المشكلة السعودية…
سناء أسعد
تحاول السعودية جاهدة إشعال المنطقة بحرائق مفتعلة لقطع الأوكسيجين عن كلّ روح مقاومة، وتحويل الأراضي العربية إلى رماد وفتات، ولإحداث البلبلة في كلّ مكان وفتح المجال لإثارة التساؤلات عن أسباب تلك الحرائق والإسراع لإخمادها بتقديم الطاعة لمملكة الرمال حتى تكفّ عن الشغب والتصرفات الصبيانية في ما يخصّ الانعطافات المتغيّرة والمتقلّبة لمواقفها الصهيونية المخزية الهادفة بشكل أوّلي إلى زرع الانقسامات الخادمة لكلّ تجربة من المحتمل ابتكارها سواء أكانت تصلح أو لا تصلح لخلق فرص جديدة يمكن معها إحداث ثقب هنا وخرق وتشقق هناك لتشريح الجسد المقاوم والوصول إلى عمقه لتكسير صلابته وفكفكة ترابطه بآلية استفزازية، تهجّمية، استعمارية محقونة بالسموم الفتّاكة لنشر المرض الوهابي في ذلك الجسد القوي، حتى يضعف ويهلك، كما يتوهّمون، بعد بتر أطرافه وتشويه أعضائه وقطع منافذ تنفسّه وصولاً إلى العصب المركزي.
نظريات سعودية جديدة تحاول فرض معادلات صهيونية في المنطقة تتطلّب قلب المواقف السياسية وبشكل علني إلى صفقات تجارية، ووضع مصير الشعوب في المزاد العلني.
حملات سعودية تجوب الدول تحت عنوان أنت معي أم ضدّي . أنت معي إذاً أنت موجود وإن لم تكن معي فانتظر الفناء والزوال بالآفة السعودية… آفة الأموال النفطية وخزائن العار التي أفرغت جميع محتوياتها لهلاك العرب وخدمة «إسرائيل».
حملة وهابية صهيونية لشراء المواقف الدولية ونزع السيادة والحقّ في إصدار القرارات وتبنّي الانحياز أو التضامن في أيّ موضوع يتعلق بالأحداث الجارية، خصوصاً في ما يتعلق بالأزمة السورية، ومصادرة حرية الرأي والتعبير تبعاً للرؤية وطبيعة المشهد الذي يتطلب هذا الرأي أو ذاك…
فكلّ من يخالف صهينة بني سعود يجب أن يصادر ويتوقف ويحبس أو يحتسب عمالة وطنية تصبّ لمصلحة حزب الله ومحور المقاومة، وهذا ما يعرقل المهمّة الصهيونية لتلك الوحوش الوهابية التي تحفر وتنهش بالماكينة العبرية في كلّ مكان وفي كلّ زاوية يمكن النهش فيها لتفتيتها وردمها وإحداث الفجوات وتوسيعها على معابر الحدود للنهوض بمشروع بناء «إسرائيل» جديدة على مساحات الجغرافيا العربية كافة، ووضع هذا المشروع بكفالة المال النفطي لإنجاحه… «وقع كي تقبض»…
فالمهمّ عند بني سعود أن يشعر «الإسرائيلي» بالارتياح تجاه أيّ فعل تقوم به السعودية أو قرار تصدره، خصوصاً إذا كان يصبّ في بوتقة محاربة محور المقاومة.
«إسرائيل» أرادت إلباس الصراعات والاشتباكات الدائرة في الأوساط الدولية ثوب الطائفية، والسعودية بصمت لها على ذلك بحبرها النفطي وإرادتها المتهاوية وعقليتها الرجعية الوهّابية المتخلفة. فالسعودية أبعد ما تكون عن السيادة، حتى أنه لا يمكنها الالتفاف حول هذا المصطلح كتعبير مجازي أو ما يقارب الصورة التشبيهية، لذلك هي تتوهّم أنها قادرة على خلق وقلب الموازين لمصلحتها، وذلك أشبه بتوهّمها بأنّ الشارب والذكورة يعبّران عن الرجولة، وبأنّ قصف الأراضي وانتهاك السيادة والتسليح والترهيب وتسويق التهديدات والتفاهم والاندماج مع «إسرائيل» وأميركا يدلّ على أهمية تلك الدولة أو غيرها، أو توهّمها بأنها دولة قائمة بذاتها وبكيانها لمجرد امتلاكها قارورات النفط والرزم المالية.
لقد تخلّص لبنان من العار الذي سُمّي «الهبة السعودية»، تلك الهبة التي ما كانت يوماً إلا صفقة تجارية يجب تذكير لبنان بها أمام كلّ موقف وتصريح. فالخطأ في إطلاق التسمية يستوجب الخطأ في النتائج، ذلك أنّ منح الهبة لا يندرج ضمن بنود المصالح ولا يلوّح بها في الأفق وعلى الأسطح والمنصّات، ومن يريد فعل الخير بطريقة جدية لا يحاول تعليقه على أيّ احتمال. لكنّ هذا آخر ما تفكر به السعودية، أو أنها لا تفكر به البتة، فأمر توظيف أموالها لقتل وتشريد وتجويع الشعوب وانتهاك الحرمات سواء في اليمن أو سورية لا يحدث عن خير بني سعود الذين تبجّحوا بتلك الهبة التي لا يخرج أمر وقفها عن كونها مؤامرة أخرى ضدّ حزب الله، بالاشتراك مع جماعتها في لبنان الذين بدأوا بشنّ الهجمات ضدّ الحزب واتهامه بما أرادته السعودية و«إسرائيل»…
استقال ريفي على خلفية قطع الهواء السعودي عن لبنان، والذي سيحتضر برأي بعض القوى اللبنانية، جراء قطع الرياض علاقتها معه، وكأنّ هذا البعض يلمّح إلى أنّ الشعب اللبناني في الداخل والخارج سيوضع تحت التنفس الاصطناعي إذا لم يتم تدارك الموضوع وإذا لم تتخذ الإجراءات المناسبة ضدّ حزب الله الذي يُتهم بتأزيم الوضع المعاشي والسياسي والرئاسي في لبنان. لذلك لا بدّ من وضع حدّ لتدخل الحزب في أتون الحرب السورية، وقطع العلاقات مع إيران، ومنعه من تسلّم الأسلحة التي يمكن أن تثير الهلع «الإسرائيلي»، حتى يعيش لبنان آمناً مستقراً…!
لا نعرف ماذا ينتظر هذا البلد الذي يعاني الشلل في مؤسساته الدستورية كافة، ويعاني العجز عن حلّ أيّ مشكلة، بل إنّ الوضع يتفاقم سوءاً، فلا ندري إذا كانت قوى الرابع عشر من آذار تجهّز أوراق الاستقالة لكافة أعضائها تضامناً مع السعودية، أو أنهم سيُضربون عن الطعام لإثبات عشقهم وولعهم وتبعيتهم لشيء لبني سعود و«إسرائيل»، أو أنهم سيحملون حمالهم يتباكون وينوحون في أحضان مملكة الرمال للتراجع عن قرارها أمام جملة من الوعود، بالعودة بالزمن إلى الوراء واسترجاع الهجمة السعودية ضدّ إيران لإدانة الهجوم الإيراني ضدّ السفارة السعودية، وإعدام ميشال سماحة، حتى تهنأ السعودية وترتاح «إسرائيل».
ولكن من الجدير بالذكر أنّ السعودية تذكرت أنها تمنح السلاح للجيش اللبناني لمحاربة الإرهاب، وهذا ما يخالف نهجها وأسلوبها المحاذي بكلّ خطواته لدعم الإرهاب وأنها تذكرت مخاوفها من السلاح الذي يمكن أن يصل إلى حزب الله من إيران أو سورية أو حتى روسيا. فكيف لها أن تدخل سلاحاً إلى الأراضي اللبنانية يمكن أن يصل بدوره إلى حزب الله؟