مقالات وآراء

الأمانة في نقل التاريخ

} بهيج حمدان

قرأت مقالاً تاريخياً تناول الدول التي حكمت العالم العربي وجواره وتركت بصمات مضيئة رغم قدم التاريخ وما زالت تصلح عناوين لما ينبغي ان يكون في زمن العولمة وأحادية القطب الواحد، والعمل على تعدّد الأقطاب.

 وقد استعرض المقال الدول الأموية والعباسية والغزنوية بدءاً بدولة الخلافة الراشدة التي حكمت بتسامح الإسلام وشريعته هدى ورحمة للعالمين يؤمنون بالله وملائكته ورسله ولا يفرّقون بين أحد من رسله.

 وانتهاء بالأغالبة والسلاجقة والادارسة والمماليك والمغول وغيرهم، وأضاء المقال على فترات غابرة يجب ان تكون محطات للتأمّل والعبر والدروس.

 ولأنّ المقال مرّ على حقبٍ هي الأنصع، رغم ما فيها من انحرافات وظلم وتمرّد وخروج عن طاعة الله، لكنها تبقى غنية بومضات رائعة ولا جدال

إلا أنّ المقال أغفل محطتين تاريخيتين هما الأقلّ جنوحاً والأكثر إبداعا في المجالات العلمية والثقافية واحتراماً للإسلام والقيم الالهية.

ـ الدولة الحمدانية التي حكمت بين عامي 890 الى 1004 وأشهر رجالها علي بن ابي الهيجاء ابن حمدان الملقب بسيف الدولة، وامتدّ نفوذها من الموصل الى قرى الفرات الى الشام ولبنان وحلب التي كانت عاصمة الدولة الحمدانية التي تعود جذورها الى قبيلة تغلب اليمنية التي سكنت الجزيرة العربية وبغداد والموصل. وقد اشتهرت حلب التي اتخذها الحمدانيون عاصمة لهم في عصر سيف الدولة بأنها تضمّ أهمّ المراكز العلمية والثقافية في العالم الإسلامي.

ويقول المستشرق الأميركي ستيفن همريز انّ حلب في عصر سيف الدولة كان من الممكن لها أن تجاري ايّ بلاط في عصر النهضة.

 ورغم انّ الحمدانيين كانوا من المسلمين الشيعة الاثني عشرية لم يرغموا الناس على اتباع مذهبهم، وكان سكان حلب على مذهب الإمامين الشافعي والحنبلي. ولم يحكم الحمدانيون بمذهبهم بل حكموا بالتسامح ودين الحق، وعهدوا الى الشيخ احمد بن اسحاق الحنفي المذهب ليكون قاضياً على حلب التي ازدهرت بمجامعها العلمية والآداب والمؤرّخين والفلاسفة والعلماء والشعراء أمثال ابو الطيب المتنبي الذي نظم أروع قصائده في بلاط سيف الدولة، وأبو فراس الحمداني الذي وقع في أسر جيش الروم وقضى في أسره. وخاض سيف الدولة العديد من الحروب دفاعاً عن ثغور بلاد المسلمين وحارب الغزاة الروم لسنوات قبل ان يتوفاه الله بعدما حكم الحمدانيون 114 عاماً.

ـ الدولة الصفاوية الشيعية الاثني عشرية بقيادة الشاه اسماعيل الصفوي. وينتسب الصفاويون الى مؤسّس الدولة الصفاوية الشيخ صفي الدين الاردبيلي الجدّ الخامس للشاه اسماعيل، وقد امتدّت الدولة الصفوية بعد الفتح الإسلامي واستمرت سبعة قرون وهي من اعظم الامبراطوريات التي حكمت إيران من 1501 الى 1763 وقد امتدّت شرقاً وشمالاً ووصلت الى أذربيجان والبحرين وأرمينيا وشرق جورجيا وأجزاء من المناطق الشمالية من القوقاز والعراق والكويت وأفغانستان وتركيا وسورية وباكستان وأوزبكستان، وخاضت العديد من الحروب والغزوات واشتهرت بالعمارة والطب والفنون المختلفة والعلوم الدينية، وأرست حضارة قديمة يفاخر بها الإيرانيون الى اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى