أولى

المعادلة الجديدة لسيد المقاومة لإحباط مخطط الفوضى الأميركي

‭}‬ حسن حردان
جاء خطاب أمين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في ذكرى القادة الشهداء، والذي ردّ فيه على مخطط الفوضى الأميركي، بتهديد واشنطن بفوضى في كلّ المنطقة وإيلام طفلها المدلل «إسرائيل»، جاء هذا الخطاب في توقيت يشهد فيه لبنان تدهوراً مقصوداً في قيمة الليرة اللبنانية تجاه الدولار واستطراداً انهياراً غير مسبوق في القدرة الشرائية للمواطنين… والذي أعقب مباشرة إقدام المصارف على تنفيذ إضراب مفتوح، فيما كان لافتاً انّ الدولار يقفز مرتفعاً في اليوم عشرة آلاف ليرة، وبات الحديث عن اقترابه من رقم مئة ألف ليرة للدولار الواحد، بعد أن تجاوز عتبة الثمانين ليرة، من دون أن يكون لهذا الانهيار في قيمة العملة ما يبرّره اقتصادياً، الأمر الذي يزيد من القناعة بأنّ هناك جهات محلية وخارجية تقف وراء ذلك بقصد إيجاد المناخات المواتية التي تدفع البلاد إلى الفوضى، وهو ما ظهرت مؤشراته من خلال قطع الطرقات وحرق المصارف، بما يذكر بقرار فرض الضريبة على الواتس أب عشية اشتعال احتجاجات 17 تشرين الأول عام 2019، والتي شكلت بداية إدخال لبنان في نفق الانهيار الاقتصادي والمالي الممنهج المترافق مع قرار أميركي بتشديد الحصار على لبنان مما أسهم في تفاقم الأزمات وانفجارها وبداية مسلسل تراجع قيمة العملة اللبنانية، وحجز أموال المودعين…
وكان واضحاً أنّ كلّ ذلك إنما يندرج في سياق مخطط واشنطن لإخضاع لبنان بالكامل للهيمنة الأميركية، من خلال محاولة حصار حزب الله المقاوم وتأليب اللبنانيين ضدّ المقاومة وسلاحها، عبر تحميل الحزب مسؤولية الأزمات، وصولاً إلى توفير المناخ المؤاتي لنزع سلاح المقاومة لا سيما الصواريخ الدقيقة التي تقلق كيان العدو الصهيوني وتشلّ قدرته على شنّ الحرب ضدّ لبنان وتلجم اعتداءاته وأطماعه…
رب قائل بأنّ ما نقوله مجرد تحليل ورأي سياسي، لا يمتّ للحقيقة والواقع بصلة… لكن الدليل على ما نقوله، ليس العودة إلى التذكير بمواقف وتصريحات المسؤولين الأميركيين، من جيفري فيلتمان وخطته التي عرضها أمام لجنة الخارجية في الكونغرس لإضعاف حزب الله وإقصائه مع حلفائه عن السلطة، وتشكيل حكومة موالية بالكامل للسياسة الأميركية كي تنفذ إملاءات واشنطن، إلى تصريحات ديفيد شينكر واعترافاته بفشل من راهنت عليهم بلاده في تحقيق ما تريده، رغم الأموال الطائلة التي دفعتها لهم الإدارة الأميركية، بل نذكر فقط بآخر التصريحات الأميركية التي جاءت على لسان مساعدة وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، في تشرين الثاني من العام الماضي، حيث قالت، «إنه سيتعيّن على اللبنانيين تحمل المزيد من الألم قبل أن يروا في بلادهم حكومة جديدة».
وأوضحت باربرا، ما تعنيه كلمة ألم بالقول «إن الانهيار والتفكك أمران لا مفرّ منهما قبل أن يصل اللبنانيون إلى ظروف أفضل»، مؤكدة أنه يجب ربط لبنان الاقتصادي بقروض صندوق النقد الدولي…
والسؤال لكلّ الذين حاولوا ولا زالوا يحاولون رمي كرة الأزمة في مرمى حزب الله واتهامه بالمسؤولية عنها والتغطية على دور الولايات المتحدة… ما هو رأيهم بما قالته باربرا ليف قبل أشهر قليلة، أليس واضحاً بأن ما يجري هذه الأيام إنما يندرج في سياق ما بشرت به اللبنانيين بمزيد من دفع لبنان إلى مستنقع «الانهيار والتفكك»، حتى تتحقق أهداف واشنطن في فرض الانقلاب على المعادلة السياسية في لبنان من خلال، طبعاً:
أولاً، فرض انتخاب رئيس للجمهورية، بالمواصفات الأميركية.
ثانياً تشكيل حكومة جديدة، وفق أمل باربرا ليف، يكون لونها وهواها أميركي، قادرة على تنفيذ دفتر الشروط الذي تضعه واشنطن.
من هنا يمكن القول إنّ ما يجري من انهيار كبير في قيمة العملة، انما يندرج في سياق الخطة التي كشفت عنها ليف… ولهذا فإنّ كلام السيد بالأمس، بالردّ على خطة دفع لبنان إلى الفوضى، بإعلان معادلة جديدة، «الحرب مقابل الفوضى»، أيّ إعلان استعداد المقاومة لشنّ الحرب ضدّ كيان الاحتلال، والقوات الأميركية وأدواتها في المنطقة ولبنان إذا ما امتنعت واشنطن في دفع لبنان الى الفوضى، انّ هذا الكلام يذكرنا بكلام السيد اثر اندلاع احتجاجات 17 تشرين الأول، بالقول للأميركي، «من سيضعنا بين خيار القتل بالسلاح أو الجوع، سيبقى سلاحنا في أيدينا ونحن سنقتله».
انّ هذه المعادلة التي أعلنها سماحة السيد انتصرت عبر:
1 ـ كسر الحصار الأميركي من خلال إدخال المحروقات الايرانية…
2 ـ وفرض اتفاق ترسيم الحدود البحرية وفق الشروط اللبنانية.
3 ـ وكسر الحصار الأميركي على سورية، وسقوط جدران القطيعة معها، في اعقاب كارثة الزلزال…
4 ـ تماسك بيئة المقاومة وفشل محاولات تأليبها ضد سلاحها…
إذا كانت معادلة المقاومة، في تحقيق كل ما تقدّم، كانت الأساس في إحباط أهداف واشنطن من تشديد الحصار على لبنان، والذي شمل كل مناحي المال والاقتصاد والخدمات، طبعاً بمساعدة أطراف سياسية لبنانية تابعة لواشنطن، فإن المعادلة الجديدة التي أعلنها السيد، للردّ على الفوضى الأميركية، إنما تعني أخذ الأميركي والإسرائيلي إلى الحرب، بحيث يألم الجميع وليس فقط اللبنانيين… وهذه الحرب ضدّ الوجود الأميركي وأدواته وضدّ كيان الاحتلال الصهيوني، تعني تدفيع أميركا و»إسرائيل» ثمن إدخال لبنان في الفوضى… وهذا ما تحاذر الذهاب إليه، حتى الآن، كلّ من واشنطن وتل أبيب، ولذلك رضختا لشروط لبنان في ترسيم الحدود البحرية، عندما أدركت الإدارتان الأميركية و»الاسرائيلية» جاهزية وجدية المقاومة بالذهاب الى الحرب إذا لم يتمّ الاستجابة لمطالب لبنان في الترسيم.
فهل تتراجع الإدارة الأميركية عن الإيغال في مواصلة خطتها بدفع لبنان إلى أتون الفوضى، لتجنّب الانزلاق إلى خطر اندلاع حرب في هذا التوقيت الذي يتركز فيه جلّ اهتمامها وجهودها على مواجهة روسيا على الأرض الأوكرانية، والحدّ من اتساع نفوذ الصين؟ أم تمعن بالاستمرار في خطتها المذكورة آنفاً؟
هذا ما سيجيب عليه السلوك الأميركي في الأيام المقبلة…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى