفستال، ما زال يطرح المئات من الأسئلة حول نظرية المؤامرة وقوة حضورها بأنّ هذه الجائحات هي صنيعة البشر وما جنت أيديهم .

وقد أطل علينا منذ أسابيع مرض جديد اسمه مرض النسناس او جدري القردة!

من أين جاءت التسمية لفيروس Monkey pox جدري القردة؟

ينتمي هذا الفيروس الى فصيلة الجدري العامة poxvírus لمرض الجدري الذي تمّ القضاء عليه في العام ١٩٨٠ بسبب اللقاح، وهو أول مرض شديد العدوى ينتهي بعدما كبّد البشرية مئات الملايين من الضحايا وقد تمّ اكتشافه على القردة في مقابل جدري البقر.

أين يستوطن هذا الفيروس وأين مصدره الأول…؟

لقد اكتشف للمرة الأولى عام ١٩٥٨ عند قرود المكاكا الآكلة للسلطعونات في مختبر العصبيات وفقط في مطلع السبعينات تمّ اكتشاف أول حالة عند الإنسان في الكونغو .

ينتشر هذا المرض بين الحيوانات في شرق وغرب أفريقيا في غابات الأدغال وخاصة القوارض والسنجاب حيث تمّ تسجيل عدة فاشيات في أفريقيا نيجيريا والكونغو وأميركا.

كيف ينتقل المرض…؟

ينتشر جدري القرود من خلال اصطياد الحيوانات في الأدغال أو خلال عضّ أو خدش او انتقال سوائل الجسم من الفريسة الملوّثة، وهناك تأكيدات انّ التواصل الحميم مع شخص مصاب يمكن ان يؤدّي الى تفشي المرض.

أو من خلال البثور او عبر رذاذات التنفس والمرض ينتقل بين الحيوانات نفسها وبين الحيوان والإنسان وبين الإنسان والآخرين من بني جلدته.

ما هي عوارض المرض؟

المرض ينقسم الى مراحل…

1 ـ مرحلة حضانة المرض ٦ حتى ١٦ يوماً.

2 ـ مرحلة العوارض خلال ٥ أيام تظهر عوارض مثل الحرارة ووجع الرأس العضلات والقشعريرة وتضخم اللمفاويات.

3 ـ المرحلة الثالثة بعد أقل من ثلاثة أيام وهي الأهمّ ظهور الطفح الجلدي والبثور الملأى بالسوائل وخاصة على الوجه واليدين.

العلاج… المرض يبقى لمدة أربعة أسابيع

لا يوجد علاج واضح له بل يمكن لبعض الأودية ان تحدّ من حدة المرض.

 هل هناك وقاية؟

الوقاية العامة والنظافة العامة، وعدم أكل اللحوم بدون طهي جيد، وتجنّب الحيوانات المريضة، والحجر قد يكون فعّالاً، فتلقيح الجدري يُعتبر فعّالاً بأكثر من 85%.

المرض هو خطير عند الأطفال بحيث تصل الوفيات الى ١٠ بالمئة، ولا يعتبر هذا الفيروس سريع الانتشار إلا اذا كانت هناك طفرة جديدة تطوّرت او طوّرت في أحد المعامل البيولوجية.

لذلك يطرح السؤال التالي هنا؟

انّ توزع الانتشار بهذه السرعة في أكثر من ١٢ دولة وفي مجموعات جغرافية متعدّدة من هذا العالم يطرح السؤال بقوة عن سبب قوة الانتشار التي حتى الآن غير واضحة وستظهر في الأسابيع المقبلة، فالتحذير من خطورة الفيروس لأمر يشجع عليه الأطباء والمراكز الصحية ويجب التعامل معه بجدية وخاصة انّ بعض الحالات لا علاقة لها بأفريقيا وهنا مربض الفرس؟

ما هي أهمّ استراتيجيات التعامل مع المرض؟

انّ طرح استراتيجيات متعددة وموسعة لاحتواء المرض هي من ضمن مهام الدولة ووزارة الصحة إلا أنّ أهمّها هي الوعي الجمعي حول المرض والوعي الصحي وإنشاء سلسلة مترابطة واضحة ومحدّدة .

فهل نحن أمام جائحة لجدري القردة كما كان كورونا.

فالأيام المقبلة هي كفيلة بالحراب الشافي…

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى