أولى

التعليق السياسي

ملف النازحين والعودة الحتمية

 

لا يزال المستفيدون من إدامة ملف النازحين نازفاً يروّجون لنظرية بقائهم، ويعتقدون أن العوامل التي كانت تقف في صف بقائهم في لبنان وسائر دول جوار سورية خصوصاً قابلة للتمديد، وفي مقدّمتها وجود التمويل اللازم لوضع النازحين المنتمين في أغلبهم الى الطبقات الفقيرة بين خيار عودة صعبة تعوزها إمكانات كثيرة للعيش، والبقاء ولو في ظروف صعبة لكن مع إمكانية الحصول على مبالغ مالية تسهم في تخفيف وطأتها، خصوصاً عندما يذهبون الى سورية ويعودون منها مستفيدين من تقدمات الدولة المجانية للطبابة والتعليم ومن فارق أسعار السلع بين أسواقها وأسواق الدول التي يقيمون فيها وخصوصاً لبنان.
بالرغم من العدائية السياسية التي يبديها الغرب بحكوماته ومنظماته الإغاثية تجاه فكرة العودة، خدمة لموقف يريد لسورية البقاء في حالة الأزمة، فإن ما يجري في الغرب لم يعد يسعف أصحاب هذه العدائية في الحصول على المال اللازم الذي لا يمكن لنظرياتهم بدونه أن تلقى الفرص. فالموازنات اللازمة للجمعيات الفاسدة التي تتولى في لبنان المتاجرة بقضية النازحين، لم يتم تأمينها للعام 2023، وما يتوقع توفيره منها لن يكفي لأكثر من مستحقات التعليم والمياه والصحة، رغم ما فيها جميعا من عمليات نهب وفساد، إلا أن الجهات المانحة تعلن أنها تستبعد مواصلة القدرة على دفع مساعدات مالية للنازحين في العام المقبل.
يقع الغرب تحت وطأة أزمات متعددة تجعله عاجزاً عن مواصلة التمويل، ووفقاً لبعض المصادر المعنية بملف النازحين فإن موازنة التعليم والمياه والصحة التي يمكن تأمينها للعام 2023 قد لا يتم تأمينها للعام 2024، فأزمات الطاقة والتضخم تجعل موازنات دول الغرب تحت عجز كبير ومديونية عالية يفرضان التقشف، وضغط حاجات النازحين الأوكرانيين الذين يتزايدون مع انقطاع الكهرباء في أوكرانيا يشكل أولوية ملفات النزوح التي تستحقّ بنظر الغرب تأمين الأموال اللازمة، وهي أموال مطلوبة لتوفير شروط حياة لنازحين بمعايير أوروبية، أي ما يعادل أكثر من عشرة أضعاف المبلغ المخصّص لإعانة كل أسرة سورية من أجل إعانة أسرة أوكرانية واحدة.
زمن النزوح انتهى، وسورية ستستعيد أبناءها، واللاعبون الذين يتاجرون بالقضية انتهت لعبتهم، والنازحون الذين يقرّرون العودة اليوم يسبقون الأزمة، والدولة السورية تزيل كل التعقيدات من طريق العودة، ومهما كانت الأعداد التي تفتح الطريق قليلة، فهي تفتح طريقاً سيزدحم بسالكيه قريباً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى