أولى

بين تراكم القوة وسياسة الإشغال تغيّرت معادلات كثيرة

 حسين مرتضى

يُقال إنّ في السياسة لا توجد معادلات ثابتة، وإنّ المعادلات السياسية تتبدّل وفق المعادلات الميدانيّة، وكلّ تلك المعادلات ترتبط بالمشهد السياسي على مستوى المنطقة والإقليم والعالم.

في التحليل السياسي نجد بأنّ العالم انتقل من مرحلة القطب الواحد إلى مرحلة تعدّد الأقطاب، وهناك محوران رئيسيان حالياً على الساحة الدولية.

قد تشتبك الملفات السياسية والميدانية وتزداد تعقيداً وفق التطورات الأخيرة، وهنا نؤكد أنّ هناك تطوّراً لافتاً في عدد من الملفات أبرزها الملف النووي الإيراني واللافت فيه أن تعود الوكالة الدولية بتقاريرها الفنية حول البرنامج النووي الإيراني إلى نقطة البداية في الوقت الذي اعتقد الكثير من المتابعين والمراقبين خلال الأشهر الماضية أنّ الاتفاق النووي قد حُسم أمره، وأنّ التوقيع هو مسألة ساعات فقط بعد سلسلة من الاجتماعات واللقاءات التي عُقدت بين إيران والدول الأوروبية وبمشاركة الإدارة الأميركية من خلف الجدران.

بشكل مفاجئ تمّ تجميد الملف النووي الإيراني كما تجمّدت الكثير من الملفات في المنطقة، في وقت استمرّ فيه كيان الاحتلال «الإسرائيلي» بتنفيذ عدة عمليات اغتيال منها ما تمّ تنفيذه داخل طهران، بالإضافة الى الاستعداد ضمن مناورات جوية وغيرها تحاكي واقع تنفيذ ضربة عسكرية للجمهورية الإسلامية الإيرانية.

لا نريد هنا أن نتحدث كثيراً عن الملفات الأخرى لا إنْ كان ما له علاقة باللقاءات والاجتماعات الإيرانية السعودية والتي خفت وتيرتها مؤخراً. ولا على صعيد العدوان على اليمن والهدنة الكاذبة التي لم تغيّر من معاناة أهل اليمن شيئاً، وصولاً الى الواقع الميداني السياسي على الساحة السورية والذي برزت فيه محاولة تحريك المنطقة الجنوبية والمنطقة الشمالية إضافة إلى تسخين المنطقة الشرقية بهدف خلط الأوراق على الساحة السورية في ظلّ الواقع السياسي الجديد المرتبط بالملف الروسي ـ الأوكراني.

لكن ما يمكن ان نقوله هنا انطلاقاً من بعض المعطيات، هل ستبقى سياسة تراكم القوة هي العامل الأساس في خلق التوازن في المنطقة؟ او انّ الاعتماد على قاعدة جديدة ردعية تعطي رسائل يكون مفعولها فورياً ومؤثراً أكثر؟ أعتقد أنه من المهمّ في مكان ما أن تتبدّل هذه القاعدة وان تتغيّر قواعد الاشتباك إنْ كان هذا الاشتباك مع الأميركي مباشرة او حتى مع كيان الاحتلال وما بينهما من دول هي أدوات للسياسات الأميركية في المنطقة، قاعدة تراكم القوّة يمكن ان تتعرّض في لحظة ما لنكسة أو هجوم يُفقد المحور هذه المعادلة بينما معادلة الإشغال غير المباشر وحتى المباشر في بعض المرات تصبح الأهمّ في فرض الكثير من هذه المتغيّرات والمعادلات، وحتى لا تبقى سياسة امتصاص الصدمات تحت قاعدة تراكم القوّة يجب ان يكون هناك في المرحلة المقبلة وليست بالبعيدة العمل باستراتيجية علنية يفهم من خلالها العدو أنّ هناك معادلة جديدة سيتمّ اعتمادها والعمل بها وعليك أن تستعدّ وتترقّب…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى