إذا الموؤدة سُئلت بأي ذنب قُتلت

بشارة مرهج*
وإذا الموؤدة سُئلت بأيّ ذنب قتلت، كيف للقاتل – من أيّ طرف كان، وفي أيّ زمان كان – أن يردّ على هذا السؤال العظيم، وكيف له أن يدّعي الإيمان ويده تقطر دماً، لا بل كيف له أن يفرّ من المساءلة والعقاب، والوزر واقع عليه لا محالة. ثم من أين جاء بالوكالة ليضرب الأعناق والله تعالى قال للرسول العربي الكريم وما أنت عليهم بوكيل.
إنّ العبارة المجتزأة، إذا اقترنت بقصد سيّئ، تحوّلت كلماتها إلى خناجر صدئة تخاطب الغرائز وتثير الخواطر وتفتح ثغرات كبار يدخل منها صغار نفوس وقساة قلوب، لضرب الطمأنينة والاستقرار، سواء أتوا من الحيّ القريب، أو من مختبر بعيد. وأيّ فضل يبقى للدولة إذا قصّرت عن تأمين السلامة والكرامة لمواطنيها بصرف النظر عن لونهم أو جنسهم أو معتقداتهم أو طوائفهم.
أمّا السلاح المتفلّت سواء نبا في عهد سابق أم في عهد قائم فهو سلاح يثير القلق والجزع، حيث إنه بلا مرجع أو مسوّغ، ولا مبرّر لانتشاره، خاصة عندما تتفرّج عليه الدولة، أو تحتفي به سراً، أو تسكت عليه مطأطأة الرأس.
من حق الدولة أن تحتكر السلاح. ومقابل ذلك عليها حماية الأرض والسيادة وتوفير الأمان للناس وصدّ كلّ المحاولات الرامية إلى الانتقاص من حقوقهم أو السطو على ممتلكاتهم.
وعندما تحتاج الدولة إلى مؤازرة شعبها لصدّ احتلال أو عدوان يحق للشعب، حينذاك، أن يحمل السلاح دفاعاً عن النفس ومسقط الرأس. وأفضل المعادلات في هذا الشأن تلك التي تستقيم تحت كنف الدولة فيضطلع الطرفان بمسؤولية تاريخية مشتركة تفرضها حالات جسام.
إلى ذلك فإنّ الدولة الحقيقيّة الواثقة من نفسها، المصمّمة على أداء دورها الصعب في زمن المحن والويلات لا تكتفي بالوعود، وإنّما تقرن ذلك بالعمل المُضني لإشاعة العدل والمساواة بين مواطنيها فلا يشعر أحدهم بالغبن، ولا يملك أحدهم امتيازاً، فتعود الفتنة إلى جُحرها وتبرز القضية التي توحّد الشعب ويتوحّد فيها.
إنّ سورية هي صخرة المنطقة، وكلّ مخلص يتطلع إلى ثبات هذه الصخرة التي ساهمت عبر التاريخ في تنمية المنطقة وتحصينها ورد الغزوات عنها، خاصة عندما كانت تضع يدها بيد مصر وسائر الحاضرات العربية.
أما سورية اليوم، فنهضتها هي حاجة لها مثلما هي حاجة لكلّ بلدان الأمة المتمسكة بأرضها وتراثها وحريتها واستقلالها. وتلك النهضة نتلمّسها ونشعر بسطوعها كلما دافعت سورية عن وجودها وتعدّديتها وحرية شعبها، وكلما جعلت القانون حجّتها ومحجّتها وتاج رأسها.
*نائب ووزير سابق