أخيرة

جنوبية أنت يا أختاه…

 د. علي اليسوعي

من قال للصمت كفى؟
ومن طلع مع الفجر مثل البرق؟
وامتطى أجنحة الليل!
حاملاً مسامير هذه الأرض! وصلبانها!
ومشى مع الريح! خيالا!
بلا خيل…
وما اكتفى!
وعانق الغيوم في غفلة الظلام،
وبين كفيه حفنة تراب،
من رحم الفصول!
عشقت راحيه،
وتحت جفنيها اختفى!
مبحوحة الصوت نادت…
أين أنت يا ابن أمّي وأبي؟
يا أخي! أما انتهت دروب الجلاجل؟
كيف يا أختاه هذا؟
وصفائح الدم في عروقي تقاتل!
من كبد الأرض! يا أختاه نتآخى!
ومن صفعة التاريخ نتوارث الآخات!
هيا تيقظ أيها الصباح!
هذا رحيل الليل ينعى كلّ الظلمات!
ابسطي كفك يا أختاه!
كي أقرأ عليه اسم أقدس أرض!
تدعى الجليل!
هناك ستة أجران…
امتلأت دموعاً من دموع!
المريمات!
هناك امتزجت دماء الأطفال
بدموع الأمهات!
وركعت كنعانية! تحاور ابن الإنسان!
عن حق أولاد هذه الأرض بالحياة!
يا أختاه يا جنوبية عشقت عيناها!
إنْ ترى ثلاثة مسامير! وصليب!
وخمسة أرغفة لعشاء سري!
منبئة بثلاثية أقانيم القيامات!
سائلة الليمون والزيتون عن أسماء؟
من سلكوا دروب الأرض نحو السماء!
وهل من ينسى! مريم! او زينب أو سناء!
يا أختاه… جنوبية أنت!
وعلى جبينك مكتوب…
اسم هذه الأرض! أم الشهداء!
مفتونة بعشق عبق البنفسج المنثور
فوق القبور!
وأسراب الياسمين! سكرت!
من بلسمة البخور!
أختاه اشعلي شمعة واحدة!
في كلّ درب!
وإرفعي يداك إشارة الصليب!
لا بدّ أن يخاف أعداء هذه الأرض،
من قرع الأجراس،
وأصوات المآذن!
وإنْ ولد يهوذا ثانية!
ذكِّري التاريخ به! أنه خائن!
ذكِّري العالم أنّ أصوات أطفال
ملطخة الوجوه بالدماء!
تصرخ في وجه مكابر!
من تحت ركام المدائن!
لن نهادن!
ذكِّري التاريخ أنهم عابرون!
بدون زمان أو مكان!
هذه الأرض لا تعرفهم!
لا الزعتر، لا النعناع، ولا البيلسان،
لا حيفا ولا يافا،
ولا القدس، ولا الناصرة، ولا عسقلان،
لا الشمال، ولا الجنوب، لا غزة، ولا الجولان،
وذكِّري العالم أنك جنوبية…
من أعالي الجليل! من بلاد الأرز من لبنان،
وها حرمون مُهلِّلاً…
قبل القيامة!
فوق ترابي تجلى ابن الإنسان!
جنوبية يا أختاه!
ولون عينيك مقاومة،
ها هي الأرض تأبى أن تفاوض،
ولا أنت بحقنا في الحياة، مساومة!
جنوبية! الثالوث…
أقانيم القيامة،
أنذِري الكون حيث أقمنا
العشاء الأخير،
ودعونا كلّ الجياع!
وأعلنا أنّ الخبز ملك الفقير…
حين كلّ ولائم الدنيا تقام
للملوك والتجار والحكام!
ليموتوا من التخمة!
وهم فقراء الضمير!
وفي حضرة المقاومين!
نعلن أنّ فوق أرض الجنوب
كلّ أمّ للشهادة سفير!
واسم كلّ صبية مريم،
وكلّ طفل غفير…
سرّ العشاء واحد،
ورغيف الخبز واحد،
والتراب واحد!
والقيامة واحدة،
والتاريخ واحد! وكلنا واحد!
وابن هذه الأرض واحد!
جنوبية الانتماء! أنت يا أختاه!
وواحد هو المصير…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى