أخيرة

الفلسفة الماديّة ـ الروحيّة (المدرحيّة) جوهر الرسالات الصالحة

} يوسف المسمار*

الحقُّ الإنساني هو ما يقرّره العقل السليم، والعقل السليم هو منطلق الأحرار؛ أما منطلق العبيد فعقلٌ مشوّه بمرض خبيث. وكما لا يكون هناك أحرار قُدامى ولا أحرار جُدد بل أحرار بالعقل السليم، فكذلك ليس هناك عبيد قدامى وعبيد جدد بل عبيدٌ عقولهم مشوّهة. والعقل المشوَّه هو منتج العبودية. الحرية فضيلة إنسانية حيّة كمنارة تنعش وتوقظ وتضيء طريق أصحاب العقول السليمة، والعبودية رذيلة مُعدية تُحوّل حياة الناس الى بؤسٍ وعار.

الأحرار بعقولهم السليمة يدركون أن وجود الإنسان مدرحيّ، وارتقاء الإنسانيّة لا يكون بتنكر الروح للمادة أو تنكر المادة للروح، ولا بالتعصّب للمادة والكفر بالروح أو التعصّب للروح والكفر بالمادة. فالذي يتوهّم أن بالروح يمكن أن يستغني الإنسان عن المادة هو كالذي يتوهّم أن بالمادة يمكن أن يستغني عن الروح، وكلاهما واهم مهما تشبث بالذرائع والتأمل والأوهام. كلُّ ماديّ لا روح فيه جمادٌ في جماد، وكلُّ روحي لا يتجسّد مادة وهمٌ في وهم، والجماد والوهم كلاهما انعدام حركة الحياة الاجتماعية الإنسانية، وانعدام حركة الحياة يعني انعدام التاريخ، وانعدام التاريخ هو انتفاء المُتَّحد الاجتماعي الإنساني. وانتفاء المتحد القوميّ -الاجتماعيّ الإنسانيّ هو الارض اليباس التي لا حركة فيها ولا حياة، ولا سماء لها إلا بعودة طاقة التفاعل الموحّد للقوى الاجتماعيّة الإنسانيّة الماديّة – الروحيّة، بحيث تكون الروح ضرورة للمادة لا استغناء عنها، والمادة ضرورة للروح لتكون الروح فاعلة في الوجود ولتكون للمادة قيمة إنسانية. لا سماء بدون أرض ولا أرض بدون سماء. والتفاعل الموحّد الأرضي – السماوي هو منتج الحياة وعامل الارتقاء وضامن البقاء. وكل دين أو فلسفة لا يعي أو تعي أن الحياة وحدة تحضن المادة والروح، وتحيط بالأرض والسماء وتهدف الى تحقيق حق البشرية وخيرها وجمالها تسقط مع الزمن ولا تحيا. وكل فكر يتنكر للتفاعل الموحّد المادي – الروحي يقود الإنسانية الى الخراب والتلاشي.

*باحث وشاعر قومي مقيم في البرازيل.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى