مقالات وآراء

الأبواق الداخلية مجرد فقاعات

مأمون ملاعب*

على امتداد سنوات الصراع بيننا وبين العدو الصهيوني، كان يوجد دائماً عملاء يخاصمون حملة القضية الوطنية ولواء مقارعة العدو، وكان العدو يستخدم هؤلاء العملاء في عدوانه المستمرّ على أمتنا، معتمداً عليهم في بثّ سموم الخطابات الطائفية والمذهبية المفتّتة للوحدة القوميّة الجامعة. والتفتيت سبق أن أصاب أمتنا نتيجة «سايكس ـ بيكو» التي قسمتنا وجزأتنا وخلقت بيئة عنوانها التعصّب الكيانيّ وصولاً الى ما سُمّي بالقرار الكيانيّ المستقل بهدف إسقاط المسألة الفلسطينية من القضية القومية.

اليوم، وفي سياق مشروع التفتيت، لا يتورّع الطائفيّون عن اتهام المقاومة بأنها أداة إيرانيّة، وهم أنفسهم كانوا يتهمونها بانها أداة سورية، والسبب من وراء هذه الاتهامات أنهم يناهضون المقاومة لأنها نجحت في دحر الاحتلال عن بيروت والجبل ومعظم مناطق جنوب لبنان، ووضعت لبنان في مربّع القوة.

وللتذكير، فإن الاجتياح «الإسرائيلي» للبنان عام 1982 وقبله للشريط الحدودي عام 1978، كانت اجتياحات لأرض لبنانية، والذين تصدّوا للعدو وقاوموه، هم في غالبيتهم يؤمنون بلبنان نطاق ضمان للفكر الحر وبانتمائه الى بيئته القوميّة. لكن ما هو مؤسف أن البعض في لبنان يعتبر أن كل مَن يؤدي واجبه ويقاوم الاحتلال دفاعاً عن شعبه وأرضه تسقط عنه لبنانيته!

لهؤلاء الذين يحاولون ربط اللبننة دائماً بمقولتي الضعف والحياد، نقول: إن تثبيت حق لبنان في ثروته من النفط والغاز أولوية وطنية، ولا سبيل أمام اللبنانيين لتثبيت هذا الحق سوى الاعتماد على عناصر القوة التي يمتلكونها، والمتمثلة بمعادلة الشعب والجيش والمقاومةوبعناصر القوّة هذه، يحصل لبنان على كامل حقوقه، حتى لو تدحرجت الأمور نحو المواجهة.

العدو يعرف نتيجة المواجهة جيداً، لذا، نراه يماطل ويسوّف ويستخدم الوسيط الأميركي لشراء الوقت معتمداً بذلك على حلفائه الدوليّين وفي مقدّمهم الولايات المتحدة الأميركيّة التي تحاول جاهدة تحصيل المكاسب للعدو. غير أن هذا الوقت بدأ ينفد، وإذ نفد الوقت فإن لكل تطوّر مقتضياته.

إن للعدو الصهيوني طبيعته العنصرية التي تتغذّى بالحروب والقتل والإجرام، ولقد عانى شعبنا ما عاناه من جراء جرائم العدو واحتلاله لأرضنا، ولكن المقاومة في أمتنا فرضت معادلة جديدة، لم يعُد بمقدور العدو تجاوزها، حتى لو ذهب الصهاينة في اصطفافاتهم الانتخابية وراء المتشددين والمتعنتين الذين يتبارون في إطلاق التهديدات بالعدوان وشنّ الحروب.

ولكن، فإن أي حرب مقبلة ستكون تداعياتها كارثية على العدو، وعلى الأبواق الداخلية أن تدرك أن الرهان على قوة العدو، رهان خاسر، ولذلك تبقى هذه الأبواق مصدراً لإطلاق فقاعات لا طائل منها، سوى الحصول من مشغّليها على صك عمالة.

*مدير مكتب الرئاسة في الحزب السوريّ القوميّ الاجتماعيّ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى