مانشيت

واشنطن وبروكسل وطهران لوضع اللمسات الأخيرة على النص النهائيّ للاتفاق وتحديد موعد التوقيع بوتين يهدّد بوقف تصدير النفط رداً على قرار واشنطن وضع سقف لسعر مبيع النفط الروسيّ المقاومة في أعلى درجات الاستنفار… وتشاور أميركيّ «إسرائيليّ» حول الضمانات للتهدئة

كتب المحرّر السياسيّ

تقدمت اللهجة الأميركية الأوروبية الإيرانية في الحديث عن إيجابيات التفاوض حول الملف النووي الإيراني، ومعادلة نحن أقرب من أي وقت آخر إلى الاتفاق، الى معادلة نحن نضع اللمسات الأخيرة على النص النهائي للاتفاق، مع إشارات أوروبية إلى دخول النقاش مرحلة تحديد موعد توقيع الاتفاق النهائي، بينما تقول مصادر روسية أن الاثنين 12 أيلول هو يوم محتمل جداً لاجتماع لوزراء خارجية الدول المعنية من أجل توقيع الاتفاق، وتضيف المصادر أن حلولاً تم التوصل إليها للقضايا العالقة تتم صياغتها قانونياً بلغة احترافيّة تستدعي وقتاً ومراجعة، وإعادة قراءة لكل ملحقات الاتفاق المفصلة والتي تضم مئات الصفحات، والجداول الفنية والتجارية الملحقة والمكوّنة من مئات الصفحات أيضاً، وتتوقع المصادر أن يكون منتصف الأسبوع المقبل موعداً لعودة اللجان المعنية بالمفاوضات الى فيينا لإنهاء شكليّات الاتفاق قبل توجيه الدعوة للوزراء للحضور مطلع الأسبوع التالي.

على جبهة المواجهة الروسية الأميركية التي استنفد الأميركيون فيها استخدام أوكرانيا وبدأت بالتحول عبئاً عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، خصوصاً من خلال ما تشهده أوروبا من حرب استنزاف اقتصادية اجتماعية، بعدما نجحت موسكو بإنتاج توازن ردع فعال بوضع سلاح الطاقة في مقابل سلاح المصارف، طلباً لوقف استخدام الاثنين، نقل الأميركيون المواجهة الى مرتبة أشد خطراً بإعلان العزم على فرض سقف لسعر مبيع النفط الروسي بما لا يتجاوز سعر كلفة الإنتاج عند حدود سعر الـ 60-70 دولاراً للبرميل، وملاحقة كل عمليات الشراء التي تتم مصرفياً بسعر أعلى، وهو ما رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التعامل معه كعقوبة تقليدية والبحث عن بدائل لكسرها، مهدداً بتوقف روسيا عن ضخ النفط في الأسواق العالميّة، وحصر مبيعاتها بالعقود الموقعة فقط مع الدول الصديقة، وحرمان السوق العالمية بالتالي من ملايين البراميل التي تعرضها روسيا يومياً وتحقق التوازن بين العرض والطلب وتمنع ارتفاع الأسعار، مشيراً إلى ان هذه الخطوة الدفاعيّة التي قد تضطر روسيا لاتخاذها إذا أقدمت واشنطن على وضع سقف لسعر النفط الروسي، تعني تدمير الاقتصاد العالمي، وبينما تخشى واشنطن ارتفاع سعر برميل النفط الى 140 دولاراً في فصل الشتاء المقبل ولا تريد أن تستفيد روسيا من هذا الارتفاع، سيكون عليها وفق الخبراء التعايش مع سعر يزيد عن المئتي دولار للبرميل إذا أقدمت روسيا على التوقف عن ضخ النفط في الأسواق.

لبنان الذي يتقلب بين هبّات مسار حكومي مجمّد، وفتاوى دستوريّة وسجالات حول الفراغ الرئاسي، ينتظر مع دخول العدّ التنازلي لموعد استخراج وضخّ الغاز من حقل كاريش الذي كان مقرراً في أول أيلول، ولم يعلن تأجيله رسمياً بعد، مصير المسار التفاوضي، بينما المقاومة دخلت أعلى درجات الاستنفار، بانتظار ما سيفعل كيان الاحتلال، فإن بدأ الاستخراج والضخ ستضع المقاومة الجاهزة بكامل قدراتها تهديداتها موضع التنفيذ. وتقول مصادر على صلة بملف التفاوض حول ترسيم الحدود إن الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين أبلغ المسؤولين اللبنانيين إمهاله أياماً قليلة، لأن التشاور الأميركي الإسرائيلي قائم ومستمرّ حول كيفية إيجاد ضمانات للتهدئة، بما في ذلك الإعلان عن تأجيل الاستخراج من كاريش وربط العودة إلى الاستخراج بإنجاز الترسيم مع لبنان، وأن المسؤولين المعنيين ردوا عليه بأنه يجب أن يتضمن أي مسعى للتهدئة إذا كان قائماً على التأجيل رفعاً للحظر عن قيام الشركات العالمية بالتنقيب والاستخراج من الحقول غير المتنازع عليها.

مع دخول البلاد في فلك المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية، بقيت مواقف رئيس مجلس النواب نبيه بري بذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه في واجهة المشهد السياسي نظراً للرسائل الهامة التي وجّهها بكل الاتجاهات لا سيما باتجاه بعبدا واللقلوق ومعراب وقوى المجتمع المدني، إذ انشغلت القوى السياسية والمحللون في قراءة أبعاد وخفايا مواقفه وانعكاسها على الاستحقاقات. في موازاة ذلك تترقب الأوساط السياسية موعد الدعوة التي سيوجّهها الرئيس بري لعقد جلسة لانتخاب الرئيس، في ظل مراوحة قاتلة على صعيد تأليف الحكومة.

وبعدما شنّ الرئيس بري هجوماً لاذعاً على بعبدا والتيار الوطني الحر من باب انتهاك الدستور واتفاق الطائف وابتداع اجتهادات وفتاوى لا محل لها في الدستور، فضلاً عن مسؤولية العهد وتياره عن التعطيل الحكومي وأزمة الكهرباء التي تشكل سبباً أساسياً في معظم الأزمات الحياتية والاقتصادية والمالية الأخرى، وتساهم بإفلاس الخزينة، وهذا ما تثبته الوقائع والأرقام وفق ما تقول مصادر في حركة أمل لـ»البناء»، والتي تشير الى أن كلام بري كان مساراً للحلول لإخراج البلد من الأزمة السياسية والدستورية التي يغرق بها، فضلاً عن الازمات الاقتصادية التي تقف خلفها الازمة السياسية، مشددة على أن كلام بري يهدف لحث الجميع ومن ضمنهم عون وباسيل على تحمل المسؤولية والحوار والتفاهم ضمن الأطر الديموقراطية والدستورية لإنجاز الاستحقاقات الأساسية لا سيما الحكومة ورئاسة الجمهورية بعيداً عن المصالح الشخصية والسياسية.

ولم يُسجل أي رد من بعبدا وقيادة التيار على رسائل عين التينة الهجوميّة، وعلمت «البناء» من أوساط التيار أن بعبدا والتيار الوطني الحر ليسا بوارد الردّ وفتح سجالات عقيمة، لكن رئيس الجمهورية ميشال عون متمسك بصلاحياته الدستورية وأصول التأليف والتوازنات السياسية والطائفية في أي حكومة، وينطلق من اقتراح توسيع الحكومة لكونها الحكومة التي ستدير الفراغ الرئاسي المتوقع حصوله وليس تعنتاً وتشبثاً بالمواقف أو لكسب حصص وزارية.

وعلمت «البناء» أن الطرح الذي أيّده حزب الله على لسان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد بتعويم الحكومة الحالية، يدرس بعناية وبشكل جدّي بين بعبدا والرئيس المكلف وعين التينة، عبر إصدار مراسيم جديدة للحكومة الحالية بمعزل عن تغيير بعض الوزراء من عدمه، لكن الجميع متفق على أن الحكومة الحالية لن تستطيع إدارة البلاد في مرحلة الفراغ وتسلم صلاحيات رئاسة الجمهورية، فضلاً عن صعوبة انتخاب رئيس في المهلة الدستورية الستين يوماً، لذلك سلم الجميع بأن الفراغ سيؤدي الى أزمة سياسية ودستورية وميثاقية كبيرة تنعكس تفاقماً في الأزمات الاقتصادية والمالية وفوضى أمنية، إن لم تشكل حكومة بأسرع وقت ممكن.

وكشفت مصادر لقناة «أو تي في» أن «اللقاء الذي حصل الأربعاء الماضي بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، في قصر بعبدا، لم يُحرز أي تقدم». وشددت المصادر، على أن «لا زلنا بالمربع ذاته».

وأشارت أوساط نيابية في التيار الوطني الحر لـ»البناء» الى «أنه في حال شكلنا حكومة جديدة، فإنها لا تعتبر مستقيلة إلا بعد انتخاب رئيس للجمهورية وبالتالي تستطيع ممارسة صلاحياتها الدستورية إضافة الى صلاحيات رئيس الجمهورية، أما الحكومة الحالية فتقوم بتصريف الاعمال ضمن المفهوم الضيق لتصريف الأعمال، وبالتالي ليست حكومة دستورية، لذلك يجب أن لا ننتظر ونبقى في دوامة الجدال الدستوري، وعلى ميقاتي الذهاب الى تشكيل حكومة دستورية للتصدّي للازمات والاستحقاقات كترسيم الحدود والقوانين الإصلاحية ومعالجة الأزمة المالية والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي».

في غضون ذلك، تمضي الأزمات الاجتماعية نحو الأسوأ ويحقق سعر صرف الدولار قفزات إضافية تجاوزت الــ34 ألف ليرة أمس، وسط ترجيح خبراء اقتصاديين لـ»البناء» بتسجيل ارتفاع إضافيّ كلما اقتربنا من الفراغ الرئاسي والحكومي وموعد عودة وفد صندوق النقد الدولي الى لبنان أواخر الشهر المقبل لسؤال الحكومة عن تشكيل الحكومة والإصلاحات ليجد أن شيئاً لم يتحقق من كل هذا.

وأمس صدرت تسعيرتان جديدتان للمحروقات صباحيّة ومسائية تضمنت ارتفاعاً كبيراً بأسعار المحروقات.

أما موضوع رواتب القطاع العام فأعلنت وزارة المالية، في بيان لمكتبها الإعلاميّ أنها «أنهت الإجراءات كافة المتعلقة بالرواتب للعاملين في القطاع العام وأحالتهم الى مصرف لبنان على أن تحيل صباح غد (اليوم) المساعدات الاجتماعية ورواتب المتقاعدين، بالتالي سيصبح بإمكان العاملين والمتقاعدين كافة قبض مخصّصاتهم تلك اعتباراً من الـ 48 ساعة المقبلة كل من مصرفه».

ولم يسجل أي حل على صعيد إضراب هيئة أوجيرو، إذ أعلن رئيس نقابة هيئة موظفي أوجيرو بعد اجتماع طارئ أمس أن «الأضراب مستمر الى ان يُتخذ القرار بتحسين أوضاعنا». وإذ اجتمع وزير الاتصالات جوني القرم مجدداً مع نقابة موظّفي وعمّال «أوجيرو» للتباحث في ما يمكن التوصّل إليه من حلول بشأن مطالبهم وحضهم على فك الإضراب، عقد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اجتماعاً مع الوزير القرم الذي قال إثر اللقاء: «بحثت مع دولة الرئيس في أوضاع قطاع الاتصالات وكانت له عدة اقتراحات سيتم درسها مع الموظفين قبل الإعلان عنها». وعما أثير حول اجتماعه مع الموظفين أمس قال: «كان الاجتماع أمس ودياً جداً، وأتفهّم مشاكل الموظفين وأحاول حلّها بالطرق القانونية المتاحة وفق ما يتوفّر لنا من أموال، ولديّ بعض الأفكار سأطرحها عليهم، واجتمع معهم بعد الظهر لإيجاد الحلول المناسبة في أسرع وقت».

على مقلب آخر، وإذ من المرتقب عودة الوسيط الاميركي عاموس هوكشتاين الى بيروت الاسبوع الطالع، استقبل نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب رئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام اللواء أرولدو لازارو، وعرض معهم للتطورات الاقليمية خاصة في ملف ترسيم الحدود البحرية، بحسب بيان لمكتب بو صعب. كما تم التطرق الى الصعوبات التي تواجهها «اليونيفيل» على الحدود البرية والخط الأزرق. وأثنى بو صعب على «العمل الذي تقوم به «اليونيفيل» منذ عشرات السنين».

وفيما أفادت مصادر أخرى الى أن كل الكلام عن عودة الوسيط الأميركي الى لبنان غير صحيحة، أكد موقف الرئيس بري الأخير على تمسك لبنان بحقوقه في ثروته النفطية وحثه الأميركيين الى الحصول على الرد الإسرائيلي على المقترح اللبناني، واستئناف مفاوضات الترسيم لتوقيع الاتفاق ودعوة الشركات الأجنبية الى متابعة أعمال التنقيب في البلوكات اللبنانية غير المتنازع عليها بالحد الأدنى، كانت إشارة بري بالغة الدلالة وتتلاقى مع تهديدات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بأن لبنان لا يريد الحرب العسكرية لكنه لن ينتظر طويلاً لترسيم حدوده واستثمار ثروته النفطية لأنه محكوم بالأزمة الاقتصادية والمالية التي تستنزف الوطن والمواطن ومستقبله ووجوده.

وأشارت وسائل إعلام نقلاً عن مصادر متابعة لملف الترسيم الى أن «شركة توتال الفرنسية كانت نوت بالحفر بالبلوك رقم 9 وهي المنطقة المتنازع عليها بين لبنان و»إسرائيل»، لكنها أبلغت هيئة قطاع البترول أنها لن تحفر بالبلوك المذكور سوى ببقعة حقل قانا لأن الشركة تتوقع أن تكون البقعة واعدة بالنفط والغاز، خصوصاً أن تجربة الحفر بالبلوك رقم 4 لم تكن مشجعة». واعتبرت أن «القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء تمديد مدة الاستكشاف الأولى لمدة سنتين يعني أن شركة توتال هي المخوّلة ببدء الحفر وفقاً لجهوزيتها بالوقت الذي تراه مناسباً». ولفتت المصادر المتابعة الى أن «لا شيء يشير الى أن توتال غيّرت أو ستغير موقفها من جهة التريث بالحفر، وحتى لو قررت الحفر ففترة التعاقد مع شركات معنية بالملف قد تستغرق وقتاً كبيراً قد يصل لسنة».

من جهته، نفى وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، وجود أي موقف جديد من شركة «توتال» الفرنسية، مؤكدًا أنّه «لم يصل شيء جديد من شركة توتال»، بشأن عملها في لبنان.

وأشار، إلى أنّ «ما اعرفه من العلاقة السابقة معهم، أن لديهم اهتماماً بالتنقيب في البلوك رقم 9، ويهمهم أن لا يكون هناك مخاطر على مصالحهم التي يستخدمونها من حيث الأمن».

وأعرب الرئيس عون عن ترحيبه بقرار مجلس الامن الدولي التمديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) سنة إضافية، معتبرا ان هذه الخطوة تؤكد تصميم المجتمع الدولي على المحافظة على الامن والاستقرار على الحدود الجنوبية. واشار الرئيس عون الى ان التنسيق قائم بين الجيش اللبناني و»اليونيفيل» لما فيه حسن تطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، لا سيما وقف الأعمال العدائية التي ترتكبها «إسرائيل» في البر والبحر والجو.

على صعيد أزمة النزوح، أشار وزير المهجّرين في حكومة تصريف الأعمال الدكتور عصام شرف الدين، الى أن «الهيئات الأممية ومفوضية اللاجئين تضغط على الرئيس نجيب ميقاتي لعرقلة ملف النازحين السوريين، وأميركا وأوروبا تضغطان على ميقاتي من أجل الاستثمار السياسي في هذا الملف».

وأعلنت المديرية العامة للأمن العام، في اطار متابعة موضوع النازحين السوريين الراغبين بالعودة الطوعية الى بلداتهم، «أنها ستستأنف تأمين العودة الطوعية من لبنان الى الأراضي السورية، وسيتم استقبال الطلبات من الاثنين حتى الجمعة من كل أسبوع، بين الساعة الثامنة صباحاً ولغاية الساعة الثالثة».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى