أولى

الانفجار الإسرائيلي المقبل

 

يجب ألا يغيب عن البال عندما نتحدّث عن الانشقاقات في البنية السياسية لكيان الاحتلال وتصاعد التوتر بين مكوناتها، أن ذلك نتاج المأزق الذي دخله الكيان باختلاف حكوماته المتعاقبة، نتيجة عجزه عن خوض الحروب وضمان الانتصار فيها، لأن العجز السياسي عن إدارة مشاريع تفاوض هو نتاج العجز العسكري، فـ “إسرائيل” لا تفتح باب التفاوض إلا عندما تكون قادرة على الحرب. وهذا المأزق الذي اختبره بنيامين نتنياهو ومن بعده نفتالي بينيت ويائير لبيد، ويعود نتنياهو إليه، ناتج عن نجاح قوى المقاومة في المنطقة بإثبات قدرتها وتطوير هذه القدرة إلى حد مكّنها من الانتقال من معادلة ردع التفكير الإسرائيلي بخوض الحرب الى معادلة قيام المقاومة بالتهديد بشنّ الحرب، وهو ما ترجم في معركة سيف القدس، وما شكل خلفية التفاوض على ترسيم الحدود البحرية للبنان.
التشظي الإسرائيلي يتعمّق، والانشقاقات تتسع داخل الكيان وبين حكومته وحاضنتها الغربية، التي تدرك هذا العجز وتخشى المخاطرة بانفجار يخرج عن السيطرة، وها هي تصريحات ايتمار بن غفير وبسلائيل سموتريتش، عن اجتثاث الأحياء الفلسطينية من مدينة الخليل ومحو بلدة حوارة عن الأرض تنسف كل الأوهام الناتجة عن اجتماع العقبة الذي رعته واشنطن تحت عنوان التهدئة.
التظاهرات التي عمّت فلسطين المحتلة بشارعيها، الفلسطيني و”الاسرائيلي” كانت تحت وابل القنابل التي يطلقها عناصر الجيش والشرطة، مع فارق أنها قنابل غاز في الشارع الإسرائيلي، وقنابل حربية في الشارع الفلسطيني، ويوماً بعد يوم يبدو أن نتنياهو ماضٍ في التحاقه ببرنامج بن غفير وسموتريتش لتعديل النظام القضائي وتعزيز القبضة الحديدية بوجه المعترضين الإسرائيليين والمنتفضين الفلسطينيين.
نتنياهو الملاحق قضائياً بتهم الفساد يخشى ان يمضي ما تبقى من حياته في السجن، ومستعدّ للمخاطرة بمستقبل الكيان مقابل الفوز بمعركته لتحجيم المؤسسة القضائية. والثمن واضح، انشقاق عمودي في الكيان، اندفاع بلا ضوابط من المستوطنين الذي يمسكون نتنياهو من نقطة ضعفه ويدركون عجزه عن الاعتراض، والشركات تغادر، والهجرة المعاكسة صارت حقيقة، والشارع يتجه نحو المزيد من الحرائق.
ليس معلوماً أي من الانفجارين سوف يسبق الآخر، انفجار المواجهة بين الفلسطينيين والاحتلال، أم الانفجار داخل الكيان بين مكوناته، لكن كليهما آت لا محالة، وحدوث أحدهما لن يمنع حدوث الآخر، بل ربما يسرّع حدوثه.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى