أولى

سفير التطبيع وصناعة الموت والكراهية

} شوقي عواضة

ديكتاتوريّون يريدون فرض الدّيموقراطيّة في بلادنا، وإرهابيّون وقتلة يريدون تعليمنا الحرّية نشأوا على الإرهاب والتّهديد والتّحريض وصناعة الفتن والقتل وقطع الرّؤوس… ذلك هو نظام آل سعود المستبدّ منذ نشوئه في ظلّ وجود شواهدَ تاريخيّةٍ كثيرةٍ تؤكّد على دور هذا النّظام الوظيفي منذ نشوئه لخدمة المصالح البريطانيّة الأميركيّة و(الإسرائيليّة) حيث كان له الدّور الأكبر في التّآمر على فلسطين وشعبها من خلال ما ذكره المُستشار الخاص لعبد العزيز آل سعود جون فيلبي الصّهيوني البريطاني في مذكراته التي كتبها في بيروت عام 1955 في الفصل الأوّل الصّفحة 97: (إنّه في مؤتمر العقير الذي انعقد عام 1922 كتب عبد العزيز آل سعود تعهّداً خطيّاً لـ (برسي كوكس) المندوب السّياسي البريطاني في الخليج يُقرّ بموجبه بأنّه لا يُمانِع من إعطاء فلسطين للمساكين اليهود المظلومين) مقابل أن تقدّم له بريطانيا الدّعم الكبير بالمال والسّلاح ليخوض حرباً على الشّريف حسين عام 1925 ويخرجه من الجزيرة العربيّة تلك هي أولى مؤامرات آل سعود الغادرة ضدّ الأمّة.

أمّا في مصر حيث الكره السّعودي التاريخي لمعقل العروبة التي بدأت منذ إسقاط الجيش المصري بقيادة إبراهيم باشا عام 1818م لدولة آل سعود الأولى في الدّرعية، وأَسْر أميرهم وسجنه في سجن القلعة، لتتطوّر تلك الكراهية وتتخذ أشكالاً متعدّدة وصلت إلى حدّ التعاون السّعودي الأميركي (الإسرائيلي) لمواجهة عبد الناصر من خلال ما كشفت عنه وثائق المخابرات الأميركيّة والبريطانيّة والإسرائيليّة التي تحدّثت عن دور الملك فيصل الكبير والخطير بالتّنسيق مع أميركا قبل حرب 1967 للتآمر على عبد الناصر وهزيمته، إضافة إلى كشفها عن اتصالاتٍ سرّيةٍ جرت بين السعوديّين و(الإسرائيليين) بهدف الحصول على دعمٍ «إسرائيلي» مباشرٍ للسّعودية أو من خلال واشنطن لضرب عبد الناصر والحدّ من قوّته وتحجيم دوره القومي وإلحاق الهزيمة العسكريّة به عام 1967 وهذا ما حصل فعلاً. وقد يطول الحديث عن استراتيجيّة الكراهية والحقد والقتل في المملكة الوهابيّة التي لم تنتج سوى إرهابيين باسم الجهاد عاثوا فساداً وقتلاً وتدميراً في سورية والعراق وليبيا تحت مسمّى (الرّبيع العربي) ولا ننسى عدوانهم على اليمن وشعبه في عامه الثّامن، أمّا في لبنان العصي على أسياد آل سعود من الأميركيّين وعلى حلفائهم من الصّهاينة فيتخذ إرهابهم وجهاً آخر في ظلّ استرقاقهم لبعض أدواتهم الرّخيصة التي تدّعي السّيادة. فالكره التّاريخي السّعودي للبنان ليس حديثاً بل هو وليد مواقف لبنان العروبيّة والسّيادية ففي العام 1967 حيث لم يكن في لبنان حزب الله ولا مقاومة بالصّورة التي تتجلّى اليوم في لبنان ولم يكن هناك (احتلالٌ ايرانيٌّ) كما تدّعي أبواق السّفارات الأميركيّة والسّعودية بل لم تكن إيران حينها جمهوريّةً إسلاميّةً بل كانت خاضعةً لحكم الشاه محمد رضا بهلوي حليف أميركا و»إسرائيل» الذي كان ملوك وأمراء آل سعود يسجدون له توقيراً وإجلالاً ومهابةً رغم أنّهم من نفس الفصيل ورغم ذلك أزعج حكام آل سعود حينها موقف لبنان العربي والقومي وموقف وشرفائه بتأييد الزعيم جمال عبد النّاصر في حرب الأيّام الستة وبعد انتقاد إحدى الصّحف للسّياسات السّعودية. موقف استدعى وزير الخارجيّة السعودي آنذاك عمر السقاف إلى أن يصدر تهديداً أوردته الصّحف اللّبنانية آنذاك يضع لبنان أمام خيارين هما:

1 ـ تغيير السّياسة اللّبنانيّة ومواقف سياسييها والوقوف مع الكيان الصّهيوني ضدّ عبد الناصر.

2 ـ طرد الجالية اللّبنانيّة بأكملها من السّعودية ومنع الحجاج اللّبنانيين من موسم الحج وسحب الأموال السّعوديّة المستثمرة في لبنان.

اليوم وبعد مضيّ أكثر من نصف قرن لا يزال نظام آل سعود يتعاطى بنفس العقلية الصلفة من خلال ما شهده لبنان من أزمات افتعلها النّظام السّعودي من خلال التهجّم على وزير الخارجيّة الأسبق شربل وهبة نتيجة تصريح له هاجم فيه الإرهاب والدّول التي تدعمه دون تسمية أيّة دولة أقيل الوزير إرضاء لأمير البلاط الملكي في الرّياض ليشنّ نظام آل سعود وأدواته حرباً عدوانيةً جديدةً على وزير الإعلام السّابق جورج قرداحي الذي وصف الحرب على اليمن بالعبثية ممّا دفع الخارجيّة السّعودية إلى طرد السّفير اللّبناني وتسليمه مذكرة احتجاجٍ رسميّة بهذا الخصوص وسحب سفيرها من بيروت وقطع العلاقات ومنع استيراد المنتجات اللّبنانية.

كلّ ذلك جرى دون أن تتحرّك الخارجيّة اللّبنانيّة وتستدعي سفير النّظام السعودي أو تحتجّ على ما قام به كيانه. وبعد المقاطعة والعودة السّعودية إلى لبنان والتي كانت بقرارٍ سعوديٍّ عاد سفير الإرهاب وصناعة الموت للتدخّل بشؤون لبنان الدّاخلية محرّضاً بين اللّبنانيين ومتحدّثاً باسم السنّة أحياناً ومدافعاً عن حقوقهم! لكن سفير الكراهية لم يحدّد عن أيّ سنّةٍ يتحدّث عن سنّة الرّئيس سعد الحريري الذي شنّ عليه نظامه أشرس حربٍ أم عن سنّة دولة الرّئيس الشهيد رشيد كرامي أم عن سنّة الصحافي جمال خاشقجي ضحية نظام المنشار؟ وليوضح لنا سفير الجهل الذي لا يميّز بين الصّحارة وصندوق الاقتراع الذي لم يرَه في مملكته منذ نشوئها من أعطاه الحقّ بالتدخل في شؤوننا؟ والسّؤال الأهمّ أين وزارة الخارجيّة من تلك التدخلات السّافرة والوقحة لسفير الإرهاب وصناعة الموت والكراهية الذي يريد أن يعلّمنا ما يجهل قراءته؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى