الحريري يفاوض للعودة الى السرايا بالشارع.. وعون إلى الاستشارات بمَن حضر خلال أيام مصادر “البناء”: حادثة الجيّة كمين مدبّر لاستدراج الفتنة وضبط الطرقات مسؤولية الأمن والقضاء

محمد حمية

على إيقاع مفاوضات الساعات الأخيرة بين ثنائي أمل وحزب الله مع الرئيس سعد الحريري لحسم الخيارات قبيل أن يدعو رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للاستشارات النيابية بمن حضر، شهد لبنان خلال اليومين الماضيين جملة أحداث متتالية وممنهجة كان نتيجتها سقوط شهداء على طريق بيروت – الجنوب، في كمين محكم بحسب ما وصفه خبراء عسكريون على يد أنصار يتبعون لتيار المستقبل والحزب الاشتراكي في منطقة الجية – برجا. فيما كانت لافتة درجة الاستنفار لمجموعات من تيار المستقبل في مناطق معينة لا سيما في الطريق الجديدة وقصقص، حيث عمدوا الى قطع الطرقات والاعتداء على المارة، بينما سجّل ظهور مسلح لعناصر تابعة للتيار في أكثر من منطقة، قبل أن يعلن تيار المستقبل في بيان لمناصريه عدم المشاركة في أية تحركات احتجاجية والانسحاب من أي تجمّعات شعبية والامتناع عن تنظيم المواكب الدراجة والسيارة، فيما شهدت المناطق المذكورة انتشاراً كثيفاً للجيش اللبناني.

وأثار حادث الجية الذي راح ضحيته شهيدان هما حسين شلهوب وشقيقة زوجته سناء الجندي وجرح ابنته نور شلهوب، تساؤلات عدّة كان أبرزها دور الجيش في حماية المتظاهرين كما وعد قائد الجيش العماد جوزاف عون في تصريحاته الأخيرة، وما إذا الحادث مدبّراً من جهات حزبية لإيقاع الفتنة واستغلالها سياسياً؟ وما الذي يضمن عدم تكرار هذه الحادثة وأين يصبح البلد حينها؟

وعلمت “البناء” أن “قيادة الجيش اللبناني كانت قد التزمت مع أمل وحزب الله بفتح الطرقات لا سيما طريق صيدا – الجنوب، لكن ما حصل في الجية امس كان عملاً غادراً لم يتحسّب له الجيش والنقطة التي استهدفت فيها السيارة هي نقطة جديدة بعيدة عن النقاط المعتادة”، وأشار خبراء أمنيون لـ”البناء” الى “أن الحادث كمين وليس قطعاً عادياً للطرقات، والدليل على ذلك وضع عمود حديدي على طريق مائل ووضع زيت محروق يستعمل للمرة الأولى فضلاً عن رشق السيارة بالمولوتوف ما أدى الى حرقها”، وفيما حاولت بعض الجهات رمي المسؤولية على الجيش بأنه هو مَن وضع الحاجز، نفى مصدر عسكري رسمي ذلك مؤكداً أن الجيش لم ينصب حاجزاً في المكان. ولفتت مصادر عسكرية لـ”البناء” الى أن “تحميل الجيش مسؤولية الأمن في كل لبنان وحده خطأ، فالأمن لا سيما قطع الطرقات من مسؤولية ثلاث جهات: قوى الأمن الداخلي – القضاء – الجيش، فضلاً عن القرار السياسي المتمثل برئيسي الجمهورية والحكومة والحكومة مجتمعة والاحزاب السياسية كافة”. وتشير المعلومات الى أن “المنطقة التي وقع فيها الحادث تقع تحت سيطرة الاشتراكي والمستقبل”.

وحذّرت مصادر مطلعة لـ”البناء” من أن “قيادات ثنائي أمل وحزب الله عملت على ضبط جمهورها طيلة هذه الفترة، رغم فورة بعض الشبان، لكنها لا تستطيع ضبط الشارع بعد سقوط دماء بريئة”، متوقفة “أمام مستوى التحذير في بيان المجلس الشيعي الأعلى للمرة الاولى”. وأشارت الى أن “الثنائي الشيعي لوّح بإمكانية فتح الطرقات بالقوة إذا عجز الجيش عن ذلك ورفضت القوى السياسية التعاون”.

على الخط الحكومي، أفادت أوساط “البناء” الى أن “الرئيس سعد الحريري مقيّد بمعادلة خارجية قوامها تأليف حكومة بلا حزب الله ورئيس التيار الوطني الحرّ الوزير جبران باسيل، وفي الوقت نفسه يريد ترؤس الحكومة ولا يريد التنازل عن شروطه ولا تسمية شخصية غيره ويعمل على حرق أي مرشح بديل ووضع عراقيل أمامه”، مشيرة الى أنه “وإن سمّى أحداً غيره سيسعى الى وضع الشارع في وجهه لإسقاطه والعودة إليه كخيار نهائي ووحيد، وهو يخشى أيضاً أي الحريري بأن استبعاده في هذه المرحلة يجعل من الصعب عودته في مراحل لاحقة، كما يخشى قبوله بالتنازل وتجديد التسوية مع عون وباسيل وحزب الله أن يتعرّض لضغوط وعقاب اميركي وتعيد واشنطن الى تحريك الشارع في وجهه، لذلك يفاوض بالشارع لفرض شروطه التي تعيده الى موقع رئاسة الحكومة برضى خارجي”.

وفيما يتمّ التداول باسمين لتأليف الحكومة الاول الوزير السابق الدكتور بهيج طبارة والنائب الحالي سمير الجسر”، لفتت الأوساط الى أن “اتجاهاً لدى الرئيس عون لإعلان الاستشارات بمن حضر خلال 24 ساعة يعني استبعاد الحريري إذا استمرّ في فرض شروطه، وبالتالي فإننا متجهون الى مرحلة كسر عظم يرافقها زيادة التوترات في الشارع”. وقال وزير الدفاع الياس بوصعب إن الساعات المقبلة قد تكون حاسمة في الاتفاق حول اسم رئيس الحكومة المكلف.

وعلمت “البناء” أن الرئيس عون ينتظر أجوبة حاسمة خلال 24 ساعة، خصوصاً من قبل الحريري الذي لم يوقف مشاوراته مع الوزير علي حسن خليل والمعاون السياسي للسيد حسن نصرالله الحاج حسين الخليل.

وبحسب المعلومات، فإن المدير العام للشؤون السياسية في الخارجية البريطانية ريشارد مور الذي يزور لبنان حالياً والتقى المسؤولين، لم يطرح أي حل، ولم يدخل في تسمية أي رئيس حكومة بل شدّد على أن من يجب أنه سيُكلف الحكومة عليه ان يسمع للمتظاهرين.

زر الذهاب إلى الأعلى