أولى

واشنطن تخلط الأوراق في باكستان وتُعيد تدوير طالبان باكستانياً

‭}‬ محمد صادق الحسيني

ثمّة وقائع وأحداث متسارعة في باكستان تشير بمجموعها الى نيات خبيثة لدى واشنطن، بإعادة تطويب نظرية أميرها الوهابي بندر بن سلطان، القائلة بضرورة تطويق محور المقاومة بـ «هلال» معاد يمتدّ من الهند وباكستان حتى رمال الصحراء العربية…
في مؤشر إلى تفاقم الأزمة بين حركة «تحريك طالبان»(TTP) (وهي الجناح الباكستاني من طالبان) وإسلام آباد، أصدرت الحركة بياناً يوم 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2022 تعلن فيه إلغاء اتفاق وقف إطلاق النار مع الحكومة الباكستانية، الذي أعلن عنه يوم 2 حزيران (يونيو) 2022 ودعت مقاتليها إلى شن هجمات على امتداد أراضي البلاد.
وهو القرار الذي برَّرته الحركة، التي تأسّست عام 2007 وتعرف أيضاً باسم طالبان باكستان، بإمعان الجيش الباكستاني والمخابرات الباكستانية في خرق الاتفاق وضرب عناصرها ومتابعتهم في إقليم خيبر ومناطق أخرى من البلاد.
في هذه الأثناء أعلن المتحدث باسم طالبان افغانستان يوم امس انه تمّ إلقاء القبض على شخص أجنبي في حادثة التفجير قرب السفارة الباكستانية في كابول وهو على صلة بداعش وبعض التنظيمات الخارجة على القانون، في إشارة واضحة الى انّ المعتقل ينتمي الى طالبان باكستان أو على صلة بالقاعدة المتعاونة معها.
غير أنّ قراءة الإعلان، وفق مصالح وممكنات الحركة المحدودة واستطلاع تطورات المشهد السياسي الباكستاني إقليمياً ودولياً يشي بما يلي:
إنّ جناح طالبان الباكستاني الذي يسمّي حاله «تحريك طالبان» طُلب منه أن يفكّ الهدنة المعلنة بينه وبين الحكومة الباكستانية منذ ٢ حزيران الماضي، وأن يقوم باستئناف هجماته على امتداد البلاد الباكستانية، كما هي الأخبار المتواترة من هناك، وذلك بأمر عمليات أميركي، للضغط على الحكومة الباكستانية بهدف منعها من التعاون مع روسيا وإيران وتركيا، في مجال الطاقة، وضرب مشروع كوريدور المواصلات شرق ـ غرب، والآخر شمال ـ جنوب.
إنّ واشنطن التي تشعر باقتراب فصل الشتاء من جهة، وهو ما سيدخلها هي وأتباعها الأوروبيين في أوْج أزمة الطاقة، مع روسيا.
ومن جهة أخرى لأنه يهمّها كثيراً في اللحظة الراهنة، إشاعة عدم الاستقرار في كلّ أقطار وسط آسيا، وبصورة أخصّ بكلّ الأقطار المتصلة بين الصين وإيران، لا سيما تلك المنضوية في منتدى شانغهاي للتعاون، لضرب الممر الاقتصادي الصيني الهام: «طريق واحد حزام واحد».
ولأنها وصلت الى طريق مسدود في إيجاد قاعدة آمنة لرموزها المتنفذة في حكومة إسلام اباد من نتائج معركة الداخل التي يقودها عمران خان، لإزاحتهم في إطار سلمي شعبي ديمقراطي (تظاهرات وانتخابات مبكرة)…
فقد قرّرت أن يكون الحلّ على ما يبدو برفع مستوى التوتر الداخلي في باكستان الى مستوى الفتن الداخلية المتنقلة على غرار ما يحصل في عدة بلدان آسيوية.
وذلك من أجل خلط الأوراق داخلياً بحيث تذهب خيارات عمران خان الديمقراطية ضحية هذا الجو الأمني المتوتر من جهة، فيما تمنع إسلام اباد من الذهاب بعيداً باتجاه دول جوارها الإقليمي من الصين وروسيا وصولاً الى إيران.
ولأنّ الحكومة الباكستانية الحالية من جهة، بحاجة إلى التهدئة بهدف إيجاد مخارج لأزمتها الاقتصادية التي قد تتفاقم في حال استهداف الاستثمارات الأجنبية بالبلاد خاصة الصينية منها عبر ضرب «الممر الاقتصادي الصيني».
ومن جهة أخرى بحاجة ماسة الى الطاقة بصنفيها الغاز والنفط الروسي، وقد أقدمت على خطوات عملية جادة مع موسكو، فقد قررت إعادة تدوير داعش واخواتها في باكستان.
ويكفي في هذا المجال أن نتابع سوياً ما قاله وزير خارجية باكستان بهذا الخصوص في الساعات الماضية ..
حيث أعلنت باكستان أنّ روسيا وافقت على توفير النفط الخام بأسعار مخفضة، وذلك في الوقت الذي تعاني فيه إسلام آباد من أجل تلبية الطلب المتزايد على الطاقة في ظلّ تحديات اتساع عجز الميزان الجاري.
وقال وزير الدولة للبترول مصادق ماليك للصحافيين في العاصمة إسلام اباد: «إنّ روسيا قرّرت تزويد باكستان بالنفط الخام بسعر مخفض».
ويأتي هذا الإعلان بعد أسابيع من إعلان حكومة رئيس الوزراء شهباز شريف البحث عن خيارات لتلبية احتياجات الطاقة.
وكان مالك قد سافر إلى روسيا الأسبوع الماضي لإجراء مباحثات بشأن عدة قضايا تشمل إمدادات النفط والغاز.
وقال: «إنّ الزيارة كانت ناجحة، أكثر مما هو متوقع».
وأضاف «أنّ الحكومة الروسية دعت باكستان لبدء مباحثات بشأن عقود طويلة الأمد لتوفير الغاز الطبيعي المُسال.
إنه عالم يسارع الخطى لطيّ صفحة دولة القطب الواحد العالمية …
وتبلور عالم ما بعد أميركا.
بعدنا طيّبين قولوا الله…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى