العدوان الإسرائيلي يبقى الأهم في لبنان وسورية

رغم كثرة المشاكل التي يواجهها كل من لبنان وسورية، حيث يعيش البلدان مراحل انتقالية في محاولة بناء صيغة جديدة لتكوين السلطة تحيط بها الكثير من الرهانات والاوهام والأحلام، وتتشابك عندها الكثير من الصراعات والتسويات الإقليمية والدولية، وحيث العلاقة بين البلدين والسلطتين لا تزال تشوبها الكثير من المشاكل، فإن تنظيم الأولويات يستدعي من السلطتين في البلدين الإقرار بأن العدوان الإسرائيلي يشكل الهم الأول.
يتصرف الإسرائيلي في البلدين وفق رؤية قوامها، أن السلطتين الجديدتين فيهما تدور في فلك اقليمي دولي تملك “إسرائيل” قدرة تأثير فيه، خصوصاً حيث تمثل واشنطن بيضة القبان، وحيث رهان السلطتين على النهوض بأعباء الحكم ينتظر دعم واشنطن، سواء في الملفات المالية أو في الملف المرتبط بالعدوان الاسرائيلي.
يحوّل الإسرائيلي علاقته المميزة مع واشنطن ورهان السلطتين اللبنانية والسورية على عدم إغضاب واشنطن، إلى نقطة قوة لصالحه، وتحويل العدوان إلى ورقة ضغط لجلب السلطتين إلى طاولة تفاوض يفرض فيها شروطاً تمس السيادة الوطنية للبلدين، ويستطيع عبرها استعادة بعض ما فقده من صورة للقوة أمام بيئته الداخليّة مع خسائره خلال الحرب الأخيرة، وما تسبّبت به من تراجع الثقة بحجم القوة وقدرة الردع.
يحوّل الإسرائيلي كل جنوب لبنان وكل جنوب سورية، إلى مناطق عمليات لاستعراض القوة، وهو يدرك أن اتساع نطاق العمليات كافٍ لإرباك مشاريع السلطتين في لبنان وسورية لتثبيت مواقعهما، ويعطل فرص مواجهة كل الاستحقاقات والمشاكل الأخرى، حيث لا نهوض اقتصادي ولا تماسك سياسي دون استقرار أمنيّ يصبح مستحيلاً يوماً بعد يوم مع اتساع العدوان وتنامي تأثيراته السياسية على داخل كل من البلدين.
التعامل مع العدوان الإسرائيلي من جهة والحماية الأميركية المتماهية مع العدوان من جهة أخرى، يشكلان نقطة البداية في ترتيب أولويات البلدين، ويمثل هذا التعامل حافزاً لتعزيز الوحدة الوطنية في كل من البلدين، ومغادرة رهانات الاستقواء والاستضعاف، كما يمثل أيضاً حافزاً لمقاربة العلاقة بين البلدين من هذه الزاوية، وتحفيزاً للرعاة الإقليميين للسلطتين لأخذ هذه الأولوية في الاعتبار.