أولى

الدعسة الحكومية الناقصة

للوهلة الأولى بدا قرار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي بنيت عليه رسالته الموجهة الى وزير الداخلية وعبره الى رؤساء الأجهزة الأمنية للامتناع عن تنفيذ المذكرات التي تصدر بحق المصارف عن القاضية غادة عون، نوعاً من مخرج متفق عليه بين الجسم القضائي والحكومة والمصارف، كمخرج من الإضراب الذي يشكل أهم تحدّ للحكومة ويمثل ابتزازاً لا يجوز قبوله، وبالرغم من كون قرار الرئيس ميقاتي رضوخاً لابتزاز المصارف كان الانتظار لمعرفة الموقف القضائي.
لم يتأخر الرد القضائي ببيان صادر عن مجلس القضاء الأعلى قيل إن رئيس المجلس سهيل عبود أصدره بعد استمزاج آراء أعضاء المجلس، ومضمون الموقف واضح لجهة رفض قرار ميقاتي، ولجهة الدعوة للتراجع عن التدابير التي تضمنها، وتمسك بمبدأ فصل السلطات، واستقلالية القضاء، ورفض تدخل السلطة التنفيذية في عمل القضاة، وإعلان نيات بأن القضاء سيتخذ الترتيبات التي تضع المسارات القضائية في نصابها الصحيح.
في مرة سابقة تتصل بتوزيع الصلاحيات الدستورية بين القضاء العدلي والقضاء الخاص ممثلاً بالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، ومن خلفه المجلس النيابي، رفض الرئيس ميقاتي أن يقوم وزير العدل بمهمة التفاهم مع مجلس القضاء الأعلى حول مسار التحقيق الذي يتبعه القاضي طارق بيطار، بذريعة عدم التدخل في عمل القضاء، علماً أن الأمر لم يكن كما الحال الراهن بتعطيل مسار عمل القاضي، بل فضّ نزاع صلاحيات بمساع حميدة لوزير العدل، ولم يكن شكل التدخل عبر وزير الداخلية وإلزام الأجهزة الأمنية بعدم تنفيذ مذكرات القاضي، ولو تمّ التلفظ بطلب مثل هذا يومها لقامت الدنيا ولم تقعد.
الواضح بعد بيان مجلس القضاء أن دعسة رئيس الحكومة كانت ناقصة، وأنه مضطر للتراجع عنها، وأنه بذلك زاد الموقف تعقيداً، فلا باع حلاً للمصارف واشترى أزمة مع القضاء، وفتح الباب لتصعيد سياسي مع التيار الوطني الحر، حجة التيار فيه أقوى من خطاب رئيس الحكومة، والقاضية غادة عون تبدو قد ربحت الجولة، ولو مؤقتاً، والرأي العام متضامن مع ملاحقتها للمصارف، وربما يأتي عون إضافيّ، ولكن من الخارج يقيد فرص تقييدها.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى