أخيرة

دبوس

 

الحماية «الآتية من الشمال»

في بدايات القرن الفائت، وفي مرحلة بزوغ نجم الجريمة المنظمة في الولايات المتحدة الأميركية، وبالتحديد في العشرينات والثلاثينات والأربعينات، كان التكتيك الذي تنتهجه تلك العصابات في جباية المال والسيطرة على الحياة المالية والتجارية كالتالي، تقوم العصابة بإرسال شخصين أو ثلاثة أشخاص الى المطعم أو الفندق أو البار، حيث يطلبون من صاحب المحلّ مبلغاً شهرياً «خوّة»، مقابل حمايته، فإذا امتثل وقبل بدفع المبلغ، كان به، وانْ رفض وقال لهم، لن أدفع شيئاً، يقومون وفي اليوم التالي بإرسال مجموعة من الأشخاص يقومون بتحطيم محتويات وأثاث المحلّ، ولا يتركوه إلا حطاماً، في اليوم الثالث يقومون بإرسال نفس الأشخاص الذين أرسلوهم في اليوم الأول، الذين يبادرونه بالقول، ألم نقل لك منذ البداية إنك بحاجة الى الحماية مقابل مبلغ شهري، فيضطر المسكين الى القبول بالحماية مقابل المال!
نفس التكتيك، ونفس النظرية، ولكن على نطاق أكبر، تقوم عصابات الدول الأوليغارشية الغربية بالسيطرة على الدول المغلوبة على أمرها في أفريقيا وأميركا اللاتينية وبعض دول الشرق الأوسط، حيث تقوم هذه الدول الاستعمارية بإرسال عصابات الإرهاب الى هذه الدول، مثل مالي وبوركينا فاسو ونيجيريا وغيرها، ثم يقدّمون بعد ذلك خدماتهم لحماية هذه الدول من الإرهاب، فيرسلون قواتهم للسيطرة على هذه الشعوب ونهب ثرواتها، بحجة محاربة الارهاب وحماية هذه الدول…
مثال على ذلك دولة مالي، أتت فرنسا لحماية هذه الدولة من الإرهاب، ولكن، وبعد عقدين من الزمان، وجدنا المشهد التالي، مالي، دولة غنية بمناجم الذهب، وفرنسا ليس فيها منجم ذهب واحد، مالي، حالياً، لا يوجد في خزينتها أيّ ذهب، بينما تمتلك فرنسا ثالث احتياطي ذهب في العالم!
هذا هو الغرب الناعم الجميل، ذو العيون الزرقاء، والشعر الذهبي، وهذه هي البركات التي يقدّمها هذا الإنسان للشعوب الأخرى، صاحبة البشرة الداكنة، والعيون الجاحظة السوداء، والشعر الأكرت الأجعد.
سميح التايه

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى