أولى

من رمال الصحراء إلى القوقاز العين على الصين…

 محمد صادق الحسيني

كلّ الأنباء التي تلفّ الكون في هذه الأيام تشير الى حقيقة واحدة باتت أوضح من الشمس…

الأميركيّ الذي كان يوماً القطب الأوحد في العالم والآمر الناهي وشرطي الجهات الأربع في الكون غدا مأزوماً ومهزوماً في كلّ جبهاته وميادينه، ولكن بخاصة على الجبهة الأوروآسيوية، حيث المستنقع الأوكراني او الحفرة التي حفرها بنفسه ظناً منه أنه قادر على تشتيت الاتحاد الصيني الروسي الاستراتيجي الجديد من جهة وجعل أوروبا تخضع له دون شروط!

لكن هذا الأميركي المتعجرف ولشدة عناده ومكابرته، وانغماسه في المستنقع الأوكراني لم يجد خلاصاً له على ما يبدو بعد كلّ جهوده التي ذهبت هباء لهزّ عرش بوتين إلا أن يفعل خديعة تحالف الناتو المزعوم بين أصحاب التيه وأصحاب ما بعد التيه في الرمال العربية المتحركة مغرياً إياهم بأنظمة دفاع جوي حديثة تقيهم خطر إيران المزعوم ويحقق لابنه «الإسرائيلي» المدلل لعبته المفضلة وحلمه بقيادة تحالف «شرق أوسطي» ليدمج وجوده المؤقت الزائل بكيانات مصنوعة من الشمع مثله…

فيما عقل واشنطن البراغماتي، لا يزال مشدوداً نحو التهديد الصيني وكيفية ضرب البيئة الحيوية للصين وطريقها وحزامها الواحد الممتدّ من شنغهاي مروراً بالجغرافيا الحيوية لروسيا ـ آسيا الوسطى والقوقاز، ومن ثم إيران، وصولاً إلى المياه الدافئة يعني بحر الشام وخليج فارس…

لذلك لا بدّ من النظر بريبة شديدة الى خططهم وحشدهم الحقيقي هناك ودور كلّ واحد من لاعبيهم الصغار في منطقتنا وهم البيادق المتحركة بأوامر الشيطان الأكبر…

وفي هذا السياق، يفيد مصدر ديبلوماسي إقليمي مطلع، تعليقاً على الحملة الدعائية لما يُسمّى «حلفاً دفاعياً عربياً إسرائيلياً»، بما يلي:

1 ـ ان لا وجود لهذا التحالف إلا في عقلية المسؤولين «الإسرائيليين» الأمنيين والعسكريين وأسيادهم في الدولة العميقة الأميركية وليس إدارة بايدن، وهو طرح بعيد عن الاستراتيجية الأميركية العملية.

2 ـ انّ الهدف الاستراتيجي الحالي للولايات المتحدة الأميركية (ادارة بايدن)، في «الشرق الأوسط» ودول أواسط آسيا، هو استكمال الحشد الاستراتيجي ضدّ الصين الشعبية وروسيا وإيران.

3 ـ انّ ادوات واشنطن لتحقيق ذلك هي التالية:

ـ نظام أردوغان، الذي يقدّم التدريب العسكري والإمداد والتزويد، لكلّ العناصر التي تخدم الاستراتيجية الأميركية في المنطقة المشار إليها أعلاه.

والذي سبق أن درّب المجموعات الإرهابية المسلحة، التي عاثت خراباً واسعاً في جمهورية كازاخستان السوڤياتية السابقة، بداية العام الحالي. وهي التي أشرفت الاستخبارات العسكرية التركية على تنفيذ عمليات تسلل وإنزال جوي لها، من خلال طائرات نقل مستأجرة ولا تحمل شارات أيّ دولة، في مطار ألماآتا (العاصمة القديمة لكازاخستان) بعد أن سيطر المخرّبون المسلحون الإرهابيون على هذا المطار في اليوم الأول من الموجة الإرهابية التي ضربت البلاد.

ـ النظام السعودي، الذي يقوم بتمويل ثمانية عشر ألف منظمة غير حكومية، في جمهوريات آسيا الوسطى السوڤياتية السابقة، وهي قوات احتياط بيد الولايات المتحدة جاهزة للاستخدام، إما في ثورات ملوّنة أو في هزات مسلحة وتخريبية، عندما يصلها أمر العمليات من واشنطن.

ـ مشيخات قطر والإمارات، بالتعاون مع حركة طالبان، من خلال إدارة المطارات الأفغانية الرئيسية الثلاثة، حيث وقعت الإمارات العربية اتفاقية خاصة بذلك، مع حكومة طالبان، بتاريخ ٢٤/٥/٢٠٢٢، وهو الأمر الذي يعني سيطرة أميركية غير مباشرة، على تلك المطارات، وما لذلك من أهمية قصوى في نقل الأفراد والمعدات الى أفغانستان، خاصة في ضوء تمركز تركي قطري «تقني» في تلك المطارات، منذ بداية العام الحالي، وذلك بناءً على اتفاقيات موقعة مع حكومة طالبان.

ـ حركة طالبان نفسها، والتي تجري معها الولايات المتحدة محادثات متواصلة تتعلق بمجموعة طلبات أميركية للحركة وعلى رأسها السماح للمسلحين الإيرانيين، سواء من «مجاهدي خلق» الإرهابية المقيمة في ألبانيا، أو غيرهم، بالعمل من الأراضي الأفغانية مقابل رفع تدريجي للتجميد الأميركي المفروض على الأموال الأفغانية.

ـ فلول تنظيم داعش، الذين نقلت منهم القيادة المركزية الأميركية، من العراق وسورية، ما يزيد على ثلاثة آلاف مسلح تمّ نشرهم في محافظة:

*بدخشان/ شمال شرق أفغانستان/ بالقرب من الحدود الصينية والطاجيكية.

*محافظتا تخار وقندوز/ في شمال أفغانستان/ والمحاذيتان لحدود طاجيكستان.

وهنا لا بدّ أن نستذكر موجة التحركات التخريبية المنظمة التي تجتاح محافظة: كاركال باكستان karkalpakstan الأوزبيكية، منذ عدة أيام، والتي حاول فيها المشاغبون الاستيلاء على الأسلحة من المباني الحكومية الرسمية.

4 ـ انّ الولايات المتحدة الأميركية هي من يقف وراء الحملة الدعائية، التي يروّج لها الإعلام «الإسرائيلي» وبعض الإعلام العربي، بما في ذلك للأسف الشديد بعض وسائل إعلامنا، حول التحالف المزعوم والمشار إليه اعلاه. وذلك لحرف الأنظار عن ساحة الفعل الحقيقي الأميركي، في جمهوريات آسيا الوسطى، بهدف السيطرة عليها واستخدامها كمنصات هجومية او رؤوس جسور استراتيجية، ضدّ جمهورية الصين الشعبية من جهة الشرق، وجمهورية روسيا الاتحادية من جهة الشمال، والجمهورية الإسلامية الإيرانية في الغرب، لزعزعة تحالف الشرق الصاعد هذا…

واحلوا قومهم دار البوار

بعدنا طيّبين قولوا الله…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى