أخيرة

دبوس

اقتصادان

 

في لبنان اقتصادان وليس اقتصاداً واحداً، اقتصاد الشارع، واقتصاد التوابع، اقتصاد الشارع الذي يكتوي بانهيار سعر الصرف، وبالطابور من أجل ربطة الخبز، وبالتضخم الذي بلع ثلاثة أرباع الراتب، وبأسعار الفيول، وبالكهرباء التي أصبحت تزورنا كلّ سنة مرّة، وبالدواء الغير قابل للشراء

باختصار هو الاقتصاد الذي تعاني منه الأغلبية الساحقة من الشعب اللبناني، والذي بانهياره جرّ معه هذه الأغلبية الساحقة إلى الحضيض.

أما اقتصاد التوابع، فهو اقتصاد أولئك التابعين إلى دولة الهيمنة، الويلات المتحدة الأميركية، تملأ جيوبهم بالدولار، مقابل بعض الخدمات والمواقف، وهي بإجمالها الإنسلاخ الكلّي عن معاناة غالبية الشعب، والعمل على مفاقمة الوضع، ثم توجيه اللوم وإصبع الإتهام الى حزب الله، وسلاح حزب الله، يعيش هؤلاء التوابع في بحبوحة من العيش، ولا يحسّون بحجم معاناة الناس، وهم موجودون في السلطة التنفيذية، وموجودون في السلطة القضائية، وموجودون في السلطة التشريعية، وموجودون في الجيش، وموجودون في المركزي والمصارف، وبالتأكيد موجودون وبكثرة في الإعلام، يزوّرون الحقيقة، يبيعون ذمَمهم من أجل حفنة من الدولارات، يصوّبون أصابع الاتهام الى كلّ من يحمل راية المقاومة والتصدي للعدوان، ويجزل لهم العطاء بسخاء على تبنّيهم ناصية الكذب والتلفيق والافتراء وقتل الحقيقة، يعيشون في أبراج عاجية شيّدها لهم أعداء الشعب وأعداء الحق وأعداء كلّ ما هو خير، لا انتماء لهم، ولا كرامة يفقهون لها معنىً، ولا وطن ينضوون تحت لوائه، ولا دين يبث فيهم بعضاً من فضيلة أو أخلاق…!

ذروة سنام القيمة بالنسبة لهم هو ذلك الأخضر الذي تُملأ به جيوبهم بسخاء، مقابل إلقاء ما تبقّى في نفوسهم من الخير ومن بقايا التميّز الإنساني في أقرب مزبلة، والانصياع الكلّي لذابحي وطنهم، هذا ما تفعله دولة الهيمنة بالضبط، خلق حالة من تناقض المصلحة بين المجمل الكلّي، وبين الاستثناء المرتهن، وليشتبك الوطن بعد ذلك في معركة داخلية، لا يعلم إلّا الله كيف وأين ومتى تنتهي.

سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى