مانشيت

هوكشتاين يسقط نبوءة ميقاتي التفاوضية ويعود من تل أبيب إلى واشنطن بدل بيروت / المقاومة: 995 قتيلاً وجريحاً في شهر العملية البرية… والخيام تستعيد أمجاد 2006 / عفيف: المعركة على الرأي العام… يملكون مناورات التفاوض ونملك وقائع الميدان

‬ كتب المحرّر السياسيّ

 

عاد المبعوث الأميركي أموس هوكشتاين يرافقه بيرت ماكغورك مستشار الرئيس الأميركي جو بايدن، إلى واشنطن بدلاً من التوجه إلى بيروت كما كان مفترضا من زيارته الى تل أبيب ولقاءاته مع قادة كيان الاحتلال، حيث نقلت وكالة أكسيوس تقريراً يؤكد فشل المهمة التفاوضية للوفد الأميركي. وقالت مصادر متابعة إن هذا الفشل يقول إن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لا يزال عند سقف طلبات لا تنسجم مع الحد الأدنى الذي يمكن أن يقبل به لبنان المتمسك بالقرار 1701 دون زيادة ونقصان، كما يقول رئيس مجلس النواب نبيه بري، بينما أصيب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بخيبة أمل بعدما بنى على حديثه مع هوكشتاين قبل سفره إلى تل أبيب آمالاً ونبوءات بقرب إعلان وقف إطلاق النار.
مصادر متابعة للمسار التفاوضي قالت إن الذي جعل نتنياهو يطلب زيارة الوفد الأميركي ويعتقد أنه يقدّم تعديلاً جوهرياً في سقفه السياسي للحرب هو التراجعات التي فرضتها عليه المقاومة بفعل ما أظهره الميدان من وقائع حول الفشل العسكري في الحملة البرية ونجاح المقاومة بإقامة توازن ناري لا يزال نوعياً ويتطور تدريجياً على الصعيد الكمّي، لكن لا تزال هناك حاجة ليقول الميدان المزيد حتى ينضج الكيان للعودة إلى المربع الأصلي الذي يمثله القرار 1701 كأساس لتنظيم الوضع عبر الحدود.
الميدان كما قدّمته غرفة عمليات المقاومة في إجمالي النتائج لمواجهات شهر من العملية البرية، يقول إن الاحتلال تكبّد 900 جريح و95 قتيلاً وخسر 42 دبابة و5 طائرات مسيّرة و4 جرافات وناقلة جند مدرعة، وأضاف تقرير غرفة العمليات «أن قوات العدو تتجنب التنقل والتموضع ضمن حقول رؤية مجاهدي المُقاومة خشية استهدافها. وهي تستحدث معابر ومسارات غير مرئية، وتعتمد التسلل ليلًا إلى داخل القرى الحدوديّة والانسحاب منها بعد تدمير منازل المدنيين وتخريب البنى التحتيّة، وإن خطوط الإمداد نحو الجبهة ومحاور الاشتباك لم تنقطع منذ بدء العدوان على لبنان، وما زالت الجبهات تُرفد بالسلاح والعديد اللازم وفق الخطط المُعدّة مُسبقاً»، وقال التقرير «إنه بالرغم من الإطباق الاستعلامي الذي يُمارسه العدو في سماء الجنوب، لا يزال المُقاومون يتمكنون من تربيض وتذخير وإطلاق المئات من الرشقات الصاروخيّة اتجاه نقاط تموضع جنود العدو حتى عمق الكيان بشكل يوميّ ومتواصل وعلى مدار الساعة. وهذا ما تؤكّده المشاهد التي ينشرها الإعلام الحربي. ولم يتمكّن العدو من إحباط أي عمليّة إطلاق من الأراضي اللبنانيّة».
هذه الصورة التي عبر عنها تقرير غرفة العمليات كانت محور المداخلة التي قدّمها مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله محمد عفيف أمام اللقاء الإعلامي الوطني، معتبراً أن جوهر المعركة يدور على الرأي العام عندنا وفي الكيان، والمقاومة تدير حربها لتغيير اتجاه الرأي العام في الكيان وزرع اليأس عنده من جدوى رهاناته على الحرب وتزرع الشكوك بما تفعله قيادة الكيان ويتسبب بتعريض مستوطنيه وأسراه للمزيد من المخاطر، بينما في المعركة على الرأي العام عندنا فإن جوهر الصراع يدور حول تعزيز الثقة بالمقاومة وقدرتها على تحقيق النصر، مقابل التشكيك بمصداقيتها وقدراتها، وفيما نملك وقائع الميدان التي تقدم كل يوم تأكيداً جديداً على قوة المقاومة وقدراتها وإنجازاتها، لا يمتلك الاحتلال ومَن يروّجون له إلا المناورات التفاوضية الفارغة لتثبيط العزائم وإحباط الهمم، والإيحاء بأن الحرب تقترب من نهايتها لإرباك المشاعر، وهنا تأتي مهمة الإعلام المقاوم الذي يتفوّق بصدقه وتعبيره عن حقائق ثابتة رغم ضعف إمكاناته مقابل إعلام مدجج بالإمكانات يروّج للأكاذيب ويبني خطابه على الأوهام.

ولم تفضِ لقاءات ومباحثات المبعوث الأميركي اموس هوكشتاين والمسؤول في البيت الأبيض بريت ماكغورك في «تل أبيب» إلى نتائج إيجابية، وذلك بعد اجتماعهما برئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وكشف مصدر مطّلع لموقع «أكسيوس» الأميركي، مساء أمس، أنّ هوكشتاين «لن يسافر إلى بيروت، وسيعود إلى واشنطن من «إسرائيل» في وقت لاحق اليوم (أمس)».
وقالت مصادر مطلعة لـ»سي أن أن»: «المسؤولون الأميركيّون يشكّكون في إمكانية التوصّل إلى وقف لإطلاق النار قبل الانتخابات الرئاسيّة». واعتبرت المصادر أن «مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركيّة، فإن التوقعات بأن الجهود النهائيّة لإنهاء الحرب في غزة ولبنان ستتكلل بالنجاح أصبحت ضئيلة». وأوضحت أن «هناك شعوراً داخل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ينتظر انتهاء الحملة الانتخابية الرئاسية لمعرفة مَن سيكون رئيس الولايات المتحدة القادم، لكن واشنطن تظل مع ذلك متمسّكة بإرسال مبعوثين كبار إلى المنطقة لمناقشة احتمالات إنهاء الحرب». ونقلت «أكسيوس» عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين قولهم إن نتنياهو ناقش مع هوكشتاين وماكغورك اتفاقاً لوقف إطلاق النار في لبنان.
ولاحقاً أفاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن هناك ضغطاً لتحقيق تسوية في لبنان قبل الأوان والواقع أثبت العكس، مشيراً إلى أننا «نغيّر وجه الشرق الأوسط، لكننا ما زلنا في عين العاصفة وأمامنا تحدّيات كبيرة ولا أقلّل من شأن أعدائنا مطلقاً»، مؤكداً أن «المهم في التسوية في لبنان إمكانية تحقيق الأمن والعمل ضد التسلّح». وأشار إلى أنه لا يحدّد موعداً لنهاية الحرب، مدعياً أنه يضع «أهدافاً واضحة للانتصار فيها وأننا نعالج أذرع الأخطبوط ونضرب في الوقت نفسه رأسه في إيران».
وإذ أعرب نتنياهو عن تقديره بشدة الدعم الأميركي، لفت إلى أنه يقول نعم عندما يكون ذلك ممكناً ولا عند الضرورة، زاعماً أنه «يوجد لـ»إسرائيل» حرية عمل كبيرة في إيران أكثر من أي وقت مضى».
وكان ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلية أعلن أن نتنياهو «أكد للمبعوثين الأميركيين أموس هوكشتاين وبريت ماكغورك أن المسألة ليست الاتفاق بل القدرة على تطبيقه»، وذلك بشأن وقف إطلاق النار في لبنان. ورأى أن «وقف إطلاق النار مع حزب الله يجب أن يضمن أمن «إسرائيل»».
وأفادت صحيفة وول ستريت جورنال عن مصادر، عن «مسودة اتفاق أميركي إسرائيلي تسمح لـ»إسرائيل» بضرب لبنان خلال فترة شهرين انتقالية». وذكرت المصادر «أننا نرجّح معارضة حزب الله وحكومة لبنان لمسودة اتفاق إنهاء الحرب بسبب انتهاكها للسيادة»، مضيفة «وفق المسودة تنسحب «إسرائيل» بعد أسبوع ثم ينتشر الجيش اللبناني لتفكيك بنية حزب الله». وكشفت أن المقرّبين من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «لا يتوقعون التوصل إلى اتفاق قبل الانتخابات الأميركية».
وأكدت أوساط مطلعة على موقف حزب الله لـ»البناء» رفضه «الشروط الإسرائيلية التي يطرحها بعض المبعوثين الأميركيين والغربيين لا سيما منح العدو حق العمل الأمني والعسكري البري والجوي والبحري في الجنوب، كما يرفض الحزب أي لجان دولية لمهمة مراقبة تطبيق القرار 1701 أو التدخل في عمل القوات الدولية والجيش اللبناني الوحيدين المخوّلين تطبيق القرار 1701 بإشراف الحكومة اللبنانية». وشدّدت الأوساط على أن «العدو الإسرائيلي ليس في موقع فرض الشروط ولا المقاومة في موقع الضعيف لكي تقبل بالشروط التي تعتدي على السيادة اللبنانية»، ولفتت الى أن «أي تطبيق للقرار 1701 على الوسطاء والمبعوثين أياً كانوا أن يقدموا للبنان ضمانات بتطبيق العدو لكافة بنود القرار 1701 والانسحاب من كامل الأراضي اللبنانية المحتلة ومنعه من الاعتداء على لبنان». وتوعّدت الأوساط بأن المقاومة ستؤلم العدو ولا زالت في بداية الحرب وتملك بنك أهداف كبيراً والميدان بيننا والعدو سيدفع كلفة باهظة ستجبره على إعادة النظر بعدوانه بعد أن يتيقن بأنه لن يستطيع تحقيق أي هدف من أهداف الحرب سوى التدمير وارتكاب المجازر بحق المدنيين».
وكان إعلام العدو واصل تعميم وترويج المناخ الإيجابي لجهة التوصل الى هدنة مع لبنان، حيث أفاد مسؤول إسرائيلي لشبكة «أيه بي سي»، عن «تحقيق تقدّم كبير نحو وقف إطلاق النار في لبنان». إلا أن جهات رسمية أكدت لـ»البناء» بأن الأجواء الإيجابية التي سادت أمس الأول تضاءلت ويبدو تحقيق اختراق تفاوضي قبل الانتخابات الأميركية أصبح ضئيلاً جداً، وبالتالي رحّلت المفاوضات الى ما بعد الانتخابات وباتت مرتبطة بالميدان وبتوجّه الإدارة والرئيس الجديد في الولايات المتحدة الأميركية.
ومساء أمس، أشار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في تصريح الى أننا «نحقق تقدماً للتوصل إلى تفاهمات بشأن ما قد يكون مطلوباً للتنفيذ الفعال لقرار مجلس الأمن رقم 1701».
وكان العدو الإسرائيلي واصل عدوانه على لبنان متنقلاً بين الجنوب والبقاع على وقع إنذارات بالإخلاء لا سيما في قرى بعلبك، بينما استُهدفت مجدداً سيارة في عاريا، واللافت ايضاً توسّع دائرة الاستهدافات لتصيب بقوة القطاع الصحي والعاملين فيه، موقعة الشهداء والجرحى.
ووجّه المتحدّث باسم جيش العدو أفيخاي أدرعي، تهديدًا إلى سكان مدينة النبطية تحت ذريعة الإقامة بجوار مبنى يستخدمه «حزب الله» لتخزين أسلحة أو وسائل قتاليّة».
في المقابل أعلن «حزب الله» في سلسلة بيانات أنه «استهدف أربع مرات تجمّعات لقوّات العدو في منطقة وطى الخيام بالصواريخ. وأطلق «صلية صاروخية على تجمّع لقوات العدو الإسرائيلي جنوبي منطقة الخيام». كما استهدف «الحزب» تجمعاً لجنود العدو الإسرائيلي شرق بلدة الخيام بصلية صاروخية وقذائف المدفعية. وقصف ‏مستعمرة كريات شمونة مرّتين بصلية صاروخية، وتجمعات لجنود العدو الإسرائيلي في مستعمرتي ليمان وجشر هزيف بصلية صاروخية. و‏قصف ‏مستعمرة كرمئيل. وقال حزب الله: استهدفنا تجمعاً لقوّات العدو في مستعمرة يفتاح بصلية صاروخية.
وأقرّ الجيش الإسرائيلي، بإصابة 15 عسكرياً خلال 24 ساعة 11 منهم «أصيبوا في لبنان و4 في غزة».
وأفادت القناة 13 الإسرائيلية نقلاً عن بلدية المطلة، عن «سقوط 5 قتلى جراء سقوط قذيفة في البلدة بالجليل الأعلى شمالي «إسرائيل»». وأفاد إعلام العدو بهبوط مروحيتين عسكريتين في مستشفى «بلينسون» في «تل أبيب».
الى ذلك، أرسل قائد قوة القدس في حرس الثورة الإسلامية في إيران العميد إسماعيل قاآني برقية إلى الشيخ نعيم قاسم بمناسبة انتخابه أمينًا عامًا لحزب الله، وقال فيها: «أنتم شخصية مجاهدة عريقة تتمتع بسجل مشرّف ومحبة كبيرة بين أبناء الشيعة الأوفياء والمجاهدين الشرفاء في المقاومة».
وأضاف «نحمد الله أنه تمّ اختياركم لتتقلدوا هذه المسؤولية الكبيرة والقيمة في مرحلة تاريخية وقرار مصيري». وتابع قاآني «أحيي الذكرى الخالدة والمقام الرفيع للمجاهد الكبير الشهيد السيد حسن نصر الله والشهيد الكبير والمضحّي السيد هاشم صفي الدين، وللقادة والمسؤولين والمجاهدين والشهداء». وتابع قاآني «إخوتكم في قوة القدس سيبقون إلى جانبكم وإلى جانب حزب الله البطل، حتى اقتلاع الشجرة الصهيونية الخبيثة وتحرير فلسطين والقدس الشريف».
وفي سياق متّصل، بعث رئيس المجلس السياسي في حزب الله السيد إبراهيم أمين السيد برسالة للمجاهدين في معركة «أولي البأس»، ومما جاء فيها: «فئة دمكم هي فئة دم الطاهرين الأبرار الأخيار الصالحين، دم الإيمان والعزم والحزم والصبر والثبات والقوّة والشجاعة. أليست فئة دمكم هي فئة دم السيد الشهيد الأحب والأقدس والأطهر والأبهى؟ أليس دمه يجري في عروقكم؟ فأنتم البقية أنتم الصفوة أنتم الأمانة أنتم الوديعة، أنتم عقله وقلبه وروحه ووجهه وابتسامته وكلماته وعمامته وإيمانه وشجاعته، مَن أنتم؟ سيكتب على أيديكم وبأيديكم نصره وعزته والجلال، قال عنكم العدوّ أنتم تقاتلون بحافز عقائدي وجهادي و»الفضل ما شهدت به الأعداء»، وفي لبنان يقول البعض في صدى ومدى هذا العدوّ ما يعني أنكم مرتزقة، يا لسوء المقارنة، ويا لحقد المقاربة، وأنا أعرف أن البعوض إذا اجتمع على أحذيتكم لا يؤلم وكيف تشعرون بألم وأنتم والملائكة تنتظرون احتفال النصر الإلهي».
على صعيد آخر، شدّدت الهيئتان الشرعية والتنفيذية، في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان، على أهمية دور رئيس مجلس النواب نبيه بري في الاتّصالات لوقف العدوان «الإسرائيلي». وحذّرت الهيئتان، في بيان، من محاولات الاحتلال الفتنوية، وحيّتا الموقف الجامع للعائلات الروحيّة في قمة بكركي.
كما أكد البيان أنّ: «الأولوية، اليوم، هي لوقف العدوان على لبنان، وأنّ النزوح مؤقت»، مشدّدًا على مسؤوليّة الدولة تجاه النازحين. ودعا المرجعيات الدينية في العالم لرفع الصوت عاليًا للوقوف إلى جانب الشعبين الفلسطيني واللبناني.
على المستوى الرسميّ، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أن «التهديدات التي يُطلقها الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين اللبنانيين بإخلاء مدن بأكملها والنزوح عن مناطقهم ومنازلهم جريمة حرب إضافيّة تُضاف إلى سلسلة الجرائم التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي قتلاً وتدميراً وتخريباً». وأشار ميقاتي في تصريح إلى أنه «أبلغ هذا الموقف الى الهيئات الدبلوماسية الفاعلة طالباً تكثيف الصغط على «إسرائيل» لوقف عدوانها وهذا النهج المرفوض بكل المعايير الدولية والإنسانية». وقال: «لقد تبلغنا من الموفد الرئاسي الأميركي أموس هوكشتاين بالامس أنه سيسعى في «إسرائيل» للتوصل الى حل يوقف إطلاق النار تمهيداً للبحث عن سبل التطبيق الكامل للقرار 1701، ونحن في انتظار أن نتبلغ منه نتائج اتصالاته، علماً أن التصعيد الإسرائيلي المستمر والمواقف والتهديدات الإسرائيلية لا تبعث على التفاؤل، على الإقل في الفترة القصيرة المقبلة».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى