مانشيت

البنتاغون والناتو لخطوات ما بعد خسارة أوكرانيا… وواشنطن تستعد لمعركة سقف الدين العام عبد اللهيان إلى دمشق: التقى نصرالله مؤكداً العروض الكهربائية والتحسّن في العلاقة بالسعودية الحكومة لجدول أعمال يضمّ الكهرباء وتعويضات النقل وترقيات الضباط… والتيار معارض

‭}‬ كتب المحرر السياسي
رغم إنكار الجيش الأوكراني هزيمته في سوليدار وتداعياتها على معارك كل منطقة الدونباس، والتحذير من خطورة الوضع على الجبهة مع بيلاروسيا، يتصرف البنتاغون وحلف الناتو على قاعدة أن روسيا تتجه لانتصار كبير في أوكرانيا، والمقالات التي تتحدث عن قرب انهيار الجيش الأوكراني تملأ الصحف الغربية، والبنتاغون والناتو يعترفان بعدم القدرة على تقديم المزيد ويستعدان لنشر أسلحة وعتاد في رومانيا وبولندا تحت شعار التحسب للحراك العسكري الروسي نحو دول الناتو، وواشنطن لا تجد استغراباً في كلامها عن تجديد التزامها بالدفاع عن كل أعضاء حلف الناتو، بدلاً من التشديد على أنها لن تتساهل مع إلحاق الهزيمة بأوكرانيا.
في واشنطن، خصوصاً في الكابيتول، مجلس النواب يستعدً لبدء العمل التشريعي واولى الأولويات التي تنتظره قضية رفع سقف الدين، التي تراهن عليها إدارة الرئيس جو بايدن كجزء من خطة مكافحة التضخم بحلول تقنية، عبر زيادة ديون الخزينة بفوائد مرتفعة، يعرف الداعون إليها نتائجها المدمرة على الاقتصاد وتسببها بركود الاستثمارات في القطاع الخاص الذي يعجز عن مجاراة الدولة في دفع الفوائد المرتفعة، والموضوع كان من أبرز قضايا الخلاف التي رافقت انتخاب رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي والمتمردين داخل الحزب الجمهوري، الذين حصلوا على تعهد مكارثي بعدم السير بأي مقترح على هذا الصعيد دون التشاور المسبق والتوافق داخل الكتلة الجمهورية، وسيكون الملف أول اختبار للاتفاق الذي حمل مكارثي الى رئاسة مجلس النواب، فإذا التزم بالاتفاق وثبت امتلاك المتمردين حق الفيتو، ولم يتم رفع سقف الدين، أو تم بصورة جزئية محدودة لا تلبي طلب إدارة بايدن، تتفاقم الأزمة المالية ويزيد التضخم وترتفع الأسعار، وإذا تنكر مكارثي للاتفاق وتمت الاستجابة لطلب إدارة بايدن برفع سقف الدين بالحدود التي طلبتها الإدارة، ينخفض التضخم وتزداد البطالة ويتراجع الإنتاج، عدا عن مخاطرة مكارثي بمواجهة طرح الثقة برئاسته بعد سنة، وكانت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين قد بعثت برسالة إلى الكونغرس تدعو فيها إلى رفع سقف ديون الحكومة الأميركية، محذرة من بلوغ السقف الحالي الخميس المقبل. وأكدت يلين أنه بمجرد أن يصل الدين العام الأميركي إلى 31.381 تريليون دولار، ستضطر الوزارة إلى اتخاذ «بعض التدابير الاستثنائية»، بما في ذلك تعليق المساهمات في صناديق التقاعد والصناديق الاجتماعية، من أجل تجنب التعثر الفوري.
في لبنان قطعت زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان مناخ الجمود السياسي الذي ترزح فيه البلاد بوحي ما يحصل على مسار الاستحقاق الرئاسي من مراوحة في المكان وتجديد للعجز، وجال عبد اللهيان على رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب، والتقى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وأمين عام حركة الجهاد الإسلامي زياد نخالة، والتقى مساء بنخبة من السياسيين والإعلاميين، وجاء اجتماع عبد اللهيان مع السيد نصرالله محورياً لارتباطه بما يتعدّى العلاقة التقليدية بين إيران وحزب الله، لكون الوزير الإيراني في طريقه إلى دمشق لتنسيق زيارة قريبة للرئيس الإيراني السيد ابراهيم رئيسي، حيث يمثل السيد نصرالله دور الشريك الثالث في العلاقة الثنائية بين سورية وإيران، كما قالت مصادر متابعة لملف الزيارة، وأكد عبد اللهيان في كل لقاءاته على أمرين، الأول استمرار الالتزام الإيراني بالتعهدات الخاصة بملف الكهرباء تجهيزا وتزويدا بالوقود، رغم التعثر اللبناني، والثاني نقل الأنباء الإيجابية عن تحسن العلاقات الإيرانية السعودية، عسى يسهم ذلك في تحرير بعض القيادات السياسية من القلق من فتح قنوات الحوار الداخلي، خصوصاً مع حزب الله خشية أن يستدرج الغضب السعودي عليهم، وفقاً لقراءة المصادر المتابعة.
في الشأن الحكومي، قالت مصادر وزارية إن جدول أعمال الجلسة المرتقبة يوم الاثنين، لم يوزع على الوزراء، ربما لبحث جدي بإضافة بندي التعويضات للموظفين وترقيات الضباط المتفق على أهميتها وإلحاحها بين الأطراف المشاركة في اجتماع الحكومة بما فيها حزب الله، والتي كانت تأمل أن يؤدي حصر البحث بملف الكهرباء الى تذليل معارضة التيار الوطني الحر، وبعدما تبلغ الجميع موقف التيار المعارض بمعزل عن جدول الأعمال، تقول المصادر الوزارية إن البحث بدأ بتوسيع جدول الأعمال دون التخلي عن شرط تضمينه المسائل الملحة والتي تكتسب صفة الضرورة، خصوصاً لاتصالها بشؤون الناس.
وخرقت زيارة وزير الخارجية الايراني أمير عبد اللهيان جمود المشهد السياسي، حيث كشف الوزير عن عروض كهربائية بالجملة للبنان تنتظر موافقة الحكومة اللبنانية. وجال عبد اللهيان على المسؤولين مؤكداً أن ‏بلاده لا تتدخل في قضايا لبنان وأبرزها الانتخابات الرئاسية، وأنها مستعدة لدعم بيروت في ‏محنتها خاصة على صعيد الكهرباء والفيول.
وأعلن الدبلوماسي الايراني في مؤتمر صحافي في وزارة الخارجية أن ‏‏»إيران ستبقى دائمَا وأبدا الصديق الوفي للبنان في السراء والضراء»، لافتا الى ان «التعاون ‏بين إيران ولبنان ينعكس إيجابا على مصلحة شعبينا‎»‎‏. واعلن ان «فريقا تقنيا لبنانيا زار ‏إيران واجتمع مع المعنيين لتأمين الفيول والمحروقات التي يحتاجها لبنان من أجل ‏الكهرباء‎.»‎‏ وقال ردا على سؤال: «لا نتدخل بحال من الأحوال في شؤون لبنان وندعم ‏ونرحب بتلاقي وتحاور كل التيارات السياسية لحل مسألة الشغور الرئاسي ونحن على ثقة ‏تامة ان التيارات السياسية لديها الوعي السياسي والتجربة لتضع مخرجاً للشغور»‎.‎
وفي السراي الحكومي بحث عبد اللهيان مع رئيس ‏الحكومة نجيب ميقاتي‎، العلاقات بين لبنان وإيران وسبل ‏تطويرها، اضافة الى الوضع في المنطقة‎.‎‏ وأكد ميقاتي خلال الاجتماع أن ‏‏»الاوضاع في لبنان صعبة، ولكننا نعمل على تسيير الأمور ولدينا الثقة والعزيمة للعمل ‏على الخروج من هذه المحنة‎»‎‏. أما وزير الخارجية الايراني، فشدد على ان «إيران ستقف ‏الى جانب لبنان ودعمه في كل الظروف، وترغب في تطوير العلاقات وتفعيلها على الصعد ‏كافة‎»‎‏.
كما التقى عبد اللهيان، في عين التينة رئيس مجلس النواب نبيه بري‎.‎ كما عقد اجتماعاً مع الامين العام لحزب الله السيد حسن ‏نصرالله.
في غضون ذلك، بقيت الدعوة المرتقب أن يوجهها ميقاتي لعقد مجلس الوزراء الأسبوع المقبل، في واجهة الاهتمام نظراً لتداعياتها السياسية في ظل موقف التيار الوطني الحر الرافض لعقد الجلسة والمشاركة فيها، مقابل اعلان حزب الله مشاركته فقط لإقرار بندي الكهرباء.
وأشارت أوساط مطلعة على موقف حزب الله لـ«البناء» الى أن موقف الحزب بالمشاركة في جلسة مجلس الوزراء المرتقبة لا يستهدف أي طرف سياسي ولا الوقوف مع طرف ضد آخر، بل ينطلق من حرصه على مصالح الناس وشعوره بآلامهم ومعاناتهم اليومية لا سيما في ملف الكهرباء والأدوية وارتفاع الأسعار وغيرها، ولا يجوز تعطيل المؤسسات حتى انتخاب رئيس للجمهورية، لكن الحزب حصر مشاركته ببندي الكهرباء حرصاً على علاقته مع التيار، علماً أن معظم بنود جدول الأعمال ملحة ومهمة.
وحمل كلام وزير العمل مصطفى بيرم بعد اجتماع لجنة المؤشر، رسالة الى التيار الوطني الحر، بتحميله المسؤولية لكل من يعرقل اقرار الملفات الملحة في مجلس الوزراء، ولفت بيرم الى أنّه ‏‏»تم الاتفاق على زيادة مليون و900 ألف على الزيادات السابقة على الضمان الاجتماعي ‏وبدل النقل 125 ألفا في القطاع الخاص وسنضغط لإقراره في القطاع العام، لكن الأمر ينتظر إقرار مجلس الوزراء».
وإذ لم يصدر التيار الوطني الحر أي موقف من جلسة مجلس الوزراء، بانتظار توجيه رئيس الحكومة الدعوة رسمياً، أشارت مصادر التيار لـ«البناء» الى أننا لن نسكت أو نستكين إزاء أي دعوة جديدة لاستهداف موقع رئيس الجمهورية وانتهاك الدستور وضرب الشراكة الوطنية، مذكرة بأن الرئيس ميقاتي عندما تحدث عن تأمين الكهرباء عشر ساعات في كانون الأول الماضي كانت حكومته تصريف أعمال ولم يقل إنه سيعقد جلسة لمجلس الوزراء لإقرار سلفة الكهرباء، فلماذا الآن يصر على عقد الجلسة ولأي أهداف؟
وعن تعليق التيار على موقف حزب الله بحضور الجلسة فقط ببندي الكهرباء، لفتت المصادر الى أنه «اذا عقدت الجلسة وشارك فيها الحزب سيكون لنا موقف يناسب هذه الخطوة التصعيدية، وحصر مشاركته ببندي الكهرباء غير مقنع وغير كاف للتضامن معنا بل القضية مبدئية. وتساءلت لماذا علينا أن نتفهم موقف الحزب دائماً ولا يتفهم موقفنا؟ وعندما يكون هناك شراكة حقيقية يجب التعامل بالطريقة نفسها، وغمزت المصادر من قناة عين التينة بحثها ميقاتي على الدعوة في اطار استهداف التيار طيلة العهد الماضي.
وجزمت المصادر بأن وزراء التيار لن يحضروا الجلسة وهذا خارج دائرة النقاش لا سيما أن بنود الكهرباء لا تحتاج الى جلسة لمجلس الوزراء بل يمكن إقرارها بمراسيم جوالة أو موافقات استثنائية، موضحة أننا لا زلنا على موقفنا من حضور اي جلسة في الحالات الطارئة والضرورية اي في القرارات المصيرية التي تحتاج الى قرار سياسي استراتيجي. وشددت المصادر على أن اضافة الى مخالفة الدستور بعقد الجلسة، فإن ميقاتي يضرب مبدأ الميثاقية والتوازن بصيغ المراسيم بتوقيعه مكان رئيس الجمهورية ومتمسكون بتوقيع الـ 24 وزيراً، ولفتت المصادر الى أن «ميقاتي ومن خلفه يستغلون ملف الكهرباء الحيوي الذي يهم المواطنين للدعوة الى مجلس الوزراء لحشر التيار في الزاوية وتحميله مسؤولية عرقلة امور الناس الحياتية».
وإذ توقعت المصادر أن تسوء العلاقة بين التيار والحزب بعد جلسة الأسبوع المقبل، علمت «البناء» أن الاتصالات تحصل بين التيار والحزب منذ أسبوعين لترتيب لقاء بين الحاج وفيق صفا ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، لكن لا تقدم ايجابي على هذا الصعيد حتى الساعة.
رئاسياً يستمر الجمود القاتل في ظل جمود المبادرات وبقاء الأطراف على مواقفها، وفيما أفيد عن مشاورات بين أحزاب القوات والكتائب والاشتراكي للبحث بأسماء جديدة غير النائب ميشال معوض، نفى الأخير ذلك، وشدد على أنه «لن ينسحب الا لصالح مرشح من المعارضة يحظى بخمسة وستين صوتا أو لصالح تسوية سيادية وطنية شاملة».
وقد برزت حركة قائد الجيش العماد جوزف عون باتجاه عين ‏التينة والضاحية الجنوبية، وما قد تحمله من اشارات سياسية، إذ بحث آخر التطورات مع الرئيس بري، فيما تفقّد فوج التدخل الرابع في الضاحية الجنوبية ‏لبيروت إثر العملية التي نفذها الفوج مع مديرية المخابرات منذ يومين في حي الجورة في برج ‏البراجنة.‏
ولفت قائد الجيش إلى أنّ «وحدات الجيش كافّة تحارب المخدرات على امتداد الأراضي اللّبنانيّة، فهي أخطر من الإرهاب، وواجبنا حماية أهلنا في الضّاحية وسائر المناطق من هذا السّمّ الّذي قد يدخل إلى كلّ بيت وعائلة، وأن نوفّر لهم الأمان ونَرُدّ عنهم وعن أولادهم شرّ هذه الآفة»، مشدّدًا على «أنّنا مصمّمون ومصرّون على خوض حربنا ضدّ المخدرات مهما طالت. الشعبُ بجميع أطيافه وانتماءاته داعم لكم في هذه الحرب، فكونوا على قدر آماله».
بدوره، أشار رئيس الهيئة الشرعية ‏في الحزب الشيخ محمد يزبك الى ان «الأوضاع في لبنان تزداد سوءا يوما بعد يوم، ‏والواجب الخروج من حالة التأجيل وعدم المبالاة، ولا بد من المبادرة إلى التفاهم والتوافق ‏للخروج من نفق الفراغ، بانتخاب رئيس الجمهورية، ولا يكون ذلك بالتحدي والفرض من ‏الخارج. إن اللبنانيين قادرون بأنفسهم، إذا صفت النوايا وفتحت القلوب على المصلحة ‏الوطنية‎»‎‏.‏
على صعيد آخر، سجل ملف انفجار مرفأ بيروت تصعيداً اضافياً، فبعد اقتحام أهالي الضحايا لقصر عدل بيروت وتهديد القضاة وتكسير مكاتبهم والتهديد بتفجير العدلية أمس الأول، أوقفت قوة من أمن الدولة فرع الدكوانة أحد ذوي الضحايا وليم نون على ذمّة التحقيق، بعدما حققت معه لمدة ساعات أمس.
وبحسب المعلومات، فإن توقيف وليم نون حصل بناءً على اشارة القاضي زاهر حمادة على خلفية تصريح نون عن تفجير قصر العدل، وسيُحال الاثنين على المباحث الجنائية المركزية بناءً على بلاغ بحث وتحرّ من القاضي غسان عويدات.
ووفق المعلومات فإن التحقيق مع وليم نون استمرّ في مديرية أمن الدولة حتى ساعات متأخرة من مساء أمس.
وحصلت تجمعات عند جسر الذوق وقطعت الطريق احتجاجاً على التوقيف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى