أخيرة

دردشة صباحية

كي تبقى الصحافة الورقية حيّة!
يكتبها الياس عشّي

 

هل يأتي زمن تعلن فيه رسمياً موت الصحافة الورقية؟
وهل ستختفي الجرائد اليومية والمجلات من واجهة المكتبات، لتستبدل بأقراص مدمّجة؟
وهل ستخلو المفارق من بائعي الصحف، وترحل معهم إلى الأبد؟
باختصار: هل ستنتهي عصور المطالعة المقروءة؟
هذه الأسئلة راودتني وأنا أجلس في مقهىً من المقاهي المبعثرة على أرصفة المدينة. حيث كنت، في ركن من أركانها، أختلي وصحيفتي اليومية. وفي الأركان الأخرى اختلى الكثيرون مع حاسوباتهم يتنقلون، عبرها، من موقع إلى آخر، يطّلعون بعجالة على ما أوردته الصحف من أنباء، أو يرسلون عبره رسائل إلى العالم.
عدت سنوات إلى الوراء، يوم كان المقهى ذاته يعجّ بالوافدين إليه، يحتسون قهوة الصباح، ويقرأون صحيفتهم المفضلة. ولطالما عرفنا كيف نحدّد، من خلال صحيفتهم، انتماءهم السياسي، وأحياناً انتماءهم الحزبي.
كانت المقاهي، يوم ذاك، تتنفس من رائحة الحبر، وكان يطربنا حفيف الأوراق، عندما يتنقل قارئو الصحف من صفحة إلى أخرى.
كنّا نقرأ… وما زالت ذاكرتنا تختزن تلك المقالات التي هزّت لبنان كما يقول نجيب صالح؛ نتذكر “سعاده المجرم الشهيد” و”بدنا ناكل جوعانين” لغسان تويني، و”في حمى الأمير” لميشال أبو جودة، و”حدّثني الكاهن الذي عرّفه” لسعيد تقي الدين، ومئات من المقالات التي كانت تصنع مجد الصحيفة!
يومها كان للصحيفة موقف، وكانت تقاتل من أجل قضية. ولذلك سقط كثير منها شهداء في معركة الصحافة مع الاستبداد.
أما اليوم، وقد توقف الناس عن شراء الصحف إلّا نادراً، فعلينا أن نعرف السبب، ونعالج العلّة، ونكتشف حلولاً، قبل أن يأتي وقت نكون فيه مشاركين في حفل تأبين الصحافة الورقية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى