نقاط على الحروف

اقتراب الطلقة الأولى في حرب إقليميّة

 ناصر قنديل

– يعرف الذين يعطون الأحداث حقها أن المبالغات العراقية واللبنانية في قدرة الانتخابات في لبنان والعراق على تشكيل منعطف مصيريّ ومفصليّ لا تعبر عن حقيقة الواقع، وأن الأحداث الجارية في العالم والمنطقة ترسم مسارات يغفل عنها الغارقون في التفاصيل والشكليات، لن يكون لبنان والعراق بمعزل عنها. فالحرب الجارية في أوكرانيا جذبت العالم كله نحو مرحلة جديدة حدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عنوانها، إنهاء القطبية الأميركية الأحادية المهيمنة على العالم، وبات واضحاً أن هذا العنوان يعيد رسم التوازنات والمعادلات في منطقتنا، حيث الأميركي يعيد ترتيب أوراقه على قياس المواجهة العالمية الكبرى، التي تدق أبوابه بيدين عملاقتين روسية وصينية، ما يضعف مكانة المنطقة في حساباته من جهة، ويخلق وزناً مضافاً لصالح توازناتها الإقليمية المعاكسة لمصالح حلفاء واشنطن، ما يدفع بعضهم لترتيب أوضاعهم عبر التسويات مع القوى الصاعدة في الإقليم وفي طليعتها إيران، كما تفعل السعودية، ويدفع بعضهم الآخر الى الشعور بالذعر الذي بشروا به بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان، ويتصرفون بوحيه اليوم، بصورة تعبر عن عدم التوازن، والوقوع في ارتكاب الحماقات كما هو حال كيان الاحتلال.

– تضيف تداعيات حرب أوكرانيا على المنطقة، الى الذعر الإسرائيلي من الانكفاء الأميركي، تصاعداً في التباينات الروسية الإسرائيلية، وتصاعداً في الأداء الروسي الضاغط على واشنطن في الكثير من الساحات، بحلفائها الأشد قرباً، ومنهم كيان الاحتلال، ما جعل ملف التصعيد الذي يحكم مسار العلاقة بين موسكو وتل أبيب مرشحاً للمزيد، أوضح بعض المتوقع منه ما قاله الملك الأردني بعد زيارته لواشنطن وهو يحمل ملف القلق من تطورات دراماتيكية في سورية، ليكشف لاحقاً عن معطيات ومؤشرات على قرار روسي بالانسحاب من جنوب سورية، وانتشار قوات إيرانيّة وحلفاء لإيران، مكان القوات الروسية المنسحبة، وخشيته من تداعيات خطيرة تنجم عن هذه الخطوة، ليس من بينها فقط قلق الملك الأردني من تحول حدود الأردن الشمالية إلى منطقة تنتشر فيها القوات الإيرانيّة، بل أكثر ما يقلق هو خطر انفجار مواجهة عن مسافة صفر بين إيران وكيان الاحتلال.

– سبق تداعيات الحرب في أوكرانيا على المنطقة، تصاعد المواجهة بين محور المقاومة وكيان الاحتلال، عبرت عنه مواقف قادة محور المقاومة، سواء لجهة الرد على أي اعتداء بصورة فورية وقوية، كما قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أو لجهة ما أعلنه رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيي السنوار، حول نية إنهاء حصار غزة بالقوة إذا تعذّر على الوساطات الأممية والإقليمية تحقيق ذلك، وجاءت هذه المواقف على خلفية مسار تصاعديّ في المقاومة الشعبية والمسلحة التي يخوضها الفلسطينيون بوجه جيش الاحتلال. وجاءت زيارة الرئيس السوري بشار الأسد الى طهران علامة فارقة على مستوى من التعاون والتنسيق كثرت التخمينات حول ارتباطه بتحضيرات معينة ليست بعيدة عن ما لحقه من إعلان الملك الأردني حول انسحاب روسيّ من جنوب سورية، وانتشار قوات لإيران وقوى المقاومة بدلاً منها، وليست بعيدة عن معادلات محور المقاومة في مواجهة كيان الاحتلال، ومكانة سورية والجولان فيها.

– يأتي اغتيال العقيد في فيلق القدس من الحرس الثوري الإيراني حسن صياد خداياري، وما تبعه من تصعيد في المواقف الإيرانيّة بوجه جيش الاحتلال ومخابراته، بعد مؤشرات تدلّ على قيام المخابرات الإسرائيلية بتنفيذ الاغتيال، وتعهد إيراني على أعلى المستويات بالرد على الاستهداف بقوة.

– كل شيء يقول إن الطلقة الأولى في حرب إقليميّة تقترب، فإن لم تكن انطلاقاً من هذه الحادثة فما هو سواها؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى