نقاط على الحروف

فرنجية: زيارة باريس ليست نهاية المشوار

 ناصر قنديل

 

عندما تكثر التسريبات ومزاعم امتلاك المعلومات، يصير الاستناد الى شرع العقل هو الطريق الأقصر والأمثل للحقيقة، والعقل يقول انّ الزيارة المهمة للوزير السابق سليمان فرنجية كمرشح رئاسي الى باريس لا يمكن أن تكون نهاية المشوار، وهي حكماً ليست نهاية المشوار للاعتذار كما يروّج البعض أحلامهم وتنميتهم، وليست طبعاً نهاية المشوار في الطريق إلى بعبدا، ومعلوم أنّ باريس تتبنّى وتدعم ترشيح فرنجية من موقع إدراكها لأهمية أن يكون الرئيس المقبل حائزاً على دعم ثنائي حزب الله وحركة أمل، وصديقاً لسورية، لأنّ الحلف الذي تمثل باريس أكثر أطرافه اعتدالاً تجاه المقاربة اللبنانية لا يملك القدرة على المجيء برئيس بقواه الذاتية، وبات محسوماً أنّ الأطراف اللبنانية الأقرب لهذا الحلف الذي يضمّ الدول المشاركة في لقاءات باريس، لا تملك مرشحاً واحداً متفقاً عليه، ولا تملك إذا اتفقت الأغلبية اللازمة لانتخابه، ولو سلمنا جدلاً بأنها نجحت بتفادي هذين التعقيدين الكبيرين، فإنّ هذه الأطراف مع الدعم الخارجي لو جاءت برئيس من كنفها لا تملك آلية حلّ للمعضلات العالقة مع حزب الله وسورية، وهي المعضلات التي لا بدّ من حلها إيجاباً ليستقيم مشروع حكم، والبديل الوحيد للانفتاح على مرشح قادر على حيازة تأييد الثنائي وطمأنة سورية، والتحدث بصراحة معهم، هو الحرب التي يدرك كلّ أطراف اجتماع باريس ان لا قدرة على مجرد التفيكير بها، أو السير بالفراغ وما يعقبه من انهيار وسقوط، وهذا ليس ما تسعى اليه فرنسا على الأقلّ، والذي يبدو أنّ اطراف اجتماع باريس الخماسي لا يريدونه، كلّ لأسباب مختلفة.

باريس تبحث عن تسوية، والسعودية تنحاز لخيارات التسويات، وواشنطن لا تملك قدرة الحرب وتخشى أن يحمّلها حزب الله مسؤولية تعطيل الحلول ونشر الفوضى والفراغ وصولاً للانهيار فينفذ تهديده بالذهاب الى الحرب على «إسرائيل»، ومصر وقطر مع إجماع هذا الثلاثي عندما يكون الإجماع، هو ما يبدو أنّ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قد حققه بعد محادثته مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ومحور الإجماع هو السعي لتسوية، تبدو السعودية فيها الطرف المحرج والمرجّح معاً، لعدة أسباب متعاكسة وترتب نتائج متضاربة، فالسعودية ترعى مكوناً طائفياً وازناً في المعادلة اللبنانية غيّبت قيادته التقليدية وباتت السعودية مرجعه المباشر، والسعودية محور الخصومة مع حزب الله على خلفية حرب اليمن والعلاقة مع إيران وسورية، والسعودية ذاهبة الى التسويات مع إيران وسورية، والسعودية ترعى أطرافاً تنظر للمرشح سليمان فرنجية بصفته أصعب العروض الرئاسية عليها، لذلك كان لا بدّ لباريس وقد حازت على التفويض لبدء صياغة مشروع التسوية أن تبدأ الحوارات حول مضمونها، وأن تتشاور مع المرشح الأبرز لصياغتها وتقديم الضمانات لأطرافها.

تدرك باريس ان لا بديل لفرنجية كمرشح تسوية، كما تدرك أنّ بديل التسوية هو الخراب، كما تدرك أنّ التسوية التي تتمّ مع فرنجية والضمانات المرافقة لها، هي تسوية مع حزب الله ومع سورية ومع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وان الضمانات التي يقدّمها هي ضماناتهم، وفرنجية معروف بشجاعته والتزامه وصدقه وفروسيته، لذلك يبدو مدعاة للسخرية الكلام عن دعوة فرنجية للاعتذار منه، ويبدو مبالغة القول إنّ دعوة فرنجية للمباركة له بالرئاسة، بل الدعوة هي خطوة مهمة في الطريق إلى الرئاسة التي ستتمّ صناعة خطواتها من الآن فصاعداً بعد الزيارة بالتشارك والتشاور بين باريس وفرنجية، والخطوات الباقية دقيقة وحساسة ولن يكون حكيماً وضعها تحت الأضواء قبل أن ينضج مشوار الرئاسة نحو النهايات السعيدة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى