أخيرة

دبوس

ميزانية تاريخية للهيمنة

القوة الماحقة هي فلسفة جيوسياسية في العقل الأميركي منذ وطأت أقدام الأنجلوساكسون شواطئ القارة الجديدة، وقامت قطعان القادمين الجدد بعملية إبادة مطلقة للقاطنين الأوائل من خلال التفوّق في تكنولوجيا القتل، في واقع الحال لم تتخلّ هذه العقلية الأنجلوساكسونية أبداً عن مبدأ القتل عن بعد، ولكنها طوّرت غوغائيتها وفاشيتها وتوحّشها من القتل الفردي عن بعد إلى القتل الجماعي…
الـ 850 بليون دولار، ميزانية وزارة القتل الأميركية تندرج في الإطار نفسه، مع تغييرات منفعية فرضها واقع الحروب الخاسرة من الناحية الاستراتيجية التي تكبّدتها هذه الدولة المارقة الاستيطانية، تكلفة الجندي الأميركي في وضع القتال هي مليون دولار سنوياً، إذا أضفنا الحساسية المفرطة لهذا المجتمع للخسائر البشرية، وجدنا هذا العقل الاستراتيجي يتجه نحو الحرب الناعمة، ثم العمل على توسيع نطاق الأبحاث والتطوير لتكنولوجيا القتل، جزء لا بأس به من هذه الميزانية الأكبر في تاريخ هذه الدولة سيذهب الى تلك المفاعيل، يعمل على الإمساك بالدول من تلابيبها من خلال استغلال الضعف الإنساني تجاه المال…
لم يكن ديفيد شينكر يختلق الحقائق حينما قال بأنّ أميركا خسرت 10 بلايين دولار في لبنان في فترة زمنية بعينها، لم تذهب هذه الأموال للتنمية ولتطوير الإنتاج الزراعي والصناعي، لقد ذهب بعضها القليل إلى الجيش، فيما ذهب الكثير منها إلى متنفذين في الجسم التنفيذي والجسم التشريعي والمنظمات المدنية وللجسم القضائي وللإعلام.
أطيح بعمران خان من خلال سيطرة مشابهة، وأطيح مؤخراً برئيس البيرو اليساري من خلال الفلسفة نفسها، وبالطريقة نفسها تمّ إحداث حالة الشغب في شوارع إيران، والبارحة تخصّص دولة الهيمنة 55 بليون دولار لدعم الدول الأفريقية خلال السنوات الثلاث المقبلة، ستمارس النظرية نفسها للهيمنة على رقاب الأفارقة.
لماذا نرسل الجيوش ونخسر الدم والمال في حروب لا طائل من ورائها، أقلّ خسائر بشرية في تاريخ دولة الهيمنة في القوات المقاتلة الأميركية تمّ تسجيلها في السنوات الخمس الفائتة، مشكلة أميركا أنّ هنالك قوىً صاعدة لن تسمح لها بذلك، إذا دفعت أميركا 55 بليون دولار في أفريقيا، فإنّ الصين ستدفع 100 بليون، وليس للهيمنة وفرض القرار بالقوة، ولكن للمنفعة المتبادلة، وإذا كانت عشرات البلايين تدفع لتطوير تكنولوجيا القتل، فإنّ عشرات البلايين ستدفع في محور القوى الصاعدة لكبح جماح الجبروت الأنجلوساكسوني ومن ثم الإطاحة به.
سميح التايه

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى