بين 5 حزيران 1967 و7 تشرين الأول 2023
} معن بشور
لولا الصمود السياسي الذي برز إثر نكسة الخامس من حزيران عام 1967، والذي تجلى في قمة الخرطوم بـ لاءات جمال عبد الناصر الثلاث: «لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف»، ما كان ممكناً ان تصبح المقاومة الفلسطينية، ومعها المقاومة العربية عموماً، رقماً صعباً في معارك الصراع العربي الإسرائيلي حتى وصلنا الى «طوفان الأقصى» في السابع من تشرين الأول/ اكتوبر 2023 وتداعياته العسكرية والسياسية، العربية والإقليمية والدولية.
لقد عشنا بين 5 حزيران 1967 و17 تشرين الأول 2023 سلسلة من الفتن والحروب البينية بين الأقطار، والحروب الأهلية داخل الأقطار، والمشاريع والمخططات الاستعمارية بهدف واحد وهو استكمال تحقيق اهداف حرب 5 حزيران 1967، وتكريس الهزيمة العسكرية بهزيمة سياسية تؤدي الى استسلام الأمة لأعدائها.
وعلى الرغم من موجات التشاؤم التي كانت تصيب الكثيرين منّا بسبب ما مرّ بأمتنا من ويلات ونكسات في كافة الأقطار، لكن قراءة تاريخية للزمن الممتد من يونيو/ حزيران 1967 الى أكتوبر/ تشرين الأول 2023، كفيلة بأن توضح لنا أن خط التاريخ يسير لصالح أمتنا وهو معمّد بدم عشرات الآلاف من الشهداء في غزة وعموم فلسطين وفي أكناف فلسطين، حيث برزت وحدة الأمة من خلال وحدة ساحات المقاومة، كما من خلال وحدة الموقف الشعبي العربي من العدوان الصهيوني على غزة، وهو موقف لم يستطع حتى الآن ان يعبّر عن نفسه بموقف رسمي متناسب معه، بل جاء متكاملاً مع موقف جماهيري وطلابي عالمي يكفي ان نرى معه علم فلسطين يرتفع في كافة جهات الأرض في الشوارع والساحات والمباني وحتى في البرلمانات.
ولقد أثبتت العقود الأربعة ونيّف انّ المقاومة هي فعل تكامل وتراكم، تكامل بين أقطار الأمة وتياراتها من جهة، وتراكم في مسيرتها وتجاربها وإنجازاتها حيث أدهش العالم كيف بدأت المقاومة الفلسطينية في 1/1/1965 وهي معزولة ومحاربة من الدول العربية ولا تمتلك إلا بندقية وعبوة، لتصبح اليوم محط أنظار شعوب الأمة والعالم ومسلحة بأنواع من السلاح لم يكن يخطر على بال أحد ان مقاومتنا قادرة على الحصول عليه، تهريباً أو تصنيعاً.
لقد بات من حق الذين تفاءلوا بمستقبل أمتهم في هذا الصراع ان يشعروا بالاعتزاز وهم يرون انّ تفاؤلهم لم يكن مجرد تمنيات وأحلام بل هو مبنيّ على علم بتاريخ الأمم وبإنجازات المقاومين على امتداد المعمورة.
فمن حق أولئك المتفائلين أن يدركوا اليوم انّ ما يرونه من بطولات في غزة والضفة والقدس وعموم فلسطين، وفي جنوب لبنان، وفي مسيرات اليمن والعراق وشهداء سورية ملامح نصر كبير مرتكز على وحدة الأمة وإرادة المقاومة.
ومن واجب المتشائمين، من أصحاب النوايا الحسنة بينهم طبعاً، ان يدركوا أنهم أخطأوا حين لم يصدقوا أن في أمتهم قوة قادرة على تحقيق النصر، وان في شعبهم إرادة لا تُضعف منها كلّ المؤامرات.
ومن هنا، لم يكن هذا الاحتشاد الكمّي والنوعي من قوى المقاومة في الامة ومن أهل المقاومة على امتداد الأمة في الدورة الاخيرة للمؤتمر القومي العربي، إلاّ تعبيراً عن تفاؤل أطلق فكرة المؤتمر عام 1990 واستمرّ حتى اليوم وغيره من الاطر الجامعة، كفكرة تهدف الى تحقيق وحدة الامة ونهضتها عبر تلاقي كافة التيارات النهضوية والمقاومة بعيداً عن الصغائر والضغائن والاحقاد والموروثات القديمة والجديدة.