أخيرة

دبوس

هكذا تحدّث المشوّهة مفاهيمهم

 

الحقيقة الصّادمة التي تجبهك حينما تستمع الى بعض الطارئين في لبنان، والذين ارتضوا لأنفسهم من شدة إعجابهم بالنمط القاتل المغرق في أنانيته والقابع بعيداً عبر المتوسط أن يكونوا نتوءاً شاذاً وامتداداً لذلك الغرب لا يكاد ينتمي الى ذلك الكلّ الشرقي لا في الشكل ولا في المضمون، ولربما تقتضي الحاجة إنْ استشرى أمره وغدا يمثّل تناقضاً مطلقاً للذات المشرقية بكلّ أطيافها، أن يقذف به الى حيث ينتمي في الشكل الكالح وفي المضمون المتقمَّص، وإلّا فما الذي تعنيه هذه الشخوص حينما تتحدث عن أولئك المتجذّرة أصولهم منذ آلاف السنين في هذا البلد على أنهم لا يشبهون لبنان، فغدا التحشّم رذيلة والابتذال فضيلة، وغدت المفاهيم والقيَم التي تدعو الى التكافل وإلى مقاتلة الذات الأمّارة بالسوء مفاهيم متخلّفة غير قابلة للحياة…!

أما مفاهيم الانهيار إزاء الرغائب والاستسلام أمام قميء الممارسات والشاذ من أنماط الحياة هو ليبرالية محبّذة وانبعاث نحو الحرية والانفكاك مما يدّعونه تشبّثاً بماضٍ لا ينتمي الى هذه الحداثة المتألّقة.

ولعلّ من المجدي والأقرب الى الممارسة الصحيحة والصحية أن تجري مراقبة ذلك النتوء، فهو إنْ حافظ على شذوذه وتناقضه من خلال عدم المقدرة على الانسجام مع الكلّ، وتباين ذاته الموضوعي مع الكلّ المنتمي الى هذا البلد الجميل، ان ارتضى لنفسه ذلك فلا بأس، سننسجم مع هذا الوجود القابع على ضفاف الحقيقة الكليّة، ولكن هذا التناقض إذا ما بدأ يشكّل نسيجاً يهدّد وجودياً الموطن الكلّي من خلال تكريس ذاته لخدمة ذلك الوحش الحضاري والقابع في ما وراء البحر، والذي لا يكنّ لنا إلا كلّ ما هو خبيث، وكلّ ما هو مهدّدٌ لوجودنا وقيَمنا وثرواتنا، حينئذٍ فإنّ علينا الانتباه والحذر واتخاذ كلّ ما يستدعيه الموقف لكبح جماح هذا النسيج الذي يبدو استثناءً الآن، ولكنه إنْ ترك فلا يعلم إلّا الله أين سيفضي بنا.

سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى