مقالات وآراء

بصمات إيرانية واضحة وردّ فعل «إسرائيلي» محدود!

‭}‬ د. علي أكرم زعيتر*
لم يعد خافياً على أحد، أنّ العمليات البطولية التي شهدتها أراضي الضفة الغربية والقدس مؤخراً، ممهورة بتواقيع إيرانية واضحة.
لعلّ خير ما يعبّر عن هذه الحقيقة هو ردّ فعل الكيان الصهيوني الذي أعقب عملية الشهيد خيري علقم، والتي أودت بحياة نحو تسعة مستوطنين، بناءً على اعتراف وسائل الإعلام «الإسرائيلية» نفسها.
العمليتان البطوليتان للشهيد علقم، والشهيد عليوات، بدت البصمات الإيرانية واضحة عليهما، ما حدا بحكومة نتنياهو إلى الردّ، عبر قصف إحدى منشآت التصنيع العسكري في أصفهان، بواسطة ثلاث مُسيّرات دقيقة التوجيه.
الحرب الاستخباراتية الإيرانية ـ الصهيونية في أوْجها هذه الأيام، ومع ذلك لا يزال بعض الحمقى والمضللين من العرب يروّجون للفكرة البالية التي تقول، إنّ إيران والكيان الصهيوني عدوان في الظاهر، وحليفان تحت الطاولة!
هذه الفَرِيَّة الممجوجة التي تقف خلفها أجهزة الإعلام السعودية والإماراتية، لا يزال بعض الحمقى من أبناء جلدتنا ـ أمثال الدكتور فارس سعيد ـ يروّجون لها، ويجاهرون بها عند كلّ مفترق، وأمام كلّ منعطف، فإلى متى يبقى هؤلاء في سذاجتهم يعمهون؟
هناك معلومات شبه مؤكدة تشير إلى أنّ الجمهورية الإسلامية تمكّنت في الآونة الأخيرة من إيصال أسلحة فردية إلى أراضي الضفة، تمهيداً لاستخدامها لاحقاً في عمليات فدائية جريئة كالتي شاهدناها مؤخراً.
تتحدّث أوساط مقرّبة من الكيان «الإسرائيلي» عن نشاط مكثف لعناصر حزب الله في هذه الحرب الاستخبارية المستعرة، حيث تنقل تلك الأوساط عن بعض الجهات علمها بوجود حركة نقل أسلحة نشطة عبر الحدود الشمالية، يقوم بها أفراد منظمون داخل صفوف حزب الله من خلال بعض المتعاونين «الإسرائيليين».
هذه المعلومات التي لم يتسنَّ لنا التأكد من صحتها، تتقاطع مع ما جرى بالأمس من قصف لإحدى المنشآت الصناعية العسكرية في أصفهان، ما يجعلنا ميالين إلى تبنِّيها والتصديق بها، وإلا فما الذي قد يدفع حكومة نتنياهو في هذا الوقت الحرِج بالذات إلى إصدار أمر عمليات من هذا النوع، لجواسيسها داخل إيران وكردستان العراق؟ ألا يُعدّ هذا السؤال مشروعاً في الوقت الراهن؟
من الواضح أنّ كلام نتنياهو القديم الجديد حول نية حكومته مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، خلال هذا العام أو العام المقبل متى ما نجح الأخير في تبوء رئاسة الحكومة، لا يعدو أن يكون مجرد تهديدات واهية لرفع معنويات الناخب «الإسرائيلي»، وحثِّه على التصويت لفريق نتنياهو الانتخابي.
وإلا لو كان نتنياهو جديّاً في تهديداته لاستغلّ فرصة قيام إيران بالعبث داخل كيانه، ولأعطى لنفسه المسوغ، وهاجم منشآتها النووية على الفور!
إنّ اكتفاء حكومة نتنياهو بمهاجمة مصانع أصفهان العسكرية، ردّاً على عمليتَي علقم وعليوات البطوليتين، لهو دليل كافٍ برأينا على عدم جديتها في شنّ حرب على إيران، وعدم جرأتها في الأصل على القيام بأيّ ردّ فعل من هذا القبيل!
فإذاً، أقصى ما يمكن أن يصل إليه نتنياهو في ردّه على إيران هو ما شاهدناه في أصفهان بالأمس، وعليه نسأل، أما آن لمن تبقى من مهرّجي الرابع عشر من آذار في لبنان، وأشياعهم من التغييريين الجدد، أن يكفوا عن تمنية النفس بحرب «إسرائيلية» ـ أميركية ـ خليجية على إيران تضعف حزب الله، وتحدّ من نفوذه في الداخل اللبناني؟
*مؤرخ وباحث لغوي وسياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى