أولى

الزلزال يفضح وحشية الغرب واستغلال واشنطن البشع لمعاناة الشعب السوري

حسن حردان
كشفت كارثة الزلزال، الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سورية، نفاق الغرب وطبيعته المتوحشة المعادية للإنسانية، عندما هب لتقديم المساعدات إلى تركيا، وامتنع، ومنعها عن سورية من ناحية، وفضحت من ناحية ثانية سياسات واشنطن المستغلة لمعاناة الشعب السوري والتي كانت ولا زالت السبب فيها، وأظهرت من ناحية ثالثة إلى أي مدى توغل الإدارة الأميركية، جمهورية كانت أم ديمقراطية، في استغلال معاناة السوريين لأجل مواصلة سياسة ابتزاز دولتهم وقيادتهم بغية فرض الشروط والإملاءات عليهم، وهي شروط تستهدف:
1 ـ النيل من استقلال وسيادة سورية ووحدة أرضها وشعبها،
2 ـ إجبار القيادة السورية على قبول التطبيع مع كيان الاحتلال الصهيوني، والتخلي عن مساندة الشعب العربي الفلسطيني ومقاومته،
3 ـ إخضاع الدولة السورية للتبعية الاستعمارية الغربية…
4 ـ تقسيم سورية من خلال فرض إقامة كيان كردي انفصالي في شمال سورية، وتغذية الانقسام بين فئات الشعب السوري…
وذلك بعد أن فشلت واشنطن في بلوغ ذلك عبر حربها الإرهابية الكونية التي استهدفت سورية ولا زالت منذ 12 عاماً…
هذه السياسة الأميركية الغربية المتوحشة في حجب المساعدات الدولية عن سورية بفعل قانون قيصر الأميركي الذي يفرض العقوبات على الدول التي تتجرأ على تقديم العون لسورية في محنتها التي تعاني منها نتيجة الحصار الاقتصادي الجائر، هو اليوم الذي يحول دون إقدام المؤسسات الدولية والكثير من الدول على المسارعة الى إرسال فرق الإنقاذ والمعونات لسورية لمساعدتها على مواجهة كارثة الزلزال الذي أدى إلى سقوط آلاف الضحايا والجرحى وأحدث دماراً هائلاً مما زاد وفاقم من معاناة الشعب السوري…
هذه السياسة التي تنتهجها إدارة الرئيس جو بايدين تجاهر بها علناً، فهي لا تخفي انّ رفع حصارها عن سورية وتسهيل وصول المساعدات الدولية إليها مرتبط باستجابة دمشق للشروط والإملاءات الأميركية، وهو ما كشفه أخيراً معهد واشنطن في تحليل أعدّه تضمّن اقتراحات إلى إدارة بايدين، حول كيفية استخدام واستغلال معاناة الشعب السوري، الناتجة عن الحرب والحصار، للضغط على القيادة السورية لقبول الشروط الأميركية بما خص الحلّ السياسي…
فتحت عنوان “على الأسد العودة إلى طاولة المفاوضات للتخفيف من أزمة الطاقة في سورية”، أوصى الباحثان في معهد واشنطن للدراسات، اندرو جيه وتايلر اريك يافورسكي، إدارة بايدن، بالقول: بإمكان واشنطن المساعدة في التخفيف من أزمة الوقود في سورية، ولكن فقط إذا وافقت دمشق وموسكو على تمديد آلية المساعدة عبر الحدود واستئناف التقدم نحو تسوية سياسية نهائية”.
وشدّدا على “حاجة واشنطن للعمل بشكل مبتكر مع حلفائها من أجل وضع خطة لتخفيف المعاناة الإنسانية للمدنيين السوريين ـ وطوال ذلك الاستفادة من المشاكل الاقتصادية للنظام للحصول على تنازلات في التفاوض على تسوية سياسية نهائية بموجب “قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”.
هذا الكلام يكشف بوضوح مدى استغلال إدارة بايدن البشع لمعاناة السوريين وسعيها إلى ابتزاز القيادة السورية لمقايضتها رفع هذه المعاناة مقابل الموافقة على شروط واشنطن في تسوية سياسية نهائية للازمة في سورية،
وتستخدم واشنطن في محاولتها لفرض شروطها جملة من الوسائل:
الوسيلة الأولى، الإبقاء على احتلال قواتها لأجزاء من الأراضي السورية في شمال وشرق سورية..
الوسيلة الثانية، مواصلة دعم وحماية الجماعات الإرهابية المسلحة من داعش والنصرة إلخ…
الوسيلة الثالثة، الاستمرار في دعم بعض الأحزاب الكردية في محاولة فرض إقامة كيان انفصالي في شمال شرق سورية، والضغط على هذه الأحزاب لمنع اي حوار مع دمشق يقود إلى عودة سيطرة الدولة السورية على الجزيرة السورية…
الوسيلة الرابعة، سرقة الثروة النفطية والغازية في شمال سورية، وكذلك الموارد الزراعية..
الوسيلة الخامسة، إحكام الحصار الاقتصادي على سورية من خلال ما يسمى قانون قيصر لزيادة معاناة الشعب السوري ومحاولة تأليبه ضد دولته للضغط عليها لقبول الشروط الأميركية للحل السياسي…
من هنا يجب أن يعرف الرأي العام أن استمرار وجود الارهابيين في سورية والحصار الاقتصادي الذي يتسبّب في معاناة السوريين، وحجب المساعدات الدولية عن سورية لمواجهة كارثة الزلزال إنما يعود الى هذه السياسة الأميركية المتوحشة التي تمعن في مواصلة احتلال أجزاء من سورية والاعتداء على سيادتها ومواصلة تغذية ودعم الإرهاب…
وإذا كانت القيادة السورية المدعومة من غالبية الشعب السوري ترفض الخضوع لهذه الشروط والإملاءات الأميركية وتقاوم ضغوط واشنطن وترفض ابتزازها، وتؤكد على ثباتها وتمسكها باستقلال سورية ورفض التفريط بثوابتها الوطنية والقومية، ورفض التبعية والهيمنة الأميركية الغربية بكل أشكالها، فإن ما هو مطلوب من كل الدول التي تنهج خطأ استقلالياً في مواجهة الهيمنة الأميركية وترفض السير في العقوبات الأميركية، أن تهبّ لتقديم كلّ أشكال الدعم والمساعدة لسورية وبالتالي كسر الحصار الأميركي الجائر.. كما أنّ المطلوب من كلّ الأحزاب والقوى وحركات التحرر العربية رفع الصوت عالياً للوقوف إلى جانب سورية في هذا الوقت العصيب، والضغط على حكوماتها لكسر الحصار الأميركي…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى