قرار «أوبك+»… صفعة لسياسة الهيمنة الأميركية
} حسن حردان
خيبة أمل أميركية بعد الصفعة التي وجّهها إليها اجتماع «أوبك+» بخفض إنتاج النفط مليوني برميل يومياً.. فالقرار سابقة، ويأتي في توقيت حرج بالنسبة لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، عشية الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة، وبعد ضغوط أميركية مكثفة على أعضاء «أوبك+» لعدم خفض إنتاج النفط… ولهذا يُعتبر القرار تمرّداً من قبل العديد من دول «أوبك+» على الطلبات والإملاءات الأميركية.. وهو أكبر قرار بخفض الإنتاج منذ التخفيض الاضطراري مع انتشار جائحة كورونا.
يرى بعض المحللين انّ المستفيد الأول من القرار هو روسيا لأنه يحافظ على أسعار نفط مرتفعة، الأمر الذي دفع البيت الأبيض الأميركي على لسان مستشار الأمن القومي الى وصف القرار بأنه يشكل انحيازاً لروسيا.
على انّ لهذا القرار دلالات هامة في هذا التوقيت من اشتداد الصراع الدولي على خلفية الحرب الروسية الأطلسية الدائرة على الأرض الأوكرانية.. وهذه الدلالات يمكن إجمالها بالآتي:
الدلالة الأولى، تراجع السطوة والهيبة الأميركية على الصعيد الدولي، فالقرار يشكل دليلاً على مدى فشل واشنطن في فرض إملاءاتها على منتجي النفط لإجبارهم على الخضوع لإرادتها بعدم خفض الإنتاج بهدف خفض أسعار النفط وحرمان روسيا من الحصول على عائدات مالية كبيرة… مما دفع المتحدّث باسم البيت الأبيض الأميركي إلى التعبير عن القلق من هذا القرار واعتباره كارثة كاملة للولايات المتحدة الأميركية.
الدلالة الثانية، تأكيد مدى التحوّل في مواقف دول تدين بالتبعية للسياسة الأميركية، مما يدلّل على تنامي الاتجاه الدولي الساعي إلى أخذ مسافة عن السياسة الأميركية، واعتماد السياسات التي تنطلق من مصالح الدول حتى ولو كانت تشكل اصطداماً مع المصلحة الأميركية…
الدلالة الثالثة، تعزيز الموقف الروسي على حساب الموقف الأميركي، ففي الوقت الذي يشكل فيه القرار تهميشاً للموقف الأميركي، فإنه يشكل تعزيزاً لموقف روسيا في معركتها ضدّ سياسة الهيمنة الأميركية، وفشلاً مدوياً لمحاولات واشنطن المستمرة حصار روسيا وإضعافها، من خلال تشديد العقوبات الغربية، ومحاولة الحدّ من وارداتها النفطية.
الدلالة الرابعة، يأتي قرار «أوبك+» الذي صدم إدارة بايدن، في وقت بدأت فيه أوروبا تخرج عن صمتها إزاء الاستغلال الأميركي السافر لأزمة حلفائها الناتجة عن تراجع وارداتها من الغاز الروسي، والذي يتجسّد في بيع الغاز الأميركي للدول الأوروبية بأسعار مرتفعة، وهو ما دفع وزير الاقتصاد الألماني إلى إطلاق صرخة استنكار لطلب «دول صديقة في مقدمها الولايات المتحدة من ألمانيا أسعاراً خيالية لتوريد الغاز من أجل تعويض وقف الشحنات الروسية». وقال روبرت هابيك في مقابلة مع صحيفة «نيوز اوسنابروكر تسايتونغ»: «بعض الدول، حتى الصديقة، تحصل على أسعار خيالية».
خلاصة الأمر، لقد كشف قرار «أوبك+» انتفاضة الدول الأعضاء في هذا التجمع الدولي ضدّ الضغوط الأميركية، وأنّ هذه الدول قد ضاقت ذرعاً من الإملاءات الأميركية التي تتجاهل مصالحها، فيما أوروبا بدأت هي الأخرى تعبّر عن غضبها من الهيمنة الأميركية المفروضة عليها والتي ألزمتها بالعقوبات ضدّ روسيا ووقف الروابط الاقتصادية معها وفي المقدّمة وقف إمدادات الغاز والنفط، حتى تصبح أوروبا أسيرة التبعية الكاملة للولايات المتحدة، وحاجتها إلى الغاز الأميركي، وبالتالي استغلال واشنطن حاجة أوروبا الماسّة إلى تأمين بديل عن الغاز الروسي، لبيعها الغاز الأميركي بأسعار خيالية كما قال الوزير الألماني هابيك، هكذا تتعامل أميركا مع ما تعتبره حلفاءها.. فأيّ تحالف هذا الذي يقوم على الهيمنة والاستغلال البشع…؟