مانشيت

تبادل اتهامات بين طهران وواشنطن بالمسؤوليّة عن جمود اليوم الأول… والمفاوضات مستمرّة / تسريبات «إسرائيليّة» عن حلحلة في ملف الترسيم وعودة المفاوضات والمهلة لشهرين / ميقاتي قدّم مسوّدته… وحرب تسريبات بين القصرين… والتوقعات بكرّ وفرّ حتى الأضحى/

 كتب المحرر السياسيّ

لم يلمس الإيرانيّون أثراً لما جاء به جوزيب بوريل وانريكي مورا الى طهران، وبنت عليه إيران قرار الموافقة على مفاوضات الدوحة، وما جاء به بوريل يقدّم حلولاً وسطاً للمشاكل الأربع العالقة. قبلت طهران باثنتين منها وأبدت الاستعداد لمناقشة الاثنتين الباقيتين في المفاوضات، لكن الوفد الإيراني في الدوحة فوجئ بأن الحل الوسط الذي طرحه بوريل لقضية العقوبات على الحرس الثوري على سبيل المثال، والذي يقوم على رفع العقوبات عن المؤسسات الاقتصادية التابعة للحرس كمؤسسة خاتم الأنبياء التي تضمّ عشرات الشركات التجارية، ليس موجوداً على جدول أعمال الوفد الأميركي، ويشترط الأميركيون لمناقشته اعتباره عرضاً إيرانياً، بينما تنظر له إيران كعرض أوروبيّ لحل وسط تقبله إذا كان يشكل حلاً نهائياً لا مشروع تفاوض، هذا التوصيف للجمود التفاوضيّ الذي قدّمه مصدر إعلامي إيراني متابع لمسار مفاوضات الدوحة، قابلته رواية أميركية عن بقاء المواقف الإيرانية على حالها، بينما يترقب الأوروبيون لمعرفة ما إذا كان القبول الأميركي بمفاوضات الدوحة مجرد رفع عتب لإثبات الاهتمام الأميركي بمساعدة أوروبا على إيجاد بدائل لموارد الطاقة في ظل الشحّ الذي يخيم على الأسواق الأوروبية مع حريق الأسعار الذي لا يرحم، أم أن الجمود هو تعبير طبيعيّ عن نقطة الانطلاق الصعبة، التي يفترض أن تعقبها مؤشرات الحلحلة، طالما أن الفريقين الأميركي والإيراني يؤكدان انهما مستمران بالمفاوضات.

الخشية الأوروبية من رفع عتب أميركي لاستهلاك الوقت وتبرير الفشل، تشبهها الخشية اللبنانية مما تسرّب عن إيجابيات في ملف ترسيم الحدود البحرية، بعد لقاء الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين بالمفاوضين الإسرائيليين، وتتضمن التسريبات بالإضافة للحديث عن توقع حل قريب، والتبشير بالإيجابيات، إشارات جديدة تتحدث عن مهلة شهرين للتوصل إلى حل، يأخذ بالاعتبار العرض اللبناني الذي تلقاه هوكشتاين، والخشية من رفع العتب لاستهلاك الوقت وتبرير الفشل، تنبع من الغموض الذي يرافق مصير عمل سفينة أو سفن الاستخراج في بحر عكا، وما إذا كان الهدف من تسريب الايجابيات مجرد تمرير زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن الى المنطقة، وتحضير الترتيبات اللوجستية لبدء ضخ الغاز من حقول بحر عكا، والبقاء على جهوزية ومتابعة في ضوء ما ستصل إليه المفاوضات الأميركية الإيرانية في الدوحة، فإذا انتهى الأمر إلى التفاهم، تتحرك المفاوضات إيجاباً على مسار الترسيم سعياً لتفادي المواجهات من جهة، ولحجز حصة في حاجات أوروبا من الغاز من جهة موازية، انطلاقاً من الاتفاق مع إيران سيؤمن سوقاً جاهزة للتصدير بكميات كبيرة نحو أوروبا.

بانتظار مسارات التفاوض، ينتظر لبنان التفاوض الرئاسي الذي انطلق أمس، ساخناً على مسار تشكيل الحكومة الجديدة، التي قدم الرئيس المكلف نجيب ميقاتي مسودته الأولى لتشكيلتها، والتي تضمنت ما وصف بـ الطروحات الاستفزازية لرئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، وبعد حرب تسريبات تم تبادل الاتهامات بالمسؤوليّة عنها، بين قصر بعبدا، وقصر السراي الحكومي، هدأت السجالات، وتوقعت مصادر نيابية تتابع ملف الحكومة أن تتحرّك المفاوضات مجدداً في ضوء جواب رئيس الجمهورية على مسودة ميقاتي، خلال اليومين المقبلين، تمهيداً للقاء يضم الرئيسين مجددا مطلع الأسبوع تبدأ معه المباحثات الجدية بالتشكيلة، التي يمنحها المتابعون مهلة حتى عطلة عيد الأضحى للنضوج، فيما كان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع يدعو علناً لتعطيل تشكيل حكومة جديدة، تحت شعار الأولوية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، أسوة بدعوته السابقة لتعطيل كل الحلول بانتظار الانتخابات النيابية، وطالما أن القوات بلسان جعجع دعت علناً لمنع وصول مقرّب من حزب الله الى الرئاسة، فلا شيء يمنعها من السعي لتعطيل انتخابات الرئاسة عندما تتيقن من العجز عن التحكّم بمسارها.

وأمس، توجّه الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الى قصر بعبدا حيث أطلع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على نتائج الاستشارات النيابية التي أجراها وقدم له صيغة للحكومة التي يقترحها ويراها مناسبة. وابلغ رئيس الجمهورية الرئيس ميقاتي أنه سيدرس هذه الصيغة ويبدي رأيه فيها.

 ورداً على سؤال عن نوع التشكيلة او توصيفها قال ميقاتي إن «التشكيلة باتت موجودة لدى فخامة الرئيس». وقال ميقاتي «قرار تقديم التشكيلة اتخذته ليلاً وبخط يدي بعد أن تعفف الجميع عن المشاركة وأصبحت الخيارات ضيّقة».

واشارت المعلومات الواردة حول التشكيلة الحكومية التي قدّمها الرئيس ميقاتي لرئيس الجمهورية ان وزارة الطاقة أعطيت للطائفة السنية وتم استبدال الوزير وليد فياض بوليد سنو, أما وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي فلم يُستبدل، وبحسب المعلومات فإن وزير الاشغال العامة علي حمية هو ضمن التشكيلة التي قدّمها ميقاتي وفي الوزارة نفسها كما الوزيرة نجلا رياشي التي بقيت ضمن التشكيلة. أما وزير الاقتصاد أمين سلام فجرى استبداله بوزير الصناعة الحالي جورج بوشيكيان ووزارة الصناعة أوكلت الى وليد عساف، واستبدل وزير المالية يوسف خليل بالنائب السابق ياسين جابر.

 واعتبرت مصادر سياسية بارزة في 8 آذار لـ البناء أن الرئيس ميقاتي تواصل ويتواصل مع الجميع من أجل تأليف حكومة في أسرع وقت ممكن وبعيدة عن التسرّع. واعتبرت المصادر ان هناك من يريد تعطيل التأليف لأسباب تتعلق بنيّة تأليف حكومة وفق مطالبه وشروطه والا فلن يمنح الحكومة الثقة، معتبرة أن هناك إشارات بدأت تظهر الى العلن من نواب التيار الوطني الحر تشير إلى توجه لتقديم دراسات قانونية من شأنها أن تشرع بقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في بعبدا وعدم تسليم البلد الى حكومة تصريف أعمال.

 وأشارت مصادر مطلعة على موقف التيار الوطني الحر لـ «البناء» أن التيار الوطني الحر يرغب بتأليف حكومة من 30 وزيراً انطلاقاً من مطالبه بحكومة سياسية، معتبرة أن رئيس تكتل لبنان القوي طرح أن تتم تسمية ستة وزراء دولة سياسيين يضافون الى الوزراء 24 لأن المرحلة تقتضي تشكيل حكومة سياسيّة.

واكد المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي فارس الجميل أن «التشكيلة الحكومية التي قدمت هي تشكيلة الضرورة القصوى لأننا نمرّ في مرحلة عصيبة جدًا تقتضي الإسراع في تشكيل الحكومة لمواكبة التحديات وكان الرئيس المكلف واضحًا منذ اليوم الأول فور تكليفه بتشكيل الحكومة حين قال إنه يعمل على تشكيل الحكومة بأسرع وقت وإنه سيقدم التشكيلة لرئيس الجمهورية «نهاية الأسبوع أو بداية الأسبوع المقبل حينها».

وقال في حديث لقناة «المنار»: «الأمر الطبيعيّ أن يكون فخامة الرئيس هو من أكثر المستعجلين لتشكيل الحكومة لمواكبة الأشهر الأخيرة من عهده»، مضيفة أن «التشكيلة لم تكن سريعة، فالصورة باتت واضحة لدى الرئيس المكلف فبالأمس أجرى الاستشارات غير الملزمة والمواقف السياسية باتت واضحة».

وأضاف: «المؤسف ما حصل هذا المساء لأن التسريب المتعمّد والمعروف المصدر لأن الورقة التي تم تسريبها هي ملك شخصين هما دولة الرئيس وفخامة الرئيس، والتسريب حصل من الجانب المحيط بفخامة الرئيس لأسباب باتت معروفة»، مؤكدًا أن «هناك معلومات تشير إلى اجتماع يعقده النائب جبران باسيل مع عدد من الوزراء لمحاولة خلق نوع من البلبلة».

 وفيما أكدت مصادر قصر بعبدا ان القصر الجمهوري ليس مصدر تسريب التشكيلة الحكومية التي وزعت على وسائل الإعلام، واشارت الى ان ليس من عادة دوائر القصر اعتماد هذا الأسلوب، اوضح المكتب الإعلامي للرئيس ميقاتي في بيان، أن «اسماء من سرب التشكيلة ومن سربت اليه من الصحافيين معروفة وموثقة بالوقائع والادلة، ومن الافضل أن لا يلعب «المسرّبون» بنار تؤذي زملاء نحترمهم ونقدرهم»، مضيفاً: «كما أن عجلة التسريب فضحت المسرّب الذي ابقى على علامات بالغة الدلالة على النسخة المسرّبة، ففضحته وإن القصد من تسريب التشكيلة واضح للعموم، والرسالة وصلت، ونعلن وقف السجال لإنجاح السعي الحثيث إلى تشكيل الحكومة وصوناً لمقام رئاسة الجمهورية».

وأكد رئيس المجلس التنفيذيّ في حزب الله هاشم صفيّ الدين، أن «لبنان بأمسّ الحاجة إلى حكومة جديدة، ونحن نؤمن ونعمل على أن تتشكل هذه الحكومة، وبالتالي يجب أن يكون التفكير قبل أيّ شيء بإجراءات عملية، وأن لا نضيّع الوقت بالخلافات والشعارات التي كانت وستبقى كبيرة وكثيرة، وعليه، فإن كل من هو معنيّ ببلدنا بشأن حكوميّ أو وزاريّ أو معيشي أو اقتصادي، يجب أن يفكّر بخيارات وإجراءات حقيقية، فضلاً عن المسارعة إلى إجراءات فعلية وواقعية تريح الناس قليلاً، وتعطيهم أملاً على مستوى كل المعالجات».

وشدّد السفير السعوديّ وليد بخاري على أهمية التنوّع الذي يعيشه لبنان، مؤكداً أن هذا التنوّع يمثل وجهاً إيجابياً من خلال القواسم المشتركة التي تتسع لها ثقافة المحبة التي يعيشها الشعب اللبناني، مشيراً إلى أن المملكة تحترم الجميع وتعمل من أجل اللحمة على المستويين العربي والإسلامي.

وأمل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي انتقل مساء أول أمس الى الديمان، التوصل لحلول للأزمات التي تثقل كاهل المواطنين.

 وسط هذه الأجواء، بقي ملف ترسيم الحدود البحرية في الواجهة وأبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المنسقة الخاصة للأمم المتحدة السفيرة يوانا فرونتسكا خلال استقبالها في بعبدا، أن «لبنان متمسّك بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 لأنه راغب في المحافظة على الاستقرار والأمن على الحدود الجنوبيّة»، لافتاً الى أن «مسألة ترسيم الحدود البحرية الجنوبية هي محور متابعة بعد الزيارة الأخيرة للوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة أموس هوكشتاين وذلك في ضوء المحادثات التي أجريت معه خلال وجوده في لبنان». وتم خلال اللقاء البحث في الوضع في الجنوب قبل أسابيع من التقرير الذي ينوي الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش تقديمه الى مجلس الامن في 21 تموز المقبل.

وشكل الملف الحكومي وملف ترسيم الحدود محور لقاء رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وسفير روسيا الاتحادية ألكسندر روداكوف، حيث تمّ التطرق الى واجب تشكيل حكومة سريعاً، تكون قادرة على تنفيذ الإصلاحات الضرورية لبدء مسيرة التعافي والنهوض. وجرى البحث في التطورات المرتبطة بملف ترسيم الحدود البحريّة، وكذلك في أهميّة عودة النازحين السوريين الى بلادهم. وشمل البحث أيضاً الوضع في أوكرانيا وتأثيراته. واستقبل باسيل سفير الجمهورية الإسلامية في إيران محمد جلال فيروزنيا في زيارة وداعية، كما تمّ التطرق الى التطورات الإقليمية وظروف المفاوضات الإيرانية – الأميركية في الدوحة.

وصرّح مسؤولون ​إسرائيليون لـ «​أكسيوس​«، أن الوسيط الأميركي لملف ​ترسيم الحدود البحرية​ بين ​لبنان​ و»إسرائيل»، ​آموس هوكشتاين​، أبلغنا رغبته بحصول اتفاق مع لبنان بشأن النزاع البحري خلال شهرين..

وكان وزير العمل مصطفى بيرم نقل إلى الرئيس ميقاتي اقتراحات رابطة موظفي القطاع العام، وقد وافق عليها الرئيس ميقاتي، ومنها «استحداث صندوق خاص بكل موظفي القطاع العام، يتم فيه جمع الغرامات والاستفادة من بعض مخرجات الرسوم لتغذية احتياجات القطاع العام والموظفين، إعفاء الموظفين من الأقساط الدولارية في المدارس الخاصة، ويجب التنسيق في هذا الشأن مع وزير التربية، تسهيل سحب اعتمادات الموظفين من المصارف». وأكد ميقاتي أنه «سيبحث مع حاكم مصرف لبنان في هذا الشأن، وإعطاء تسهيلات للموظفين في ما يتعلق بقروض الطاقة الشمسية». وقال إنّ الرواتب والمساعدات الاجتماعية ستُدفع في أقصى حدّ يوم الاثنين المقبل.

على خط آخر، شدد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي على انه سيكون هناك تدخل عاجل للأجهزة الأمنية لضبط المتلاعبين بلقمة المواطنين وملاحقة المتسببين بالأزمة واتخاذ أقسى الإجراءات القانونية بحقهم”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى