أولى

التعليق السياسي

سيناريوات إسرائيليّة لاتفاق الترسيم

تؤكد المعلومات المتداولة عن الملاحظات اللبنانية على مسودة الاتفاق الخاص بترسيم الحدود البحرية الجنوبية للبنان، أنها طلبات بإضافة خطية الى متن الاتفاق، للتوضيحات الشفهيّة التي قدمها الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين حول النقاط الإشكالية، مثل المنطقة الواقعة بين الشاطئ وبدء الخط المعتمد في الترسيم، أو عدم تأثير الترسيم البحري على الحدود البرية المعترف بها دولياً، أو عدم وجود أي شراكة لبنانية إسرائيلية تحت أي عنوان مالي أو نفطي، أو آلية الإقرار والتوقيع التي تضمن رفض لبنان لأي مستوى من العلاقة بكيان الاحتلال والتطبيع معه، وهذا يعني أن لا مشكلات فعليه يتوقعها لبنان لجهة الأخذ بهذه النقاط، أو تحوّلها الى عقد تطيح بفرص توقيع الاتفاق.

القلق الذي يسود المقار الرئاسية والمواقع السياسية مصدره هو محاولة الإجابة عن أسئلة حول كيفية التصرف الإسرائيلي تجاه مسودة الاتفاق، في ضوء الانقسام السياسيّ الذي بدأ يصبح أبعد مدى من مجرد انقسام بين حكومة ومعارضة ليطال الفريق الحاكم نفسه بعد تنصل نفتالي بينيت من دعم المسودة، حيث يتمّ التداول بالفرضيات التي يمكن أن تؤول إليها الأمور في ضوء كل من الاحتمالات الممكنة الحدوث إسرائيلياً.

السيناريو الأول هو الأسهل، وهو أن يجد الضغط الأميركي لتسريع توقيع الاتفاق، بهدف تسريع ضخّ الغاز إلى أوروبا، طريقه لتوفير نصاب حكوميّ إسرائيليّ كافٍ لتوقيع الاتفاق، وأن يكون للموقف الأميركيّ وخطورة الدخول بنزاع معه، وللعائد المالي الناجم عن البدء بضخ الغاز الى أوروبا، وتفادي خطر التورط في حرب، تأثير على خيارات الناخب الإسرائيلي يتيح للائتلاف الذي يقوده يائير لبيد فرص الفوز في تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات، وفي هذه الحالة سيكون الاتفاق قد سلك طريقه الآمن.

السيناريو الثاني، هو أن يوقّع لبيد ثم يفشل في العودة إلى الحكم بعد الانتخابات، وأن يصل خصمه بنيامين نتنياهو على رأس حكومة تطيح بالاتفاق. وهذا يعني ان لبنان حكومة ومقاومة، سيكون أمام حتمية التمسك بمعادلة لا غاز من المتوسط لأحد ما لم يتمكن لبنان من نيل مطالبه، والاستعداد لقيام المقاومة باستهداف منصات الغاز الإسرائيلية إذا تم خرق هذه القاعدة. وهذا يعني أنه بدلاً من ان تخوض المقاومة معركة فرض معادلاتها قبل الاتفاق أن تخوض هذه المعركة وبيد لبنان اتفاق موقّع انقلب عليه الاحتلال. وهذا يمنح المعركة مصادر قوة اضافية وشرعية لا جدال حولها.

السيناريو الثالث هو أن يفشل لبيد رغم الدعم الأميركي بتوفير النصاب اللازم للتوقيع، سياسياً أو قانونياً، في حال لجوء المعترضين الى المحكمة العليا أو عرض الاتفاق على الكنيست. وهذا يعني بغض النظر عن نتائج الانتخابات، أن لبنان يستطيع العودة إلى الخط 29، وتعود المقاومة الى فائض قوتها، بينما لا تستطيع واشنطن إلقاء اللوم على لبنان في إطاحة الاتفاق أو ما تسمّيه ضياع فرصة استثمار غاز المتوسط، او ضياع فرصة الحل التفاوضي.

ما ربحه لبنان غير قابل للخسارة مهما كانت الفرضيات الإسرائيلية، فعناصر القوة اللبنانية التي صنعت الإنجاز باقية، ولكنها ستصبح محصنة باعتراف أميركي موثق بأن لبنان بدولته ومقاومته في موقع القوة الأخلاقية والقانونية وليس فقط القوة المعنوية والعسكرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى