خيار الجنوبيين: هنا باقون
علي بدر الدين
لن أُطيل الكلام لأنّ «خيره ما قلّ ودلّ»، ولأنّ «المحلليين» السياسيين والعسكريين والتكتيكيين والاستراتيجيين والمتوقّعين والمبصّرين «كفّوا ووَفّوا»، وملأوا الشاشات حتى غصّت بهم وبـ «تحليلاتهم» التي ما أنزل الله بها من سلطان، كأنهم نسخة طبق الأصل حيث يتوقعون إمّا حرباً شاملة وإمّا حرباً مفتوحة وإمّا حرباً موسّعة أو حرباً على نطاق ضيّق ضمن ما سُمّيَ «قواعد الاشتباك»، وكأنّ ما نشهده منذ سنة ليس حرباً مدمِّرة وقاتلة ومأساوية وكارثية.
«بلا طول سيرة» نحن أبناء الجنوب لم تغادرنا الحروب «الإسرائيلية» منذ العام 1948، حيت يرتكب العدو الصهيوني المجازر بحق الشعب اللبناني الجنوبي، ويشنّ الحروب على الجنوب وكلّ لبنان، ويجتاح ويحتلّ ويقتل ويدمِّر ويهجِّر السكان. منذ 1978 ثم 1982 و1993 و1996 و2006 و2023-2024 و… الله أعلم ماذا ينتظر هذا الشعب الذي صمد وصبر وقاوم المحتلّ الصهيوني ولا يزال حاضناً للمقاومة بعناوينها وشعاراتها وتلاوينها المختلفة.
إننا في الجنوب سنظلّ نقاوم ولن نرحل ولن نترك تاريخنا وتراثنا وأرضنا وبيوتنا للبوم والغربان، مهما بلغ حجم التضحيات. وهنا تحضرني قصيدة للشاعر العربي اللبناني الجنوبي الشهيد موسى شعيب بعنوان: «هنا باقون» يقول في مقدمتها:
هنا باقون كالأزلِ
نشدُّ جذورَنا لجذورِنا الأولِ
*****
هنا باقون مثل الصخر لم نبرح
وإن يُهدَم لنا بيتٌ، وأن نُشنَق وإن نُذبَح
فهذي الريح موالٌ لنا يصدح
وهذا الزرع أطفالٌ لنا تمرح
هنا باقون مثل الصخر لن نبرح»
وكنتُ كتبتُ في جريدة «السفير» اللبنانية في صفحة آراء في نيسان من العام 1984 مقالاً كانت خلاصته: «… فخيار التحرير هو البديل الموضوعي لخيار الذلّ والخنوع، وخيار الصمود والتصدي بديل الاستسلام وضياع الجنوب. واختار الجنوبيون المقاومة وأحسنوا الاختيار».
وقد تمّ نشر المقال مع مقالات لكتاب وأدباء وإعلاميين وسياسيين من مواقع سلطوية مختلفة آنذاك، في كتاب صدر عن دار إقرأ (بيروت) عام 1984 بعنوان: «المقاومة الوطنية في الجنوب اللبناني»، ونشر المقال في الصفحة 175 بعنوان: «خيار الجنوب هو البديل».