أخيرة

نافذة ضوء

الأعمال العظيمة نتاج النفوس العظيمة
‭}‬ يوسف المسمار*

 

 

الأعمال الكبيرة تنتجها النفوس الكبيرة. وقدر أصحاب النفوس الكبيرة أنهم لا يقصدون في الحياة لهواً ولا لعباً، بل إن نفوسهم الكبيرة لا تسمح لهم مهما ساءت الظروف، وعاكست الأحداث، وتراكمت المحن أن يتخلوا عن مسؤولياتهم أو يتهرّبوا من واجب القيام بتحقيق الحياة الجيدة لأمتهم ولأنفسهم ليكونوا قدوة للآخرين، وتحقيق المصير الأجود والأرقى، ولا يتنازلون عن هذا الشرف حتى ولو أدّى ذلك الى سقوط أجسادهم وهلاكها في ساحة العز.
وخير شاهد على النفوس وعظمتها هو اختبارها في مواجهة الأحداث المصيرية، والمفاصل التاريخية، والتصدي للأعداء الطامعين بحيث يتبين أصيلها من زائفها، وصحيحها من فاسدها، وعزيزها من ذليلها، فتسقط النفوس الزائفة الفاسدة الذليلة غير مأسوف عليها، وتتألق النفوس الأصيلة الصحيحة العزيزة فارضة على الوجود والتاريخ ذاتها بما اتخذته من مواقف بطولية، وبما حققته من أعمال كبيرة وبما أبدعته من إنجازات نافعة ورائعة فتعطي التاريخ معنى وتزيده قيمة، ويعطيها التاريخ قيمة ويزيدها هيبة وجلالاً.
وأعزاء أبناء أمتنا الأمناء المقاومون العدوان، والمهاجمون الفساد، والمضحّون من أجل الحياة الكريمة هم هم أصحاب النفوس الكبيرة الذين لا يكتفون بالمألوف الجميل بل يجتهدون ويجاهدون لابتكار كل ما هو جديد وأجدّ، وجميل وأجمل، وراقٍ وأرقى معبرين عن أصالتهم وطبيعتهم الخيّرة ونفوسهم الجميلة خلقاً وإبداعاً.
فلا نوازل القرون الماضية وويلاتها استطاعت أن تنال من وعي أحرار أمتنا ومداركهم، ولا كوارث الحاضر ومآسيها استطاعت أن تقلل من عزيمة الأحرار وكبريائهم، بل إن وعي نفوس أحرار أمتنا لحقيقة وجودنا وحياتنا ومقاصدنا النبيلة في الحياة استمرّ ويستمرّ، بالرغم من كل المحن التي نزلت بنا وتنزل، فاعلاً في النفوس، واستمر ويستمر في المجاهدين والمقاومين الإيمان العظيم بأصالة أمتنا وحقها في الحياة المجيدة.
واستمرّت وتستمرّ ثقتهم بأنفسهم في تحقيق الانتصار الكبير على قوى العدوان والبغي التي لا هم لها إلا الاعتداء وسرقة خيرات وموارد الشعوب.
فيا أبناء أمتنا الأحرار ويا أصحاب النفوس العظيمة الذين يتوقف على صدق خطواتكم، وجدية أعمالكم، ونبل مقاصدكم، وقوة عزائمكم، وعظمة بطولاتكم تحقيق آمال الملايين من بنات وأبناء جيلنا وأجيال أمتنا، إياكم أن تتنازلوا عن تحقيق ما كان ويبقى وسيبقى مطمح أجيالنا منذ كانت الحياة على الأرض الى ما سوف تكون.
فالأمم العظيمة لا تتألق إلا بالنفوس العظيمة، ولا معنى للنفوس العظيمة إن لم تحقق عظمة أمتها فتحقق عظمتها وتحافظ عليها وتستمرّ في تنمية وإدامة هذه العظمة.
ويا كبار النفوس في شعبنا الذين تتوقف مسؤولية القيام بالأعمال الكبيرة على سلامة وعيكم، وصدق إيمانكم، واستمرار جهادكم، بكم، وبكبرياء نفوسكم، وبأعمالكم الكبيرة يكون الانتصار الكبير.
*باحث وشاعر قوميّ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى