أولى

قدرة الردع تفرض جدول أعمالها في ملف الأسرى

كان الرهان الذي حمل صعود ما سُمّي باليمين الديني والقومي وأوصله الى الحكم في كيان الاحتلال، قائماً على قدرته بفرض أمر واقع في ثلاثة ملفات فشلت فيها الحكومات التي لم يشترك فيها هؤلاء، رغم تشاركها معهم بالتوحش والعنصرية، وهي ملف الاستيطان المنفلت من كل الضوابط في الضفة الغربية والقدس، وملف تقاسم مكاني وزماني للمسجد الأقصى، وملف إنهاء الحضور السياسي للحركة الأسيرة وملف الأسرى.
جوهر الرهان هو أن التحرّر السياسيّ لحكومة الكيان من الضغوط الغربية ومن حسابات القيادات العسكرية القلقة من انفجار مواجهة كبرى لا تستطيع تحمل تبعاتها، سوف يتيح للحكومة فرض الترهيب على الفلسطينيين للتأقلم مع واقع جديد في ملفات الاستيطان والأقصى والأسرى. وهذا يفتح الباب لتحقيق مشروع الدولة اليهودية ويفرض موازين قوى جديدة على أي تفاوض مع الفلسطينيين، سوف يكون سقفه الفعلي هو ما تضمنته صفقة القرن.
قال الفدائيون الفلسطينيون بتشكيلاتهم المنظمة المقاومة المعروفة، أو مع المقاومين الأفراد أو عبر عرين الأسود، أن مسعى الاستيطان لن يمرّ، وأن الكلفة تتعاظم، والمعركة لا تزال قائمة حول هذا العنوان، مع تصاعد نوعيّ لا يهدأ في عمليات المقاومة في الضفة والقدس.
تحرك مع شهر رمضان وأعياد الفصح اليهودية ملف المسجد الأقصى، وحاول قادة التشكيلات المتطرفة مشروع فرض الأمر الواقع في المسجد الأقصى، وتدحرجت الأمور تدريجياً لتصير بعد الاقتحامات التي فجّرت موجة غضب عارم فلسطينياً وعربياً وإسلامياً، لتصبح منازلة مع المقاومة في غزة، ثم مع محور المقاومة، وكانت الحصيلة أن حكومة الاحتلال بمن تضمّ من هؤلاء المتطرفين قررت منع المستوطنين من مواصلة اقتحام المسجد الأقصى، حيث فرضت بعض الصواريخ التي انطلقت من غزة ولبنان وسورية على حكومة الكيان معادلة عنوانها التراجع أو الحرب، فقرّرت التراجع.
في ملف الأسرى كان لا بدّ من مضي أحد الأسرى الأبطال بمكاسرة الإرادات حتى النهاية مع الكيان في ظروف كان معلوماً أن حكومة الكيان لن تتراجع، وأن الإضراب عن الطعام سوف ينتهي بأحد أمرين اما تراجع الأسير المضرب أو استشهاده، ولذلك تطوّع قيادي بطل هو الأسير الشيخ خضر عدنان للمهمة الاستشهادية، وهو يعلم أن إضرابه هذه المرة يختلف عن كل ما سبق، وأن المطلوب من الاستشهاد أن يوصل رسالة الإصرار والثبات في معركة الإرادات من الجانب الفلسطيني، وأن يفتح الباب للمقاومة للدخول على الخط بكل قوة لفرض حضور معادلة الردع، ولن يكون انتزاع مشروعية الحرب من جانب المقاومة إلا عندما يكون الشهيد قيادياً بمكانة الشيخ خضر عدنان، وهذا ما كان وانطلقت الصواريخ، وكما في منازلة الأقصى، ظهر الكيان هشاً، وفعلاً أوهن من بيت العنكبوت، وخلال ساعات بدا معها أن المضي بالتصعيد قد يدفع الأمور الى حرب تخرج عن السيطرة ويتم تفعيل جبهات محور المقاومة معها، وأن على حكومة الاحتلال بمن فيها من متطرفين أن تختار بين التراجع والحرب، وأن التراجع يتضمن ضمانات بوقف التهديدات بحق الأسرى والتراجع عن برنامج التنكيل بهم والانتقام منهم، وشطبهم من معادلات قوى المقاومة، فاختار الكيان التراجع.
هزم الشهيد خضر عدنان بشهادته كيان الاحتلال وقدّم الحماية للحركة الأسيرة.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى