المنطقة العازلة الحقيقية

يقول وزير حرب كيان الاحتلال يسرائيل كاتس إن النقاط الخمس التي بقي فيها جيش الاحتلال هي منطقة عازلة وحاجز أمني يمنع استهداف مستوطنات الاحتلال في شمال فلسطين المحتلة، ومعلوم أن مفهوم المنطقة العازلة عسكرياً يستدعي الحديث عن منطقة متواصلة جغرافياً على طول الحدود وبعمق كافٍ لمنع وصول النيران وتسلل المقاتلين، والشرط الأهم هو خلوّ هذه المنطقة الممتدّة على طول الحدود من السكان، ولا ينطبق على البقاء في النقاط الخمس أي من هذه التعريفات، خصوصاً ان هناك مناطق مكشوفة على طول الخط الحدودي قرب الطرق العامة التي تصل قرى الجنوب ببعضها، وهي تطل مباشرة على عديد من المستوطنات، والاحتلال يعلم أن المقاومة مكوّنة من أبناء القرى ومنهم أبناء القرى الحدودية وقد قاتله هؤلاء لأسابيع طويلة وهزموه، وإذا قرّروا إعادة الكرة يستطيعون، وإذا أرادوا امتلاك أسلحة نارية تستهدف عمق الكيان يستطيعون إيصالها وقد فعلوا ذلك من قبل إلى داخل الشريط الحدودي الذي كان محتلاً ويفترض أنه يشكل منطقة عازلة مكتملة الأوصاف.
وظيفة الحفاظ على احتلال التلال معروفة وهي من جهة الاحتفاظ بصورة نصر مزعوم تُقدّم للداخل الذي لا يصدق مزاعم الحكومة عن النصر، والتمركز في تلال مشرفة على أغلب مستوطنات الشمال ليس لمنع عمل عسكري ضدها، بل لمنع تركيب لوحات ضخمة تحمل صورة قائد المقاومة، ومنع رفع أعلام ضخمة للمقاومة يراها كل المستوطنين إذا استخدمت هذه التلال لرفعها.
إذا نظرنا للخريطة التي انتهت إليها الحرب شمالاً وجنوباً، سوف نقع على ظاهرة تعكس موازين القوى الحقيقية التي كرّستها الحرب، بمعزل عن حجم الضرر الذي ألحقه كل من طرفيها بالآخر، حيث نجح الاحتلال بإلحاق الأذى الكبير بالمقاومة وشعبها، لدرجة حجب عنها فرصة اكتشاف ما تسبّبت به المقاومة للاحتلال.
تقول الخريطة الجديدة إن منطقة غلاف غزة، ومنطقة شمال فلسطين، تتحوّلان إلى مناطق خالية من السكان، بالرغم من كل محاولات التشجيع والإغراء التي يقدمها قادة الكيان للمستوطنين للعودة،. وتقول التعليقات الصحافية في الصحف العبرية إن البقاء في التلال لن يخدم التشجيع على العودة بل سوف يعقّدها خوفاً من عمليات حربية يتسبّب بها بقاء الاحتلال، ووفقاً لنظريات الحرب خصوصاً بالنسبة للكيان لا تدافع الجيوش بقوة حيث لا يوجد السكان، وتحوّل الجنوب والشمال إلى مناطق شبيهة بغور الأردن يحوّلها إلى مناطق عسكرية رخوة، أقرب إلى المناطق العازلة التي أقامتها المقاومة داخل الأراضي المحتلة عام 1948 لأول مرة.
منطقة عازلة نعم، مثل النصر المطلق نعم، لكن علينا وليس لنا، يقول عدد من المعلقين الإسرائيليين، لكن البعض لا يقرأ، وإن قرأ لا يريد أن يعرف، وإن عرف لا يريد أن يعترف.