شكل انتصاراً ساحقاً على كل المتآمرين من العرب والأجانب السوريون يقترعون بكثافة في الأردن لاختيار رئيسهم المقبل

شكل انتصاراً
هلا دواي
“مستوى عال من التنظيم وازدحام غير طبيعي لممارسة الحق الدستوري في الانتخاب هذا هو الرد القاتل على طرد السفير السوري” هكذا علق أحد السوريين الموجودين في الأردن على المشاركة الكثيفة في الانتخابات الرئاسية في الخارج، وهو ما شكل حالة من الجنون والهستيريا في السفارات التركية والسعودية والقطرية وأخواتها الغربية.
وبعيداً عن الخوض في تفاصيل الخطوة التي أقدم عليها الأردن والتجرؤ على طرد السفير السوري باعتباره شخصاً غير مرغوب فيه، لا بد من الإشارة باختصار إلى الحقبة التاريخية لتشكل الأردن كإمارة ثم مملكة وطريقة ظهوره على الخريطة بعد احتلال فرنسا لدمشق 1920، وارتهانه منذ نشوئه للسياسات الاستعمارية في المنطقة العربية.
تلك الحقبة بدأت بخروج الأمير عبد الله بن الشريف حسين على رأس قوة عسكرية إلى مدينة معان بحجة مساندة أشقائه في دمشق ولكن سرعان ما تخلى عن هذا الهدف وعن دعمه للوطنيين الأحرار فيها مقابل إقامة إمارة شرقي الأردن تحت قيادته وذلك على اثر معاهدة مع تشرشل “وزير المستعمرات البريطانية “.
هذا الماضي المرتهن للغرب ظل صامداً وترسخ باتفاقية وادي عربة مع الإسرائيليين 1994، واستمر حتى يومنا هذا بالمواقف المتخاذلة النائية بالنفس عن حقوق العرب وتطلعاتهم نحو الوحدة والحرية.
اليوم في ظل الأزمة السورية حاول الأردن اللعب على وتر العلاقات مع سورية فلا نجده يقف موقفاً حازماً مما يجرى، تارة نراه مؤيداً للحل السياسي الشامل ووقف نزيف الدماء فيها وفق تصريحات العاهل الأردني وتارة نراه مشاركاً في العدوان عبر ارتضائه تشكيل معسكرات تدريب قتالية للقوات الأميركية على أراضيه وهذا إن دل على شيء فيدل على الانبطاح والعمالة للغرب والتخطيط لتحريك الجبهة الجنوبية لمؤازرة المسلحين الارهابيين ضد الدولة السورية، متناسين تحذيرات الرئيس الأسد لخطورة امتداد الحرب باتجاه الجبهة الأردنية وامتداد رياح الربيع المطالبة بالإصلاح والحرية إلى الأوساط الشعبية فيه.
على مشارف الانتخابات الرئاسية السورية يجاهر الأردن بخطوة طرد السفير السوري في محاولة لشيطنته وإظهاره كرجل استخبارات يعمل لمصلحة النظام ويجبر الرعايا السوريين في الأردن على التصويت لمصلحة الأسد، وبذات الوقت محاولة لتفريغ السفارة السورية من كل من هو حريص على إجراء انتخابات نزيهة، فلو كان السفير السوري في الأردن معارضاً للدولة السورية لكان ما شهدناه مخالفاً تماماً، وإلا فأي تفسير يمكن أن يبرر هذه الخطوة غير أنها تصب في مصلحة من يحاولون عرقلة الانتخابات التي أثبتت استطلاعات رأي الاستخبارات الغربية فوز الأسد في أي انتخابات مقبلة.
ساعات قليلة ما لبث فيها أن تغير الموقف الأردني وبدأ التراجع مخففاً من هول الخطوة ومؤكداً أن خطوة الطرد ليست مرتبطة بموقف الأردن من الأزمة السورية بل هي مرتبطة بسلوك السفير وشخصه، فما الرسالة التي يحاول الأردن إرسالها؟ وهل يظن أن تصرفه هذا يشكل تغييراً في نتائج الانتخابات؟ وهل يظن أنه سيؤثر بهذا الموقف على آراء السوريين في الأردن؟
وكان الثامن والعشرون من أيار الضربة القاضية لكل المتآمرين، حيث شكل مشهد وصول السوريين منذ الصباح لممارسة حقهم الدستوري في انتخاب رئيسهم المقبل، أعظم اختبار لقدرة السوريين على تحمل طعنات “أشقائهم” العرب، وكان الرد عظيماً بالتصويت وبرسالة مباشرة لكل المتآمرين “أن لن يثنينا تهديد أو وعيد أو ضغوط وتفجيرات لا داخل سورية ولا خارجها وسننتصر في هذه الانتخابات وسنقول كلمتنا كما انتصرنا عسكرياً بقوة السلاح”.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى