أولى

نواب التغيير والكتلة الواحدة

يتحدّث النواب الذين أطلقوا على أنفسهم نواب التغيير عن أولوية تشكلهم في كتلة واحدة، وقد كانت انتخابات نائب رئيس مجلس النواب أول اختبار لكيفية التزام ستة منهم بما صوّت عليه سبعة آخرون لجهة استبدال الورقة البيضاء في انتخابات نائب رئيس المجلس النيابي بالتصويت للمرشح المدعوم من القوات اللبنانية والحزب التقدّمي الاشتراكي، تحت شعار أن هذا الحلف أقرب إليهم، من حلف حزب الله والتيار الوطني الحر، كما قالت النائبة حليمة القعقور، التي أكدت أنها لم تكن من أصحاب هذا الخيار، لكنها التزمت به.

هذا الموقف عدا أنه خيانة للشعار الوحيد الذي انتخبهم الناس على أساسه وهو “ كلن يعني كلن”، بعد شكوك الناس بأن 17 تشرين هي نسخة مموّهة من 14 آذار، هو تأكيد للاتهامات التي يرفضونها بالتماهي مع الرؤية الأميركيّة السعوديّة التي تقوم على تحشيد أوسع تحالف مضاد للمقاومة، وتستهدف التيار الوطني الحر من باب علاقته بها كما صرّح بذلك كل أركان الإدارات الأميركية المتعاقبة. وهذا إعلان مغادرة أولويات الناس لحساب أولويات حزبية داخلية، وأولويات إقليمية ودولية. وهذا ليس بالتحول البسيط في مسار هؤلاء النواب.

سمعنا بعض هؤلاء النواب يتحدّث بعقلانية عن رفض اعتبار قضية سلاح المقاومة، رغم مواقفهم الانتقادية لحزب الله، الأولوية الأولى للسياسة في بلد ينهار ويجوع شعبه ويفتقد كل مقوّمات الحد الأدنى من العيش، كما قالت النائبة نجاة عون. وسمعنا بعضاً آخر منهم يقول إنه في موضوع سلاح المقاومة لا يجب الحديث بلغة عدائيّة. فالمطلوب هو لغة حوار هادئ تأخذ بالاعتبار أن لبنان مهدّد بالأطماع الإسرائيلية وأنه يحتاج هذه المقاومة حتى يتم بناء الجيش القوي القادر، كما قال النائب شربل مسعد. وسمعنا بعضاً ثالثاً يقول إن مهمة نواب التغيير إحداث فرق في مقاربة ملف السلاح والمقاومة بلغة تبني الجسور لا المتاريس، كما قال النائب ملحم خلف. وبلغة الشراكة الديمقراطية في المقاومة، كما قال النائب إبراهيم منيمنة.

معلوم أن بين “نواب التغيير” مَن يعتقد أن 17 تشرين هي امتداد لـ 14 آذار، فمنهم من جاء من اليسار الديمقراطي مختاراً لحفلات الزواج، ومنهم من جاء من العنبات الحريريّة قبل أن يخونها، ويلتحق ببركات السفارة، وهؤلاء يجاهرون بالتلاقي مع القوات اللبنانية ويتهم بعضهم بالفوز بتصويت من تحت الطاولة للحزب التقدمي الاشتراكي جبلاً وجنوباً، ومشروعهم هو الضغط تحت شعار وحدة التغييريين لجعلهم مجرد ذيل للقوات اللبنانيّة. وبعد تجربة انتخابات نائب رئيس مجلس النواب ألم يكن أشرف الف مرة لو توحّد نواب التغيير وراء ترشيح النقيب ملحم خلف وقالوا للقوى التي تدعوهم للالتحاق بها على أساس القرب، لم لا تلتحقوا أنتم بنا ما دمنا قريبين، وإن بقوا وحدهم. فثلاثة عشر صوتاً لملحم خلف خير من ثلاثة عشر صوتاً لمرشح القوات والاشتراكي، وثبت أن كليهما خاسر. ولربما كان ترشيح خلف يخلط الأوراق داخل المعسكر الآخر الذي يضم ثنائي حركة أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر وحلفائهم، والذي كان يخشى بعض نواب التغيير أن ينال ترشيح خلف دعمه كي لا تغضب السفارة، ولهذا أجهضوا فرصة ترشيحه.

في تسمية رئيس الحكومة سيتكرّر المشهد، وسيقف الحزب التقدمي الاشتراكي مع الأغلبية التي صوت ضمنها للرئيس نبيه بري، مؤكداً استقلاليته أكثر من نواب التغيير، وقدرته على التلاعب بهم، وسيسمّي الرئيس نجيب ميقاتي على الأرجح، ومرة أخرى سيلعب بهم جناح 14 آذار الموجود بين صفوفهم، لصالح تسمية مرشح القوات والكتائب نواف سلام، بينما بين صفوفهم مؤهلون مثل إبراهيم منيمنة وحليمة القعقور، ومَن استبعدوهم بطلب السفارة عن الاجتماعات، النائبين أسامة سعد وعبد الرحمن البزري.

تسمية رئيس الحكومة ستحكم لاستقلالية نواب التغيير أو تحوّلهم الى أكياس لحم في سلة القوات والسفارة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى