أولى

متى تقوم “القيامة” في المنطقة العربية؟!

د. جمال زهران*

كأن لي موعد مع القدر، حينما كتبت مقالي الأسبوع قبل الماضي بعنوان: العدوان الصهيوني على نابلس.. ويوم القيامة المنتظر..، حيث فاجأنا السيد/ حسن نصر الله، في آخر خطبة التي ورد في جزء منها، أنّ “يوم القيامة” مع الكيان الصهيوني، قد اقترب، وأنه لا يمكن أن تمرّ الذكرى الثمانون على تأسيس هذا الكيان، وهذا يعني أنّ الخطة الاستراتيجية لإزاحة الكيان الصهيوني، من الإقليم هي أن تقوم “القيامة” قبل الذكرى الثمانين، وهو ما يصادف عام 2028! ويتأكد بذلك أنّ خطة إزالة الكيان الصهيوني، ترتب لإزاحة العدو الصهيوني، من الإقليم نهائياً قبل أن تنقضي ذكرى الثمانين عاماً! وقد يجوز ذلك أن يتحقق من الإقليم نهائياً قبل أن تنقضي ذكرى الثمانين عاماً! وقد يجوز ذلك أن يتحقق قبل السنوات الخمس المقبلة، وربما تكون خلال هذا العام الذي يصادف الذكرى الـ (75) في مايو/ أيار المقبل، لتأسيس دولة الكيان الصهيوني.
إذن نحن أمام خطاب سياسي، يكشف عما هو مخطط، في برنامج زمني، وبخطة استراتيجية في خلال (5) سنوات مقبلة، وهي تحمل التعهّد، والالتزام. أما عن: لماذا قبل العام الثمانين، وليس أكثر من ذلك أو أقلّ، فتلك قصة أخرى، يبدو أنّ لها أبعاداً دينية، تحدث فيها كثيرون، حتى من أهل الصهاينة أنفسهم، لدرجة كتب منهم، من يخشى الوصول إلى العام الثمانين للدولة الصهيونية، وهم موجودون، لأنهم لا يضمنون سلامة حياتهم، حيث أنّ دولة الكيان، ستصبح ذكرى… وتصبح حطاماً بعد دمار آتٍ لا محالة!
أما على الجانب الآخر، فإنّ الأبعاد السياسية والعسكرية، فهي الحاكمة عندي، ولا يجب المشاركة في تسويق مسوغات دينية لا أعرف مداها، ربما تحمل رسائل تخدير للعرب والمقاومين، وإلهائهم عن الهدف الاستراتيجي وهو إزالة هذا الكيان من الوجود أصلاً، وبالمقاومة بكافة السبل، في المقدّمة المقاومة العسكرية.
فالعدو الصهيوني، والاستعمار الداعم له الذي يحمل أنابيب الأوكسجين، التي هي بمثابة أكسير الحياة لمدة من الزمن، لأنهم يعرفون ويدركون أنّ المصير هو الهلاك والدمار والرحيل، والتاريخ يؤكد ذلك في كلّ بقاع العالم، لا يعرف هؤلاء إلا لغة القوة سبيلاً لاستمرارهم في المنطقة العربية. فهم يزدادون قوة بأحدث أنواع العتاد، ويخططون ويفعلون الأفاعيل من أجل إضعاف الآخرين وهم نحن (العرب والمسلمون). ومن ثم فإنه لا يجوز مع عدو كهذا العدو الصهيوني، إلا التعامل بالقوة المسلحة، أولاً لكي يحترمك ويرتدع، وثانياً: لكي يدرك أنّ نهايته حتمية وإنْ طال الزمان.
في هذا السياق، فإنه وجب علينا الاستعداد بالقوة العسكرية، أولاً وأخيراً، حيث أنّ المناشدات والمساعي الحميدة عبر التنظيمات الدولية والإقليمية، جميعها بلا جدوى، وتتشارك في المؤامرة، بهدف الإبقاء على العدو الصهيوني دون مساس، وتخدير وتنويم الطرف العربي والأقطار الإسلامية الفاعلة.
وحسناً، أعلن السيد/ حسن نصر الله (بارك الله فيه)، في خطاب ثوري، يحمل الأمل في غد أفضل بالنسبة لمصير الكيان الصهيوني، أنّ المقاومة وفي المقدمة حزب الله، لديهم من العتاد العسكري ما يفوق توقعات وإدراكات ومعلومات الصهاينة، الأمر الذي أضحى معه هذا الكيان الصهيوني على مرمى قدرات المقاومة، وأنّ مصير هذا الكيان، أصبح في يد المقاومة، الأمر الذي جعل ويجعل هذا الكيان، مرتعباً، وخائفاً، ويحسب لكل خطوة ألف حساب.
في ذات الوقت فإنّ العدو الصهيوني، ينشر تقارير استراتيجية، عن نوع السلاح وحجمه، الموجود لدى حزب الله والمقاومة في الأرض الفلسطينية المحتلة، في محاولة منه للفت أنظار الاستعمار العالمي المتمثل في الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية، الاستمرار في دعم قدرات الكيان الصهيوني العسكرية، والحفاظ على جعله أكثر تفوقاً وتميّزاً في القوة، مقارنة بكلّ الدول العربية ومعهم إيران الداعمة بقوة للمقاومة الفلسطينية والعربية في كلّ مكان.
في ذات الوقت نلاحظ أنّ قوات الكيان الصهيوني، تمرح في الأرض العربية المحتلة، تهدم منازل الفلسطينيين، وتسلح المستوطنين الصهاينة، وتقتل الشباب الفلسطيني بحجة التحرش بالمستوطنين وبالقوات الصهيونية، وبدم بارد. فقد اعتدت على جنين ونابلس، وغزة من آن لآخر، دون رادع! حتى أنّ من يردّ عليهم من المقاومة في الداخل، يردّ بعمليات محدودة، ويكون الجزاء الفوري هو القتل! ويصبح في عداد الشهداء، ونتفاخر بهم، وهم فخر حقيقي. ولكن الأفضل أن يكون الشهداء الفلسطينيين، هم حصاد لعملية انتقام كبرى من الصهاينة، وحصاد لعملية في إطار مخطط التحرير والاستقلال الكاملين لفلسطين المحتلة، كلّ فلسطين من النهر إلى البحر، بلا تنازلات.
ولا ننسى أنّ عدد الشهداء الفلسطينيين قد بلغ (82) شهيداً من أول يناير/ كانون الثاني حتى 10 مارس/ آذار 2023، مقابل (13) قتيلاً من الصهاينة وبنسبة (1 : 6.3)، أيّ كل قتيل واحد صهيوني، يقابل (6.3) شهيداً فلسطينياً. فضلاً عما ورد على لسان إيتمار بن غفير (وزير الأمن القومي الصهيوني)، بضرورة إزالة مدينة “حوارو”، المجاورة لنابلس، حيث يجري الحرق والتدمير والقتل فيها بدم بارد من الصهاينة.
إنّ عملية “يوم القيامة”، أصبحت حتمية، ولا تنتظر السنوات الخمس، لأننا أصبحنا جاهزين لها، وأهل لها، والظروف الإقليمية والدولية أضحت مواتية لعملية كبرى، تزيل هذا الكيان من الوجود، وتحرّر أرض فلسطين من دنس الصهاينة.
وأرى أنّ أيّ تقاعس عن ذلك، لن تغفره لنا الأجيال القادمة، وعلى الله قصد السبيل…
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، والأمين العام المساعد للتجمع العالمي لدعم خيار المقاومة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى