مقالات وآراء

المرأة في يومها العالمي: راح الكثير وبقي الكثير…

 

 سارة طالب السهيل

 

تحتفل دول العالم باليوم العالمي للمرأة في الثامن من آذار (مارس) من كلّ عام، وهو اليوم الذي كافحت فيه النساء لرفع ما يقع عليهنَّ من ظلم وغياب العدالة والمساواة مع الرجل في الحقوق والفرص التعليمية والقيادية في شتى مجالات الحياة.
في هذا اليوم نقدِّم ورود التحية والتقدير لإسهامات المرأة في صنع الأوطان علمياً واقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وتربوياً، وفوق كلّ هذه الإنجازات يتجسّد دورها كأمّ تصنع أجيال الغد من الذكور والإناث على حدّ سواء.
يأخذ الاحتفال في هذا اليوم مظاهر مختلفة من دولة الى أخرى حيث تعبِّر فيها عن تقدير المرأة ودورها في حياة مجتمعها، حتى أنّ بعض الدول تعتبره يوم عطلة رسمية، مثل الصين وروسيا وكوبا، وبعضها يُقيمُ المعارض والندوات لتكريم دور النساء اللواتي قدّمنَّ خدمات جليلة لأوطانهنَّ في حقول التعليم والاقتصاد والسياسة والعلوم والثقافة والفنون وغيرها.
وأهمّ مظهر لهذا اليوم أنه فرصة حقيقية للتوعية بالحقوق المتساوية للمرأة وتمكينها من أداء دورها في المجتمع بمعزل عن التهميش أو العنصرية أو الإقصاء، ومواصلة الجهود المبذولة في مكافحة شتّى أشكال العنف بحق المرأة في العالم كله ونشر ثقافة حقوقها من أهمّ تجلّيات هذا اليوم، خاصة أنّ فكر الظلام المناهض للمرأة يعمل هو الآخر على تقزيم دورها وتهميشها وفقاً لمعتقدات بالية وموروثات هدّامة تعمل على وأد عقلها ومستقبلها العلمي وطموحاتها الإنسانية في الترقّي الفكري والعلمي والثقافي والمهني.
يزدان اليوم العالمي للمرأة بألوان مُبهجة وهي الأرجواني والأخضر والأبيض، وكلّ لون له رمزيته المعبّرة عن رحلة كفاحها في نيل حقوقها، فالأرجواني يرمز إلى الكرامة والعدالة، والأخضر يُعبّر عن الأمل، والأبيض يعبّر عن النقاء.
وهذه الألوان اعتمدها الاتحاد الاجتماعي والسياسي للمرأة في المملكة المتحدة عام 1908، لتكون رمزاً للكفاح من أجل حقوق المرأة.
واللافت أنّ الأمم المتحدة تختار كلّ عام شعاراً للاحتفال بهذا اليوم لكي تعمل مختلف دول العالم على تحقيقه لصالح حقوق المرأة، وهذا التنوّع مفيد جداً في إنصاف المرأة.
والاحتفال باليوم العالمي للمرأة هذا العام يقام تحت شعار «المساواة اليوم من أجل غدٍ مشرق»، وهذا الشعار يكرّس أهمية تحقيق المساواة في مختلف المجالات للمرأة مع الرجل، تحقيقاً لمستقبل ينعم فيه الجميع بالعدل والتعاون والمحبة والبناء المشترك، والأمل في التخلي عن أمراض التعصب وحب الفوقية والتمييز على الآخرين وحب الذات على حساب أصحاب الحقوق المتميزين بجهدهم وعبقريتهم.
في هذا اليوم نفخر في عالمنا العربي بالعديد من النساء اللواتي قدنَ أوطانهنّ والعالم بعبقرياتهنَّ في مجالات عملهنَّ، ومنهنَّ زها حديد المعمارية العراقية التي قدّمت العديد من المشروعات في 44 دولة من دول العالم.
والخبيرة المصرفية المصرية نعمت شفيق، والتي وصفتها مجلة (فوربس) بأقوى امرأة، وهي نائب لمحافظ بنك إنجلترا، والمغربية خديجة عريب التي شغلت منصب رئيسة مجلس النواب الهولندي. وغيرهنَّ الكثير من النساء العربيات.
ترجع فكرة تخصيص يوم للمرأة، إلى كلارا زيتكين زعيمة مكتب المرأة بالحزب الديمقراطي الاجتماعي في ألمانيا، والتي اقترحت عام 1910م، أن يحتفل كلّ بلد بالنساء في يوم واحد من كلّ عام للضغط على تحقيق مطالبهنّ‌، ووافقت أكثر من 100 امرأة من 17 بلداً على اقتراحها، وشكلت شعبة النهوض بالمرأة.
وكلارا زيتكين، من مواليد 1857 في ألمانيا شُغلت بالدفاع عن حقوق المرأة، وعملت صحافية ومترجمة، وناضلت كثيراً من أجل الدفاع عن أفكارها، تركت وطنها وسافرت إلى المنفى بالعاصمة الفرنسية باريس عام 1878؛ بسبب التضييق والحظر على النشاط الاشتراكي في ألمانيا.
أصدر الحزب الاشتراكي في أميركا قراراً بأن يخصص هذا اليوم 8 أذار (مارس) للاحتفال بالسيدات كيوم وطني في البلاد، ولكن رفضت (كلارا زيتكين) وطالبت بأن يكون يوم المرأة يوماً عالمياً وليس يوماً وطنياً يقتصر على المرأة الأميركية فقط.
وبدأ الاحتفال باليوم العالمي للمرأة لأول مرة عام 1911، في ألمانيا وسويسرا والنمسا والدانمارك، ولكن بدأت الأمم المتحدة تحتفل سنوياً به في عام 1975.
وحُدِّد يوم 8 أذار (مارس) للاحتفال بيوم المرأة العالمي، لأنه يصادف ذكرى خروج آلاف النساء في شوارع نيويورك عام 1856 احتجاجاً على الظروف اللاإنسانية التي كنَّ يجبرنَ فيها على العمل.
ومع التقدير لكفاح المرأة في الحصول على حقوقها، وقد تحقق لها الكثير، لكن يبقى أيضاً الكثير من الغبن يقع عليها فلا تزال تعاني التضييق في العمل من الناحية العملية والأخلاقية، وتعاني في المنزل وتفاصيل أخرى، ولا تزال الأقلّ أجراً في العمل، رغم كفاءتها في بعض البلدان، ولا تزال الفجوة الرقمية بينها وبين الرجل كبيرة أتمنّى إزالتها.
وأدعو المسؤولين في بلادنا العربية إلى مزيد من الجهود لتمكين المرأة من الحقوق المتساوية في العمل والتمكين الإقتصادي والإجتماعي والقانوني، وأن تمنح المرأة العاملة إجازة في هذا اليوم أسوة بالصين تكريماً لها وتكثيف الدعاية الإعلامية بدورها المحوري في بناء الأوطان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى