مانشيت

بايدن مطمئن لمجلس الشيوخ… نحو ربط نزاع مع روسيا والصين وإيران وسورية/ تركيا تتهم الأميركيين بالعمل الإرهابي في اسطنبول… وحزب الله يتضامن مع تركيا/ ميقاتي يفتتح الترشيح العلني لفرنجية… وسوف يراسل الأميركيين حول الهبة الإيرانية/

كتب المحرّر السياسيّ
تتزايد مؤشرات الأزمة المالية في الغرب وأميركا خصوصاً، تحت تأثير ركود اقتصادي قاتل ناتج عن أزمة الطاقة التي رافقت العقوبات الغربية على روسيا أملاً بالضغط لإضعافها في حربها في أوكرانيا من جهة، وحجم التعقيدات اللاحقة بالأسواق وتدفق السلع في ظل نظام العقوبات وتأزم العلاقات مع الصين من جهة موازية. ومن أبرز المؤشرات عمليات الانهيار في أسواق العملات المشفرة من جهة وعمليات التسريح التي تتدحرج في شركات التكنولوجيا التي تشكل القوة القيادية في البورصات الأميركية من جهة مقابلة. ويتحدث الخبراء عن قلق كبير في أوساط صناع القرار المالي حول كيفية مقاربة هذه الأزمة المتنامية التي سرعان ما ستظهر علاماتها على النظام المصرفي وتضطر الجهات النقدية الحكومية الى التدخل لضخ المزيد من السيولة وهي في قلب أزمة كبرى عنوانها التضخم الذي تجهد لمكافحته برفع الفائدة لسحب السيولة. وباتت هذه الأولوية تتقدم برأي الخبراء على مسار المواجهة المعلن من إدارة الرئيس جو بايدن مع روسيا والصين. وهذا ما يفسر برأيهم جنوح إدارة بادن نحو البحث عن مسارات تفاوضية مع روسيا والصين ولاحقاً مع إيران وربما سورية، ليس بحثاً عن تسويات بل عن ربط نزاع يتيح تخفيض التوتر بما يخفض مصادر الأزمة من جهة، ويمنح الوقت لتكريس الجهود نحو تداعيات الأزمة المالية.
اطمأن الرئيس بايدن الى أغلبية ثابتة لحزبه في مجلس الشيوخ توفر الحماية لسياساته الخارجية، فبدأ مفاوضات مع الصين ليس خافياً أنها ليست مفاوضات القوي الذي يضع الشروط، بل هي في أحسن الأحوال مفاوضات الطرف الأضعف طلباً لربط نزاع ووضع قواعد اشتباك، وبالمثل تأتي الحركة الأميركية المتسارعة نحو روسيا عبر مستشار الأمن القومي جاك سوليفان نحو نظيره الروسي نيكولاي باتروشيف من جهة، وذهاب مدير المخابرات وليم بيرنز الى اسطنبول لعقد لقاء مع نظيره الروسي سيرغي ناريشكين. من جهة موازية، وما نشرته الوول ستريت جورنال عن نصائح سوليفان للرئيس الأوكراني بأن ينسى السقوف العالية للمطالب استعداداً لتفاوض واقعي مع روسيا، وصولاً الى ما نشرته مجلة الفورين أفيرز من مقالات فتحت الطريق للبحث بمسار تفاوضي يهدف للانسحاب من سورية.
في المنطقة بقي التفجير الإرهابي الذي هز اسطنبول يستقطب المواقف والتعليقات، وفيما كان لافتاً الاتهام التركي للأميركيين بالوقوف وراء الإرهاب الذي ضرب في اسطنبول في إشارة لعلاقة واشنطن بالجماعات الكردية المسلحة في سورية التي تتهمها تركيا بالوقوف وراء التفجير، كذلك كان لافتاً بالمقابل اللهجة التضامنية العالية التي عبر من خلالها حزب الله عن إدانته لتفجير اسطنبول مقارنة واكتفائه بالإدانة في حالات مشابهة، بينما تقصّد في بيانه الإشارة الى تضامنه مع الدولة في تركيا، وهذا ما يعتقد متابعون للوضع في سورية أنه إشارة الى تطور في النظرة والعلاقة بين تركيا ومحور المقاومة تربطه مصادر متابعة بالتحولات الجارية في سورية.
لبنانياً، يستمرّ الفراغ الرئاسي ثقيلاً على المؤسسات، ويستمر التدهور الاقتصادي ثقيلاً على اللبنانيين، وفي هذا السياق يدور الوضع في حلقة مفرغة حول كيفية كسر الجمود في المسار الرئاسي، بعدما أضيفت إليه سجالات تتصل بالتشريع النيابي في ظل الفراغ الرئاسي، ومع دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري لجلسة انتخابية يوم الخميس أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تأييده لترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، بينما حاول امتصاص النقمة على موقفه من هبة الفيول الإيراني والمنع الأميركي الذي يطال قبول الهبة الإيرانية، كما يطال الغاز المصري والكهرباء الاردنية، فقال إنه سيراسل الاميركيين حول إمكانية الحصول على الهبة الايرانية دون التعرض للعقوبات، وإنه متفائل بتجاوز التعقيدات التي حالت دون الاستفادة من الغاز المصري والكهرباء الأردنية قريباً.

بانتظار الجلسة السادسة للمجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية والتي ستكون تكراراً لسابقاتها وفق ما تؤكد أوساط نيابية لـ”البناء” لعدم توافر أي معطيات ومتغيرات وتبدّل في مواقف الكتل حتى الساعة، وانسداد أفق التوافق وعجز المجلس والقوى السياسية على فرض مرشحين على الآخرين لتعذّر تأمين أكثرية الانتخاب ونصاب الانعقاد كما أظهرت نتائج الجلسات الماضية، لكن تراهن بعض المراجع على الاجتماع المفترض حصوله بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على هامش قمة العشرين في أندونيسيا اليوم، استكمالاً للاتصال الذي حصل بينهما السبت الماضي، وما يمكن أن يرشح من هذه المحادثات الفرنسية – السعودية على صعيد الاستحقاق الرئاسي اللبناني. علماً أن أوساطاً ديبلوماسية تشير لـ”البناء” الى أن الملف الرئاسي ينتظر تدخلاً خارجياً يضغط على أطراف الداخل لانتخاب رئيس جديد، أو على الأقل يُشكل تغطية أو شبكة أمان وضماناً للأطراف الداخلية الأساسية للمباشرة بالحوار لعقد تسوية رئاسية. وهذا التدخل الإيجابي لم يحصل بعد ولن يحصل قبل الانتهاء من “كوما” الانتخابات النصفية الأميركية وعودة الإدارة الأميركية لالتقاط أنفاسها واستكمال الملفات الأساسية في المنطقة، لا سيما الحرب الروسية – الأوكرانية، والعلاقات مع كل من الصين والسعودية، فضلاً عن الملف النووي الإيراني المتوقع أن يشهد تطورات إيجابية مطلع العام المقبل، وبانتظار أن تنعكس حصيلة نتائج هذه التسويات على لبنان كي يتحرك الملف الرئاسي جدياً.
ووفق معلومات “البناء” فإن الرئيس نبيه بري سيطلق في وقت قريب مروحة اتصالات تمهيدية مع كافة الكتل النيابية لعقد حوار مع كل كتلة على حدة لجوجلة الأفكار وتضييق مساحات الخلاف بينها للتوصل الى مواصفات مشتركة للرئيس المقبل وأسماء مرشحين توافقيين تنطبق عليهم المواصفات، ويقوم حزب الله بالتواصل والتشاور مع التيار الوطني الحر، أما نواب كتلة التغيير والمستقلين فيعقدون سلسلة اجتماعات بالجملة والمفرق في محاولة لإيجاد مرشح توافقي قبل جلسة الخميس، لكن معلومات “البناء” تؤكد أن الخلاف لا يزال سيد الموقف.
وفي هذا الوقت الرئاسي الضائع، تتجه الأنظار الى “تشريع الضرورة” لملء الفراغ الذي يخلفه الشغور في رئاسة الجمهورية وتقيّد الحكومة بالمفهوم الضيق لتصريف الأعمال، إلا أن عقدة دستورية جديدة تواجه عقد المجلس النيابي جلسات تشريعية لكونه هيئة ناخبة لانتخاب رئيس للجمهورية فقط، علماً أن الحاجة تقتضي إقرار عدة مشاريع قوانين لا سيما سلفة الكهرباء والكابيتال كونترول وغيرها من مشاريع القوانين الملحة.
إلا أن كتلاً نيابية عدة ترفض التشريع في هذه المرحلة التي يجب أن ينكب المجلس على انتخاب رئيس للجمهورية كأولوية تتقدم على بقية الاستحقاقات.
وتضمّ هذه الجبهة “القوات” و”الكتائب” وعدداً من النواب المستقلين والتغييريين الذين عقدوا بعد ظهر أمس، اجتماعاً في مكتبة مجلس النواب من أجل تنسيق الموقف في هذا الخصوص.
ووفق المعلومات فإن الاتجاه هو لمقاطعة هذه الجلسات لأن المجلس اليوم هيئة ناخبة فقط، ما قد يهدّد نصاب انعقاد أي جلسة تشريعية.
لكن يبدو أن تكتل التغيير ليس على موقف واحد حيال هذا الأمر، فقد أعلن النائب ملحم خلف أنّه لم يتلق أي دعوة حتى الساعة لحضور الاجتماع، كما وأنّه لا يعلم من هي الجهة الداعية اليه.
واعتبر في حديث إذاعي أنّ كل تشريع هو تشريع الضرورة وليس فقط الملف المتعلق بالكهرباء، مشدداً على أنّ الأولوية اليوم هي لإعادة تكوين السلطة كسباً للوقت ورحمة بالناس، من خلال انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مشيراً إلى أنّ المادة 74 من الدستور تلزم النواب الذهاب فوراً لانتخاب الرئيس في حال الشغور. ورداً على سؤال. وأقرّ خلف بأن التغييريين قد خذلوا الشعب الذي انتخبهم وخيبوا آماله.
كما أن “عقدة التشريع” تهدّد أيضاً الاتفاق الأخير بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لجهة تأمين التمويل اللازم لزيادة عدد ساعات التغذية الكهربائية الى 8 ساعات يومياً، لكون مصرف لبنان طلب تغطية حكومية ونيابية لتمويل سلفة الكهرباء عبر عقد الاستقراض، لكن مصادر نيابية أوضحت لـ”البناء” أن “تأمين التمويل مسؤولية الحكومة ولا علاقة للمجلس النيابي لا من قريب ولا من بعيد وكل ما يُحكى عن سلفة عبر المجلس بعيد عن الحقيقة”.
وعما إذا كان الأمر يتطلب جلسة للحكومة لإقرار سلفة وإحالتها للمجلس، لفتت المصادر الى أنه “قد يكون لديهم آلية أخرى للحصول على المبلغ”.
ووضعت جهات سياسية عبر «البناء» تحريك ميقاتي ملف الكهرباء عبر تأمين الكهرباء عبر مؤسسة كهرباء لبنان بتمويل كميات من الفيول عبر مصرف لبنان، في إطار قطع الطريق على الفيول الإيراني، وتفادي الإحراج الذي يتسبب به لميقاتي الذي يرفض الإقرار بأنه يتعرض لضغوط خارجية من الأميركيين لعدم قبول الهبة الإيرانية، لا سيما بعدما اتهم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله علناً الأميركيين بإجهاض الهبة الإيرانية بالضغط على المسؤولين اللبنانيين لا سيما الرئيس ميقاتي لعدم قبولها. وحمّلت الجهات ميقاتي المسؤولية الكاملة عن تأخر قبول الفيول الإيراني واستمرار أزمة الكهرباء مع اقتراب فصل الشتاء، متسائلة: لماذا يفضل ميقاتي الضغط على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لتمويل الفيول من احتياطي المصرف المركزي وإن أدى الى استنزاف هذا الاحتياطي، بدل قبول هبة شبه مجانبة من الفيول الإيراني لعدم اغضاب الأميركيين؟
ودفع الإحراج ميقاتي أمس للإعلان أنه سيخاطب واشنطن رسميًّا للاستفسار عن إمكانية خضوع لبنان للعقوبات إذا قبِل هبة النفط الإيرانية، وادعى أنّ “لبنان لا يخضع لحصار أميركي، ونحن لن نعرّضه إلى أيّ مخاطر”. وذكر ميقاتي أنّه “سيتمّ تعديل سعر الصرف الرسمي للدولار تدريجيًّا خلال الأشهر المقبلة”، مركّزًا على أنّ “جزءاً من الأزمة الّتي نعاني منها ناجم عن تردّي علاقة لبنان مع الدول العربيّة”.
وعن منع لبنان من استيراد الكهرباء من الأردن والغاز من مصر، قال ميقاتي: “ربما كانت هذه الملاحظة قبل إنجاز عملية الترسيم البحري، وكانت هناك بعض النقاط التي طلبها البنك الدولي لم يؤخذ بها الا منذ عدة ايام، وفي هذه الحالة يمكن للولايات المتحدة أن تضغط في اتجاه تسهيل تعاون لبنان مع البنك الدولي”.
وكانت ساحة النجمة شهدت جلسة للجان النيابية المشتركة برئاسة نائب رئيس المجلس الياس بوصعب وغاب عنها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مجدداً، لكن بعذر، وفق ما أكدت المعلومات.
ومرة جديدة أخفقت اللجان في البحث جدياً في قانون الكابيتال كونترول، فعرضت له عرضاً وأرجأت البحث في تفاصيله.
وكشف بوصعب في تصريح بعد الجلسة أننا “كلّما وصلنا إلى بند الكابيتال كونترول في جلسة اللجان المشتركة يُعرقل النقاش بين مَن يريد إقراره وبين من لا يريد ذلك و”بين من يريد ولكن”. وتابع: “اطّلعنا على خطة التعافي التي حضّرتها الحكومة وقانون إعادة هيكلة المصارف موجود وأنا ضد ربط القوانين ببعضها البعض من الأساس ومداخلات بعض النواب تتكرر”. ورأى أن الجدّية تبدأ اليوم عند العاشرة والنصف ولا أقبل بأن أكون شريكاً في طمس القوانين في الأدراج وليتحمّل النواب مسؤولية قرارهم.
وشدّدت مصادر نيابية مشاركة في الجلسة، لـ”البناء” على أن النقاش في هذا القانون سيستكمل اليوم في التفاصيل، ولكن عدة عقبات تعترض إقراره، لا سيما أموال المودعين وإبراء ذمة المصارف، واللجنة التي ستكون المرجع الصالح للفصل والبتّ بالنزاعات بين المصارف والمودعين والدعاوى التي سترفع على المصارف، وهذه أهم ثلاث مواد تحتاج الى نقاش، لأنها موضع تباين بين الكتل.
وعلمت “البناء” أن “الكتل النيابية لم تفصح عن مواقفها ونياتها تجاه القانون، باستثناء نواب القوات الذين أبدوا معارضتهم المبدئية لأن المشروع لم يطرح بالتزامن مع خطة التعافي، وقانون اعادة هيكلة المصارف».
أما نواب كتلتي الوفاء للمقاومة والتنمية والتحرير فأصروا على تثبيت حقوق المودعين في أموالهم من خلال ضمانات مثبتة بعيداً عن المواد القانونية الإنشائية كي لا يذهب القانون هباءً كغيره من القوانين التي أقرّت ولم تنفذ. أما التيار الوطني الحر، فأكد على ضمان الودائع كأولوية في أي قانون، وأن تشمل خطة التعافي معرفة حجم الأموال المهربة للخارج ومن هربها وإلى أين واستعادة هذه الأموال وذلك للمساهمة بإعادة تكوين رساميل المصارف لكي يصار الى إعادة ودائع الناس تدريجياً ضمن خطة إصلاحية إنقاذية.
على صعيد قضائي، ادعى النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات على القاضية غادة عون بجرائم القدح والذم والتحقير ونشر أخبار كاذبة، والإخلال بواجبات الوظيفة وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية. وأحال عويدات ادعاءه على الهيئة العامة لمحكمة التمييز لمحاكمة عون بالجرائم الجنحية المدعى بها عليها.
ويأتي الادعاء بعد تخلف عون عن المثول أمام القاضي عويدات لاستجوابها في شكوى الرئيس بري وزوجته رنده ضد عون، على خلفية نشر الاخيرة اسماء لشخصيات سياسية لبنانية بينهم المدعيان، عن تحويلات مالية بملايين الدولارات الى الخارج.
وكان عويدات استمع الى افادة وكيل بري وعقيلته المحامي علي رحال الذي كرّر شكواه ضد عون، فيما سارعت الأخيرة الى تقديم دعوى رد ضد عويدات امام محكمة التمييز المدنية. وقالت الوكيلة القانونية للقاضية غادة عون باسكال فهد: “القاضية عون لم تحضر بل تقدمت بطلب رد لوجود خصومة مع القاضي غسان عويدات إضافةً إلى عدم اختصاص النيابة العامة التمييزية بالدعوى”. وقال محامي بري وعقيلته علي رحال إن “الدعوى قانونيّة وهناك إصرار على المضي بها حتى النهاية فهناك كرامات ولن نتراجع”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى