مانشيت

السعودية توجّه الدعوة لقمة صينية عربية بعد أسبوع… وميقاتي تلقى الدعوة / ماكرون في واشنطن لإقناع السعودية بحتميّة التسوية مع حزب الله… وجنبلاط يساند / إصدار المراسيم واجتماع الحكومة إلى الواجهة في سجال متجدّد بين التيار وميقاتي /

كتب المحرّر السياسيّ
يصل الرئيس الصيني شي جين بينغ الأسبوع المقبل إلى السعودية في زيارة تاريخية للمشاركة في ثلاث قمم صينية سعودية وصينية خليجية وصينية عربية، وأمس وزع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز دعوات لحضور القمة الصينية العربية في التاسع من الشهر الحالي، أي يوم الجمعة المقبل، وتلقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الدعوة لحضور القمة، وتأتي أهمية القمم الثلاث أولاً لجهة ما تظهره من تقدم سياسي تحققه الصين في المنطقة على إيقاع حجم تأثيرها الاقتصادي المتعاظم، وما يمثله هذا الحضور من كسر الأحادية الأميركية خصوصاً على صعيد الخليج والسعودية، وثانياً لجهة ما تظهره من توجه خليجي وسعودي خصوصاً، باعتماد مواقف وسياسات تعبر عن حسابات المصالح على خلفية التغيرات الجارية على الصعيد الدولي. وهو ما أدى إلى تأزم في العلاقات السعودية الأميركية إثر قرار أوبك بلاس بخفض إنتاج النفط، وصفته واشنطن بالتموضع السعودي الى جانب روسيا.
في المنطقة تستمرّ لهجة التصعيد التركية لجهة العزم على القيام بعملية عسكرية برية تستهدف مناطق انتشار الجماعات الكردية المسلحة، بينما تجري محادثات مكثفة روسية تركية وأميركية تركية حول مبادرات لصرف النظر عن العملية، وبينما تتأزم العلاقات الأميركية التركية علناً عبر الاتهامات المتبادلة، حيث تحمّل أنقرة واشنطن مسؤولية دعم الجماعات الكردية المسلحة، وتتهم واشنطن أنقرة بتقويض التحالف الذي يواجه تنظيم داعش، تبدو المحادثات الروسية التركية مستمرة حول صيغة تضمن انتشار الجيش السوري بدلاً من الجماعات الكردية المسلحة وليس الى جانبها، من جهة، وفتح مسار تطبيق التزامات تركيا وفق مسار أستانا لجهة حسم وضع الجماعات المسلحة التي ترعاها تركيا في منطقة شمال غرب سورية.
لبنانياً، مع انعقاد جلسة انتخاب رئاسية جديدة تعيد إنتاج مشهد الاستعصاء وما يترتب عليه من فراغ مع تعطيل لفرص الحوار الذي بدونه يستحيل إنجاز انتخاب رئيس جديد، يبحث الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مع الرئيس الأميركي جو بايدن آليات منع اندفاع لبنان نحو الفوضى في ظل استمرار الفراغ الرئاسي، ويقدم خريطة طريق عنوانها التعاون لإقناع السعودية باستحالة إيصال رئيس للجمهورية دون الحوار مع الفريق الذي يشكل حزب الله مكوناً رئيسياً فيه ولا يمكن الحوار معه دون الحوار مع حزب الله، وبالتوازي استحالة تحقيق مطلب السعودية برئيس حكومة يحظى برضاها مقابل رئيس جمهورية يعادي حزب الله، لأن التوازن النيابي لا يسمح بالحصول على المنصبين معا، وجاء كلام رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط بوصف رفض الحوار مع حزب الله بالعبث، بمثابة مساندة داخلية لموقف ماكرون في محادثاته الأميركية.
في الشأن الحكومي توقعت مصادر وزارية تصاعد السجال بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والتيار الوطني الحر، على خلفية قضيتي توقيع المراسيم التي تشكل الآلية القانونية لتسيير أعمال الدولة وكيفية إصدارها، حيث يتمسك ميقاتي باعتبار توقيع ثلثي الوزراء كافياً، بينما تقول مصادر وزارية إن التيار يصرّ على ربط إصدار المراسيم بتوقيع كل الوزراء، في الصيغة التي يحل فيها مجلس الوزراء مجتمعاً مكان رئيس الجمهورية، والمسألة نفسها ستثير خلافاً أكبر مع الدعوة التي ينوي الرئيس ميقاتي توجهيها لانعقاد مجلس الوزراء واعتباره حضور ثلثي الوزراء كافياً وفقاً لنص الدستور، بينما يعتبر التيار أن وراثة صلاحيات رئيس الجمهورية بعد الشغور الرئاسي إضافة لكل ما يحيط بالوضع الدستوري للحكومة يجعل مجلس الوزراء مجتمعاً معادلة لنصاب الحضور ولو لم يرد ذلك بنص صريح، اذاً يكفي النص على أنه في حالة شغور موقع الرئاسة يتولى مجلس الوزراء مجتمعاً صلاحيات رئيس الجمهورية.
جلسة ثامنة للمجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية ستنضم الى الجلسات السبع بلا رئيس ومن دون نتائج خارج دائرة التوقعات، إذ من المرجح أن يحافظ المرشح النائب ميشال معوض على عدد الأصوات نفسه أو ما يربو عليه بقليل واستمرار سباقه مع الورقة البيضاء، مع صوتين للوزير السابق زياد بارود وظهور أسماء أخرى من خارج نادي المرشحين المعروفين ثم ترفع الجلسة بسبب فقدان النصاب.
أما خارج الجلسة في الغرف المغلقة فتستمر المشاورات بين القوى السياسية على خطين: الأول كيفية التوصل الى توافق يؤمن نصاب الثلثين والأكثرية النيابية 65 صوتاً لانتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، والثاني: استكشاف فرص التوافق على مرشحين آخرين كالوزير السابق زياد بارود والسفير السابق جورج خوري والوزير السابق وديع الخازن وقائد الجيش العماد جوزاف عون وأسماء أخرى في حال سُدّت الأبواب أمام فرنجية، بموازاة حراك فرنسي على خط الملف الرئاسي الذي يحمله الرئيس ايمانويل ماكرون الى واشنطن خلال الساعات المقبلة خلال لقائه الرئيس الأميركي جو بايدن.
وأشارت مصادر فرنسية متابعة للملف لـ«البناء» الى أن الفرنسيين هم الوحيدون المهتمون بالوضع اللبناني ويبذلون مساعي كبيرة باتجاه القوى الدولية والإقليمية المؤثرة في الساحة اللبنانية، لا سيما السعودية التي تريدها باريس شريكة أساسية بأي تسوية مقبلة، وتأمين مظلة دولية أميركية أوروبية عربية تحديداً للتسوية الرئاسية، لكون لبنان بحاجة الى تضافر كل هذه الدول والمجتمع الدولي عموماً لإنقاذ اقتصاده من الانهيار في ظل الأزمات الكبيرة التي يعانيها منذ سنوات، لا سيما استكمال التفاوض مع صندوق النقد الدولي لنيل الدعم المالي من الجهات المانحة وإعادة تفعيل مؤتمرات الدعم للبنان كمؤتمر سيدر.
وتؤكد المصادر بأن فرنسا لن تألو جهداً إلا وستبذله في سبيل تسهيل انتخاب الرئيس في لبنان، لأن الفراغ سيفاقم الأزمات ولا يعود بإمكان أحد فعل شيء لا سيما أن لا حل للأزمة الاقتصادية من دون دعم المجتمع الدولي بعد إنجاز الإصلاحات المطلوبة وعقد اتفاق مع صندوق النقد.
في المقابل لم تسرّب أي معطيات عن حراك رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في الخارج حيث شوهد في قطر في آخر ظهور له بعد زيارته الباريسية، كما لم يصدر عنه اي موقف بشأن الرئاسة. وأشارت الهيئة السياسية في التيار بعد اجتماعها الدوري برئاسة باسيل أن «الاتصالات التي يجريها رئيس التيار في الخارج تتم من زاوية تأمين الظروف الخارجية الداعمة لخيار اللبنانيين عندما يتم اتخاذه، من خلال برنامج متفق عليه كشرط لإنجاح العهد بالخروج من دوامة الانهيار والنكد النكد السياسي التي عرقلت ولاية الرئيس العماد ميشال عون».
لكن أوساطاً نيابية في التيار الوطني الحر شدّدت لـ«البناء» على ضرورة التوافق على برنامج سياسي – اقتصادي للخروج من الأزمة قبل التداول بالأسماء»، مشيرة الى أن التصويت بالورقة البيضاء حماية للاستحقاق ولكي نجمع على دعم رئيس وليس انتخابه فقط، ولكي نتفادى التعطيل ولذلك نفضل تأمين ظروف انتخاب الرئيس قبل انتخابه».
وشدّدت على أن لا خلاف شخصياً مع فرنجية وهو أقرب بالاستراتيجيا مع التيار من بين كافة المرشحين، لكن نختلف معه في إدارة الدولة وإعادة بنائها ومكافحة الفساد والإصلاح. وهذه الأمور نراها أولوية في ظل الانهيار وتحلل الدولة.
ولفتت الأوساط الى أن «لا يمكن انتخاب رئيس للجمهورية بلا التفاهم مع التيار وإلا فإنهم يريدوننا أن نعود الى صفوف المعارضة وينجزوا تسوية نبقى خارجها، كما لا يمكن انتخاب رئيس بلا القوتين المسيحيتين الكبيرتين التيار والقوات اللبنانية. موضحة أننا لسنا ضد ميشال معوض لكن حزبي القوات والكتائب حوّلاه الى مرشح تحدّ، ودعونا الى حوار مع القوات للتوافق على رئيس، لكنها أوصدت الأبواب فكيف يتهموننا بالتعطيل؟
وأكدت الأوساط أن القوات والكتائب يدعمان معوض فقط الى حين نضوج الظروف لانتخاب رئيس تسوية. داعية معوض الى الخروج من هذا المسلسل الذي لم ولن يصل الى مكان. كما أكدت مصادر معوض لـ«البناء» أنه مستمرّ بترشحه لكونه مرشح المعارضة وانسحابه غير وارد في الوقت الراهن ما دام مدعوماً من المعارضة.
إلا أن مصادر نيابية في «القوات» تشدد لـ«البناء» على أن «القوات متمسكة بمعوّض وستبقى معه حتى نهاية المعركة الانتخابية طالما لم يتم التوافق العام على مرشح»، مشيرة الى أن «القوات ليست بوارد عقد أي اتفاق أو صفقة تؤدي لانتخاب فرنجية، أما مسألة النصاب فشأن آخر وقد تلجأ الى مقاطعة أي جلسة لانتخاب فرنجية لمرة واحدة فقط ولكن ستحضر في الجلسات المقبلة ليس من باب تأمين النصاب لفرنجية كما يُشاع، بل لتأمين نصاب الجلسات وتسهيل انتخاب الرئيس ووقف مسلسل التعطيل الذي تلجأ اليه قوى 8 آذار والتيار الوطني الحر».
وشددت المصادر القواتية على أن المواصفات التي وضعتها القوات للرئيس لا تنطبق على فرنجية المتحالف مع حزب الله ويغطي سلاحه ولا يلتزم بضبط الحدود والتهريب والسياسة الخارجية المنفتحة على الدول العربية واستعادة العلاقات العربية والخليجية والدولية.
إلا أن النائب في كتلة تجدد أديب عبد المسيح أكد لـ«البناء» أن القوات ستلجأ للتعطيل إذا ذهب الفريق الآخر الى فرض مرشح من خارج المنطق السيادي وفريق المعارضة.
من جهته، أكد عضو تكتل «الاعتدال الوطني» النائب وليد البعريني لـ«البناء» الى أننا كتكتل لسنا ملحقين بل سنكون شركاء في تسمية الرئيس، ولا فيتو على معوض شرط أن يلقى توافق أغلب الكتل. وهذا لم يتوفر حتى الساعة، ولن ندعم أي مرشح تحدّ، بل مرشحنا التوافق على أي شخصية غير صدامية، وإذا تم التوافق على فرنجية لا مانع لدينا من انتخابه بشرط التزامه بالمواصفات التي نؤمن بها على رأسها اتفاق الطائف وسيادة الدولة والعلاقات الجيدة مع دول الخليج».
وردّ رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي« وليد جنبلاط، على الأطراف التي تغلق أبواب الحوار مع حزب الله وتدعو الى الطلاق معه، كما قال رئيس الكتائب النائب سامي الجميل، بالقول في تصريح الى أن «هناك من قال إن لا فائدة من الحوار مع حزب الله، وهذا أمر عبثيّ، إذ علينا أن نحاور كل الفرقاء للوصول الى انتخاب رئيس يملك مواصفات الحوار ويملك مواصفات معالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية، أما أن نراهن على الفراغ فنحن نرى كيف البلاد تغرق في كل يوم».
إلى ذلك يبدو أن المعركة السياسية – الدستورية – الحكومية ستتجدّد بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والتيار الوطني الحر، بعد توجه ميقاتي للدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء بداعي الضرورة، وأشارت مصادر مقربة من ميقاتي الى أن الأخير لن يتوانى عن الدعوة الى جلسة عندما يرى ضرورة لا سيما وأن الكثير من الملفات والاستحقاقات تحتاج الى قرارات في مجلس الوزراء لا سيما الملف الاستشفائي والدوائي ومرضى الكلى والأمراض المستعصية خصوصاً، فضلاً عن ملف الكهرباء، وسيحمل ميقاتي الوزراء مسؤولية عدم حضور الجلسة.
وإذ أكدت مصادر التيار الوطني الحر لـ«البناء» التمسك بموقفها التي أعلنت عنه قبل نهاية ولاية الرئيس ميشال عون بأن عقد جلسات الحكومة في الشغور الرئاسي غير دستورية وشرعية وأن وزراء التيار وعون لن يحضروا الجلسة، وتساءلت لماذا لم يُصَر الى إقرار هذه البنود الطارئة قبل نهاية ولاية عون؟ محمّلة المسؤولية لمن تخلف عن تأليف حكومة جديدة، مؤكدة أن ميقاتي يتحجج ببعض الملفات الملحّة لكي يدعو الى جلسات. وهذا يفضح نياته منذ البداية بأنه لا يريد تأليف حكومة جديدة للاستئثار بالحكومة الحالية والتفرّد بقراراتها مستغلاً غياب رئيس الجمهورية لمصادرة صلاحياته الدستورية وموقعه السياسي. وحذّرت من مغبة الدخول في هذا الأمر ودونه تداعيات سلبية.
وقالت الهيئة السياسية للتيار: «الواضح أن رئيس حكومة تصريف الأعمال يُعدّ لمراسيم غير دستورية ويصدر قرارات غير شرعية بصلاحيات لا يمتلكها. ويترافق ذلك ‏مع حملة سياسية مبرمجة تطالب بعقد جلسة لمجلس وزراء، ‏خلافاً للدستور، بحجة تأمين ‏الأموال للمتطلبات الاساسية، تحت طائلة اتهام من يرفض مخالفة الدستور بأنه ‏سيكون في مواجهة مع الناس».
وفق المعلومات فإن رئيس مجلس النواب نبيه بري يؤيد دعوة ميقاتي فيما وزراء حزب الله لم يحدّدوا موقفهم وقد سبق وأعلنوا رفضهم حضور الجلسات، لكن الحزب لن يعلن عن موقفه قبل دعوة ميقاتي. كما أفيد أن ميقاتي رفض أن يوقع كل الوزراء على قرار كشرط لتمريره، لكون الميثاقية المسيحية مؤمنة في مجلس الوزراء ولا تختصر بالتيار.
ويبدو أن ميقاتي بدأ التمهيد لعقد الجلسات الوزارية بتفعيل اللجان الوزارية، إذ رأس أمس اجتماعاً لـ «اللجنة الوزارية لمتابعة عودة النازحين السوريين الى بلادهم بأمان»، في السراي الحكومي.
في غضون ذلك، عقدت اللجان النيابية المشتركة جلسة جديدة لمتابعة المناقشة في مشروع قانون الكابيتال كونترول. وشهدت سجالات ونقاشات حادة بالجملة بين النواب، ومع بدء الجلسة، علا الصراخ داخل القاعة بين نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب والنائب جميل السيد على خلفية حديث بو صعب أمس، الذي قال فيه، إنّ عدداً من النواب لا يريد القانون وعدداً آخر لا يريد مناقشته. واعتبر السيد أنّه لا يحق له قول ذلك، قائلاً «القانون أشبه بالبذة، يمكن تعديل مقاساتها وليس إعادة تفصيلها من جديد». كما حصل سجال بين بوصعب والنائب ميشال معوض، حيث اتهمه بوصعب بأنه دعا لرد القانون الى الحكومة ورفض إقراره.
وكان المودع وليد حجار اقتحم بنك الاعتماد اللبناني فرع شحيم، واحتجز الموظفين وسكب البنزين وهدّد بحرق البنك. وكشفت لجنة المودعين أنّ «المودع وليد حجار اقتحم البنك مع عائلته، لتحرير أمواله وعلاج زوجته المريضة بالسرطان»، مشيرة إلى أن المودع لديه وديعة بقيمة 242000 دولار وزوجته مريضة بالسرطان، وقدّم شكوى إلى البنك دون نتيجة».
على صعيد آخر، دعا الرئيس بري الى عقد جلسة الأربعاء المقبل لدرس اقتراح وادعاء الاتهام في ملف الاتصالات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى