أولى

المصارف… الحاكم… “طق شرش الحيا”؟

بمعزل عن الإدانات الجزائية التي تنتظر القضاء الشجاع والمستقلّ للفصل بها، لا تستطيع المصارف ولا يستطيع حاكم مصرف لبنان إنكار حقيقة أنهم الجهة التي بحكم اختصاصها وتعريفها القانوني تتحمل مسؤولية حفظ الأمانات التي تمثلها أموال المودعين التي وضعت في عهدتهم، وأنهم لا يستطيعون إنكار أن لا قوة قاهرة حالت دون قيامهم بموجب حفظ الأمانة. فقد كانت الحقيقة أمام أعينهم واضحة، أنهم يستنزفون هذه الودائع بصيغة تتربح عبرها المصارف بفوائد عالية وتخاطر بمصير الودائع لأنها تعلم أن مصرف لبنان يقرضها لدولة ولا أفق لرؤية قدرة الدولة على السداد، وأن مصرف لبنان كان يستثمر هذه الأموال في اتجاهين، الأول لتثبيت سعر الصرف وبيع اللبنانيين وهما جميلا يعلم انه لن يستمر، ويعلم أنه يموله دون علمهم بأموالهم التي يعتقدون أنها بأمان، والثاني لتمويل إنفاق الدولة التي يعرف أنها غير قادرة على سداد هذا الدين، وأن الانفجار إذا لم يحصل هذه السنة فسوف يحصل السنة المقبلة، وأن الودائع التي لا يعلم اصحابها انها ضاعت، سوف تصيبهم الحقيقة بالصدمة بعد حين.
من كانت هذه هي فعلته يفترض بالحد الأدنى أن يبقى صامتاً، وأن يحني رأسه عندما يتم الحديث بحضوره عن هذه الفعلة، لكن المصارف وحاكم المصرف يتقدمون الصفوف ويحاضرون فينا بأنهم الأشد فهماً والشد حرصاً، وهم بالتأكيد لا يملكون هاتين الصفتين، لكنهم لا يكتفون بذلك بل يخططون بكل وقاحة لكارثة ثانية مشابهة، بمحاولة وضع اليد على الذهب وأصول الدولة، عبر التنصل من أي مسؤولية عن الكارثة التي تسببوا بها، ويوظفون جيشاً من الإعلاميين والسياسيين لبث ونشر الأكاذيب وتزوير الحقائق وتوزيع المسؤوليات عبر الافتراء، وبالوقاحة ذاتها بعدما منعوا بكل إمكاناتهم السير بقانون الكابيتال كونترول، عندما كانت صيغته مفيدة، قاموا بالتدخل لتشويهه وجعله مجرد حماية لهم من الملاحقة القضائية، بجعل تقييد وصول المودعين إلى أموالهم أمراً مشروعاً قانونياً، بينما يواصلون تهريب الأموال الى الخارج بلا كلل.
قيل في الماضي اللي استحوا ماتوا، ولكن يبدو أن هناك من “طق شرش الحيا” عنده.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى